أعلن التحالف العربي أنه استهدف سفينتين محملتين بالأسلحة في ميناء المكلا اليمني قادمتين من ميناء الفجيرة الإماراتي، فيما كشفت تقارير عن تحركات "إسرائيلية" لإقامة قاعدة عسكرية في إقليم أرض الصومال الانفصالي بعد اعتراف رسمي به، تزيد هذه الأحداث من حدة التوتر بين الرياض وأبوظبي وتفتح جبهة جديدة في القرن الأفريقي.
وكشفت التطورات الأخيرة بضرب سفينتي المكلا ومناورة إسرائيلية في أرض الصومال أن المشهد اليمني والقرن الأفريقي أصبحا مسرحًا لتنافس إقليمي ودولي متشابك.
وباتت المواجهة (غير المفتوحة إلى الآن) بين الرياض وأبو ظبي متاحة أمام دخول الحليف الصهيوني "إسرائيل" على خط البحر الأحمر عبر أرض الصومال، إلى جوار أبو ظبي العاصمة الابراهيمية لمحمد بن زايد، ما ينذر بمرحلة أكثر خطورة من إعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة.
وخلال 27–28 ديسمبر 2025، دخلت سفينتان من ميناء الفجيرة الإماراتي إلى ميناء المكلا دون تصاريح رسمية، فرد التحالف بضربة جوية محدودة استهدفت الأسلحة والعربات القتالية التي أُفرغت من السفينتين.
وقال اللواء تركي المالكي: إن "العملية جاءت بطلب من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لحماية المدنيين في حضرموت والمهرة".
وأشار إلى أن التحالف يرى أن الشحنة كانت موجهة لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات، ما يعكس تصعيدًا مباشرًا بين الرياض وأبو ظبي.
واعترفت كيان الاحتلال الصهيوني في 26 ديسمبر 2025، وبنيامين نتنياهو بإقليم أرض الصومال الانفصالي كدولة مستقلة وتحدثت تقارير صهيونية عن إمكانية إقامة قاعدة عسكرية "إسرائيلية" في ميناء بربرة الاستراتيجي على ساحل أرض الصومال، إلى جوار التعاقد الذي منحت به حكومة أرض الصومال غير الشرعية والانفصالية لأثيوبيا حق الانتفاع من بربرة، وهو ما اعتبرته القاهرة "خطًا أحمر" يمس مدخل البحر الأحمر.
وتهدف تل أبيب إلى تعزيز النفوذ في البحر الأحمر والقرن الأفريقي ومواجهة النفوذ الإسلامي في المنطقة وتأمين طرق الشحن البحرية الحساسة.
ويحضر كالعادة مجلس الأمن إلى جوار واشنطن وكيان الاحتلال حيث ناقش الاعتراف "الإسرائيلي"، فيما أكدت الحكومة الفيدرالية في الصومال التزامها بوحدة أراضيها.
التكتيك الذي تتخذه الرياض وأبو ظبي هو تهدئة في العلن، وإعادة تموضع في الظل مع محاولة امتصاص الصدمة، وشراء الوقت، وإعادة ترتيب الأدوات دون مواجهة مباشرة، فالصدام العلني مع الرياض الآن مكلف، وسيُسقط سردية “الشراكة” التي تحتاجها أبو ظبي لتغطية ملفاتٍ أخرى.
انعكاسات التوتر السعودي–الإماراتي
وتجد الرياض نفسها محاصرة بين شمال يسيطر عليه الحوثيون، وجنوب تهيمن عليه قوات مدعومة من أبوظبي، مع تهديدات استراتيجية في البحر الأحمر من "إسرائيل".
ويعد ضرب السفينتان رسالة سعودية واضحة لأبوظبي بأن تمددها العسكري في حضرموت والمهرة لن يُسمح به دون موافقة الرياض وتكشف أن اليمن في ديسمبر 2025 في معادلة جديدة (أطلقتها أبوظبي) بعد إعلان "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من أبوظبي عملية عسكرية واسعة تحت اسم المستقبل (الواعد)، تمكن خلالها من السيطرة على محافظتي المهرة وحضرموت الغنيتين بالنفط، وفي المقابل، حشدت السعودية نحو 20 ألف مقاتل على الحدود، وسط تهديدات بقصف القوات الموالية للإمارات إذا لم تنسحب من المناطق الاستراتيجية.
و يعكس هذا التحول انقسامًا عميقًا داخل التحالف المناهض للحوثيين، ويضع الرياض أمام تحدٍ مباشر من شريكها السابق في الحرب، أبوظبي، التي باتت تدفع نحو تثبيت واقع انفصالي في الجنوب.
الإمارات أصدرت بيانًا يتحدى الإجماع الخليجي، معلنة رفضها الاعتراف بوحدة اليمن وسيادته، في مواجهة بيانات سعودية وخليجية تؤكد على وحدة الأراضي اليمنية.
وقال د. بن سعيد (@Bin_S_aeed): "أكد أن السعودية فتحت النار على الإمارات، مشيرًا إلى بيانات خليجية متباينة؛ قطر أبدت قلقًا مائلًا نحو السعودية، الكويت أصدرت بيانًا عامًا أقرب إلى موقف الإمارات، فيما أجرت سلطنة عمان طلعات جوية على الحدود الشرقية لليمن".
ومن جانب حساب دارك بوكس (@TheDarkBox71) قال: إن "الإمارات أعادت رسم موازين القوة في اليمن، محاصرة السعودية سياسيًا واستراتيجيًا، عبر تحويل المجلس الانتقالي إلى سلطة أمر واقع تسيطر على الجنوب، فيما بقيت الرياض متمسكة بخطاب الدولة الموحدة دون أدوات فعلية على الأرض؟".
