رغم إعلان حكومة الانقلاب فى مطلع العام 2025 عن استراتيجية جديدة لخفض الديون الخارجية إلا أن إجمالي الدين الخارجي لنظام الانقلاب ارتفع إلى 161.2 مليار دولار بنهاية العام المالي الماضي 2024-2025، بزيادة 8.3 مليارات دولار، تمثل 5.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفق ما أظهره تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري الصادر عن البنك المركزي .
زيادة الديون الخارجية تعنى زيادة فوائد وأقساط الديون التى يتوجب على حكومة الانقلاب سدادها سنويا على حساب احتياجات الشعب المصرى خاصة فى قطاع الصحة والتعليم وتوفير الاحتياجات الضرورية وهو ما تسبب فى تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار والارتفاع الجنونى فى الأسعار .
أصول جديدة
لمواجهة هذه الأزمة توقع أستاذ اقتصاديات التمويل، الدكتور حسن الصادي أن يلجأ نظام الانقلاب إلى بيع أصول جديدة وإبرام صفقة كبرى، تتخطى قيمتها صفقة رأس الحكمة، لتأجيل افلاس البلاد وانهيار الاقتصاد المصري مؤكدا أن العام 2025، مثل اختباراً صعباً لأن نظام الانقلاب لا يسدد الديون بشكل فعلي وانما يقترض ليسدد وبالتالي أعباء الديون مستمرة، خاصة وأننا نقترض بفائدة مرتفعة .
وقال الصادى فى تصريحات صحفية ليس أمام الانقلاب سوى اللجوء لصفقة بيع أصول كبرى لوجود فجوة تمويلية تُقدر بنحو 30 مليار دولار في موازنة دولة العسكر بجانب أن المؤسسات المالية الدولية لا ترغب حالياً في إقراض الانقلاب مع زيادة مخاطر الائتمان، مشيرا إلى أن القدرة على إصدار سندات في الأسواق الخارجية باتت شديدة الصعوبة، لا سيما مع حجم المخاطر التي تواجه الاقتصاد المصري، وفي مقدمتها ضعف قدرة السداد من المصادر الذاتية، وتراجع إيرادات قناة السويس .
وانتقد استمرار حكومة الانقلاب في نهج رفع سعر الفائدة على سندات الاستثمار في الديون، لأن من شأن ذلك أن يزيد من فاتورة الديون وبالتالي زيادة الأقساط والفوائد والأعباء على الميزانية، مستشهداً بحديث رئيس وزراء الانقلاب بأنه سُدّد نحو 39 مليار دولار من أقساط الديون والفوائد خلال العام الماضي، مع أن الدين لم يهبط سوى 18 مليار دولار فقط، في حين سُدد 21 مليار دولار فوائد ديون فقط خلال 2024، وهو رقم كارثي يكشف عن دفع فائدة تُقدر بنحو 12.5% على القروض، وهو رقم غير مسبوق بالنسبة للقروض الدولارية ولا يجب الاستمرار في هذا الاتجاه .
وكشف الصادي، أن هناك تحدياً مرتبطاً بالديون وفوائدها في 2025، يتمثل في سعر صرف الدولار أمام الجنيه، معتبراً أن سعر الصرف لا يعبر عن آلية العرض والطلب، وإنما هو قرار سياسي، ولذلك يجب توخي الحذر في إصدار أي قرار يتعلق بمستقبل سعر الصرف الفترة المقبلة.
أذون الخزانة
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي، أن حكومة الانقلاب ليس أمامها إلا أن تواصل الاعتماد على أذون الخزانة والسندات لتمويل الفجوة التمويلية في ميزانيتها، خاصة وأنها تمنح المستثمرين فائدة مرتفعة، وبالتالي تمتلك فرصة كبيرة لجذب أموال ساخنة جديدة خلال العام المقبل .
وقال الإدريسي فى تصريحات صحفية ان تَحول المركزي المصري لمسار تخفيض سعر الفائدة لن يكون له تأثير على تدفقات الأموال الساخنة، موضحا أن البنك المركزي سبق أن رفع سعر الفائدة بمقدار 8% في عام 2024، ولذلك فإن أي تخفيض مُحتمل في سعر الفائدة لن يؤثر على جذب استثمارات خارجية، كون الفائدة مرتفعة للغاية، ورءوس الأموال تذهب باتجاه الفائدة الأعلى.
وشدد على ضرورة الاستمرار في مسار خفض الدين، خاصة وأن موازنة العام المالي الحالي تشهد تخصيص 48% لخدمة الديون وفوائدها، وهو رقم خطير يؤثر على الإنفاق على التعليم والصحة والأساسيات المُقدمة للمواطن.
وأشار الإدريسي إلى ضرورة أن تتبنى حكومة الانقلاب سياسة مختلفة تتعلق بالمشروعات القومية مطالبا حكومة الانقلاب بانتهاج سياسة تقوم على إعطاء الأولوية للمشروعات ذات العائد في الأجل القصير، وعدم الانخراط في أي مشروعات ذات عائد طويل الأجل، خاصة وأن الاقتصاد المصري مُنهك بسبب كثرة المشروعات التي انخرطت حكومة الانقلاب فيها في السنوات الأخيرة دون عائد أو جدوى اقتصادية .
وأعرب عن أسفه لأن العامين الماضيين شهدا ارتكاب الكثير من الأخطاء على مستوى السياسات النقدية، وتحديداً فيما يتعلق بتدبير الدولار وطرق صرفه.
أزمة الميزانية
فى المقابل قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمود الشريف : مع ارتفاع حجم الدين الخارجي، أعلنت حكومة الانقلاب عن صياغة استراتيجية جديدة لخفض الديون بهدف تقليص نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 85% خلال العام المالي الحالي، مقارنة بالمستوى الذي يتجاوز 96%. العام المالى الماضى
وكشف «الشريف» فى تصريحات صحفية أن تراكم الديون يشكل أزمة على الميزانية المصرية، حيث تستهلك الديون وفوائدها أكثر من 80% من إجمالي المصروفات الحكومية.
وأضاف أن حكومة الانقلاب تسعى إلى خفض هذه النسبة إلى 30% من خلال تطبيق عدة إجراءات تشمل إدارة الدين بفعالية عبر إعادة هيكلة سياسة الاقتراض لتوجيه الدين نحو مسار هبوطي، وإطالة متوسط عمر الديون لتخفيف الضغط على المالية العامة كما تشمل تنويع أدوات التمويل من خلال إصدار أدوات دين جديدة، مثل الصكوك المحلية والسندات متغيرة العائد للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة، إضافة إلى حصر الاقتراض الخارجي على التمويلات الميسرة ذات الفوائد المنخفضة من المؤسسات الدولية .
وتابع «الشريف»: أهداف استراتيجية الانقلاب تشمل خفض تكلفة الفوائد، عبر توجيه جزء من حصيلة بيع الأصول الحكومية لسداد الديون، وتخصيص 50% من إيرادات بيع الأصول لصالح وزارة مالية الانقلاب، مما يعزز جهود تقليل الديون، ومن بين الأهداف تحويل الديون إلى استثمارات .