في ذكرى ميلاد السيسي الـ71… لماذا مُنع عنان من الترشح عند السبعين بينما يُسمح للمنقلب بالاستمرار بعد ال٧٥؟

- ‎فيتقارير

في ذكرى ميلاد السيسي الـ71… سؤال العمر يعود: لماذا مُنع عنان من الترشح عند السبعين بينما يُسمح للمنقلب بالاستمرار بعد الخامسة والسبعين؟

 

تزامن بلوغ عبد الفتاح السيسي عامه الـ71 في 19 نوفمبر مع اليوم العالمي للمراحيض بدا مادة ثرية للتعليقات الساخرة على مواقع التواصل، لكنه في السياق السياسي يفتح باباً واسعاً لتحليل أعمق يتعلق بمعايير السلطة، وحدودها، والازدواجية التي حكمت المشهد منذ انتخابات 2018 وما تلاها.

 

مفارقة عمرية تكشف جوهر الأزمة في انتخابات 2018، عندما أعلن الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش الأسبق، عزمه خوض السباق الرئاسي، كان واحداً من أبرز المنافسين المحتملين للسيسي.

 

ورغم أن أسباب إبعاده عن السباق كانت متعددة في طبيعتها، فإن من بين المبررات التي طُرحت في الخطاب الإعلامي الموالي للسلطة آنذاك أن “عنان بلغ السبعين”، ما تم تصويره كسنّ متقدم لا يؤهله –وفق ذلك الخطاب– لتحمل مسؤوليات المنصب.

 

اليوم، يعود السؤال بإلحاح: إذا كانت السبعون عائقاً أمام مرشح، فكيف تصبح الخامسة والسبعون أمراً عادياً عندما يتعلق الأمر بالسيسي نفسه؟ إعادة صياغة قواعد اللعبة الواقع أنّ تعديلات الدستور في 2019، التي مُدّد بموجبها حكم السيسي حتى 2030، أعادت تشكيل منظومة السلطة لتجعل من العمر مجرد رقم في معادلة سياسية محسومة مسبقاً.

 

إذ أصبح تحديد أهلية الرئيس، أو مدة بقائه، خاضعاً لإرادة السلطة نفسها، لا لنظام انتخابي متوازن أو منافسة حقيقية. وبينما جرى تقديم مبررات “العمر” في حالة عنان كحقيقة قاطعة، يجري تجاهل الأمر نفسه عندما يتعلق بالرئيس القائم.

 

بل إن الخطاب الرسمي يُظهر السيسي باعتباره “القائد الضرورة” الذي لا بديل عنه، بغض النظر عن السن أو فترات الحكم المتعاقبة.

 

ازدواجية المعايير: سياق أوسع من سنّ المرشح

 

 قضية العمر ليست سوى عنوان بسيط لمشهد سياسي أكثر تعقيداً.

 

فالإشكال الحقيقي ليس في أن السيسي يبلغ الآن 71 عاماً، وسيكون فوق 75 عند الانتخابات المقبلة، بل في أن معايير الترشح ذاتها مرنة.

 

تُطبّق بصرامة على المنافسين، وتُلغى عندما يتعلق الأمر بالحاكم.

 

هذه المفارقة العمرية تكشف أن أزمة الحياة السياسية في مصر ليست تقنية ولا دستورية فقط، بل تتعلق أساساً باحتكار السلطة، وإقصاء البدائل، وتفريغ الانتخابات من مضمونها التنافسي.

 

غياب مبدأ تكافؤ الفرص كان الفريق سامي عنان ـ باعتباره شخصية عسكرية بارزة وخبيراً في إدارة المؤسسات ـ يمثل ثقلاً سياسياً قادراً على تحريك المشهد.

 

لكن منعه من الترشح أرسل رسالة واضحة: المعيار ليس الكفاءة ولا العمر، بل الولاء وضبط المشهد وفق ما تريده الدائرة الحاكمة. في المقابل، يُعاد ترتيب القوانين وتُفصّل المواد الدستورية لتناسب بقاء السيسي في السلطة مهما بلغ عمره، ما يرسّخ قناعة واسعة بأن الدولة تعمل بنظام “القواعد المرنة”، حيث يصبح كل قانون قابلاً للتعديل ما لم يعكّر صفو استقرار رأس السلطة. خلاصة تحليلية إذا كان منطق “سنّ السبعين” قد استُخدم كذريعة لإقصاء عنان، فإن استمرار السيسي لما بعد الخامسة والسبعين يكشف بوضوح أن السنّ لم يكن يوماً معياراً حقيقياً في تقييم أهلية المرشحين للرئاسة.

 

العامل الحاسم كان –ولا يزال– هو السيطرة على المجال السياسي، وإحكام القبضة على مؤسسات الدولة، والتحكم في من يحق له الظهور كبديل محتمل.

ولذلك، فالسؤال الأهم اليوم ليس: هل يجوز للسيسي الترشح مرة أخرى رغم عمره؟ بل: هل يُسمح أصلاً لأي شخص آخر بالترشح في نظام لا يعترف بمبدأ التداول؟