وأضاف أن خطوة السعودية رغبة في تجنب صدام داخلي مدمر بين حلفاء الأمس، مع التشديد على دعم القبائل والمرجعيات المحلية والمؤسسات المعترف بها دولياً وأن النتيجة المباشرة هي فراغ تملؤه قوات المجلس الانتقالي، ونتيجة أعمق تتمثل في تعميق التشظي وتحويل الجنوب إلى ساحة نفوذ متنازع عليها.
وخلص إلى أن اليمن يواجه صراع بين رؤيتين: وحدة قابلة للإنقاذ مقابل تفكيك ممنهج يخدم مصالح إقليمية، ومع استمرار هذا المسار تتضاءل فرص التسوية الشاملة.
https://x.com/TheDarkBox71/status/2002001371457798653
هذا الموقف اعتبره البعض منهم الصحفي نظام المهداوي (@NezamMahdawi): أن السعودية تخلّت عن القبائل الحضرمية التي دعمتها، تاركة الساحة للانتقالي، ما يكشف عجزها عن مواجهة الإمارات دون دعم مباشر من واشنطن، معتبرًا أن المشروع الإماراتي يهدف إلى إقامة "دولة الجنوب العربي" وتقسيم اليمن بما يخدم مصالحها.
وقال حساب وزير إماراتي بلا حقيبة(@e_minister1): إن "قصف القوات السعودية لقوات جنوبية مدعومة من أبوظبي رسالة سياسية مباشرة، مفادها أن حضرموت خط أحمر سعودي، وأن ملف الشرق اليمني بات عمقًا سعوديًا خالصًا، موضحا أن أبوظبي اختارت التهدئة العلنية وإعادة التموضع في الظل لتفادي مواجهة مكلفة مع الرياض".
إلا أن استمرار إمداد الانتقالي بالأسلحة من ميناء الفجيرة شكّل حيادا عن (الصمت الديناميكي من أبوظبي) التي تواصل أهدافها دون توقف.
الباحث أندرياس كريج قال: إن "السعودية قد تُجبر في النهاية على الرضوخ لواقع حكومتين: شمال تحت حكم الحوثيين، وجنوب تحت سلطة مدعومة إماراتيًا، بينما يتعرض مجلس القيادة الرئاسي لضغوط متزايدة".
وأشار حساب مجتهد(@mujtahidd) إلى تفاصيل عن ارتباك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مشيرًا إلى أن اجتياح الانتقالي جاء كرد إماراتي على تصريحات ابن سلمان في واشنطن بشأن السودان.
وأشار الحساب الذي يرتاده السعوديون إلى حادثة اقتحام الحوثيين لمنفذ الوديعة السعودي، والتي انتهت بوساطة عمانية بعد رفض قطر التدخل، معتبرًا أن ابن سلمان يتعامل بردود فعل غير مدروسة ويفتقر إلى استراتيجية واضحة.
وأكد "مجتهد" أن مواجهة الانتقالي فلم يبق لابن سلمان إلا حزب الإصلاح والذي لا يزال على قائمة الإرهاب في السعودية منذ 2017، وقد قدمت دراسة من الاستخبارات السعودية بأن الحل الوحيد هو في الاستعانة بالإصلاح ورفع اسم الحزب من قائمة الإرهاب، لكن ابن سلمان يرفض هذا الخيار رغم انعدام الخيارات الأخرى.
وكان الحزب قد بذل جهدا كبيرا في إقناع السعودية أن لا علاقة له بالتنظيم الدولي لكن ابن سلمان يكره أي نفس إسلامي سواء كان مرتبطا بالإخوان أو غير مرتبط.
https://twitter.com/mujtahidd/status/2003806058939109491
ونشر الإعلامي شريف منصور (@Mansour74Sh) دراسة للمركز العربي للأبحاث، أكدت أن العملية العسكرية للمجلس الانتقالي مرتبطة بالخلاف السعودي–الإماراتي حول ملفات إقليمية، خصوصًا السودان، وأن السيطرة على المهرة وحضرموت منحت الانتقالي هيمنة على 80% من الاحتياطي النفطي اليمني.
وقبل أيام كشفت الجارديان أن السعودية حشدت 20 ألف مقاتل على حدود اليمن، مهددة بقصف القوات الموالية للإمارات إذا لم تنسحب من حضرموت والمهرة.
تصدع التحالف المناهض للحوثيين:
ويبدو أن الرياض تتمسك بخطاب وحدة اليمن عبر مجلس القيادة الرئاسي وتواصل أبو ظبي بشكل حثيث دعم المشروع الانفصالي عبر المجلس الانتقالي الجنوبي، موجهًا جهوده نحو السيطرة على الجنوب بدل مواجهة الحوثيين في الشمال.
وانعكس حول السودان مباشرة على اليمن؛ فأبوظبي تدعم قوات الدعم السريع، بينما الرياض تدعم الجيش السوداني وهذا التباين يعكس تنافسًا أوسع على النفوذ الإقليمي، من البحر الأحمر إلى الخليج.
وبيانات قطر والكويت وعُمان أظهرت تباينًا في المواقف، ما يعكس نفوذًا إماراتيًا متزايدًا فواشنطن تبدو أقرب إلى أبو ظبي، ما يضعف قدرة الرياض على مواجهة المشروع الإماراتي منفردة.
والسيطرة على حضرموت والمهرة تعني هيمنة الانتقالي على معظم الاحتياطي النفطي اليمني، إضافة إلى الموانئ والجزر والسواحل، وهي مفاتيح النفوذ الاستراتيجي في المنطقة.