كتب رانيا قناوي:
تساءل الكاتب الصحفي وائل قنديل: "ماذا لو أعلنت السعودية أنه لا حاجة لها بتيران وصنافير، وتنازلت عن الثمن الذي قبضه (البائع)؟!" مؤكدا أن وقتها سيرفض السيسي لأن إسرائيل تريدها سعودية.
وقال قنديل -خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الجمعة- "أغلب الظن أنه لو فعلت السعودية ذلك، سيخرج عبدالفتاح السيسي على رأس جيشه لانتزاع تيران وصنافير من الشعب المصري، ونقل السيادة عليها إلى السعودية.. بالقوة. وإن رفضت الأخيرة، فليس مستبعدًا أن يعلن الحرب على الرياض هي الأخرى، حتى تخضع وتذعن وتسلم بأن تيران وصنافير سعوديتان.
وتابع: "صحيح أن الافتراضات المذكورة أعلاه أبعد من المستحيل، وتتجاوز حدود الخيال، إذ لا يُتصوّر عقلاً أن تقدم السعودية على إجراء من هذا النوع، إلا أن الواقع ينطق بأن الطرف الثالث، الخفي، في أوراق الصفقة، هو الأكثر تمسّكاً بتنفيذها، والأشد رفضاً لأي تراجعات، أو مراجعات، فيها، ذلك أن نقل تبعية الجزيرتين يظل حاجةً إسرائيلية، شديدة الإلحاح، أكثر من كونه اختياراً للحكومة المصرية، للتغلب على مأزقها الاقتصادي السياسي، أو رغبةً سعوديةً نبتت فجأة، في هذا الظرف التاريخي بالذات".
وأكد قنديل أن عبدالفتاح السيسي سيحارب، حتى النهاية، ضد القضاء الإداري، ومجلس الدولة في مصر، لتمرير صفقة تنازله عن الجزيرتين للسعودية، تحقيقًا للإرادة الصهيونية التي لا تعلوها إرادة في مجال حركة عبدالفتاح السيسي في المنطقة، موضحًا أن الأمر لم يعد في حاجة إلى جهد بحثيّ كثير لإثبات أن وجود السيسي على رأس السلطة في مصر جاء تحقيقًا لمطلب إسرائيلي، ليس حبًّا، فقط، في الشخص الذي يجسد الحلم الصهيوني، بروافده الكهنوتية والعسكرية، وإنما لأنه ما زال صالحًا للاستعمال، وما زال لديه ما يقدمه لهم.
ونوه إلى أن السيسي يمحو الآن تعبير "الكيان الصهيوني" لمصر، ويثبت مكانه تعبير "الكيان الإرهابي"، وهو التعبير الذي يمتد، أفقيًا ورأسيًا، ليشمل كل الذين لا ترضى عنهم إسرائيل، وترى فيهم تهديدًا لمصالحها، بدءًا من هذا الوغد الذي يجاهر بتعاطفه مع غزة، محمد أبوتريكة، مرورًا بنحو 2000 من المصريين الحقيقيين، وصولاً إلى الرئيس الذي حين انتخبه المصريون خيم الحزن على الصهاينة، وأعدوا العدة للتخلص منه، ثم شرعوا في التنفيذ، بعد أن أطلق صيحته الشهيرة "غزة لم تعد وحدها".
وأضاف أن فرح إسرائيل بتصنيف محمد أبوتريكة "كيانًا إرهابيًا" لا يقل عن فرحها بإزاحة الرئيس محمد مرسي عن الحكم، على أيدي الجنرالات، وهو الفرح الذي عبّر عنه آريبه شافيت، معلق الشئون السياسية في "هآرتس" الصهيونية، بالقول "كلنا مع السيسي، كلنا مع الانقلاب العسكري، كلنا مع الجنرالات حليقي اللحى الذين تلقوا تعليمهم في الولايات المتحدة، ونحن نؤيد حقّهم في إنهاء حكم زعيم منتخب وملتح".
وقال قنديل: "لم يخيب كبير الجنرالات ظن الكيان الصهيوني، فصنّفه صديقًا وحليفًا وشريكًا، واخترع الكيان الإرهابي، وصنفه عدوًّا مستباحًا، و بهذا القرار من قضاء السيسي، يكون "الهولوكوست" بالمعنى الحرفي للمحرقة قد بدأ فعليًا في مصر، ليصبح كل من يعارض السيسي، بإطلاقٍ وعلى نحو مبدئي، كيانًا إرهابيًا، تنزع أملاكه وتسقط حقوقه، بينما الجميع منشغلون في تلك المساحة الضيقة من النضال من أجل الجزيرتين، وهذا جيد ومقدّر، غير أن الصمت على مذبحة النظام الجديدة، إذعانًا لإرهاب "رأس الذئب الطائر" يفتح المجال لكي يتم تصنيف الشعب المصري كله "كيانًا إرهابيًا".