انتقد الكاتب الصحفى فهمى هويدى حالة الخرس التى تتعامل بها المراكز الحقوقية المحلية والدولية والإعلام والمجتمع مع حالات التعذيب الممنهج التى تتكشف يوميا داخل سجون الانقلاب ومقار الاحتجاز بأيدى جلادى الداخلية المجرمين.
واستعرض – خلال مقاله بصحيفة الشروق صباح اليوم الأربعاء – عذابات الشباب والفتيات الذين تم اعتقالهم وجرى إيداعهم فى مراكز الشرطة أو معسكرات الأمن المركزى، وعذابات الأهالى الذين يهانون أمام السجون حين يتوجهون لزيارة ذويهم، ويظلون يبحثون عنهم مرة فى "أبو زعبل" ومرة ثانية فى "طرة" وثالثة فى "سجن العقرب"، مؤكدا أن المحامين لم يكونوا أفضل حظا من غيرهم؛ لأنهم بدورهم لم يسلموا من الإهانة والتنكيل حين يتوجهون للقاء موكليهم.
وقال هويدى فى مقاله: "إن القصص التى يرويها الأهالى ويتناقلها النشطاء تصدمنا، إذ تتحدث عن شبان وفتيان حديثى السن ألقى القبض عليهم فى ذكرى 25 يناير أو أثناء الاحتجاجات على قانون التظاهر، وبعضهم كان مجرد عابر فى الطريق أو جالسا على مقهى. وأغلبهم ليس لهم أى لون سياسى ولكنهم حشروا حشرا فى عربات الأمن المركزى، وكتب عليهم أن يخوضوا تجربة السجن، وأن يتعرضوا لأهوال التعذيب والترويع".
واستعرض الكاتب حالة بشعة للتعذيب، وهى للشاب خالد السيد، الذى قال إنه وزميل له (ناجى كامل) أودعا قسم الأزبكية، الذى وصفه بأنه سلخانة، حيث كان التعذيب مستمرا فيه طوال اليوم، وضعوهم فى غرفة صغيرة حيث ظلوا يسمعون منها صراخ المعذبين الذى كان ينقل إليهم الهلع والرعب.
وتابع هويدى رواية "خالد" قائلا: "بعد قليل غطوا عينى صاحبنا وأدخلوه فى غرفة أدرك من صراخ من فيها أنهم يصعقون بالكهرباء… أعادوه وأخذوا زميله ناجى كامل ليمر بنفس التجربة، الشباب الذين أعيدوا بعد ذلك إلى غرفة الحجز قالوا إنهم أجبروا على خلع ملابسهم باستثناء الثياب الداخلية وأنهم ضُربوا وصُعقوا بالكهرباء التى لم تستثن أعضاءهم التناسلية، وقال أكثر من واحد إنه تم الاعتداء عليه جنسيا. فى سجن "أبو زعبل" التقى خالد شبابا أجبروا على الوقوف 16 ساعة متواصلة فى قسم الأزبكية. ومن حل عليه التعب منهم كان يُضرب ويُشتم هو وأهله. حتى مرضى السكر والضغط حين يقعون مغشيا عليهم كانوا يجبرون على الوقوف بمجرد إفاقتهم. من "أبو زعبل" قاموا بترحيلهم إلى قسم قصر النيل، هو وزملاؤه ناجى كامل ومحمد السايس وعبد الله محمد، وبعد وصولهم عرفوا أن ضابط المباحث (و.ع) كان يقوم بنفسه بضرب 70 شخصا محتجزين فى زنزانة بالطابق الأرضى، هناك جاءهم أحد ضباط أمن الدولة وأمضى معهم 5 ساعات أفهمهم خلالها أنهم لن يخرجوا من السجن… بعد عشرة أيام تم ترحيلهم مرة أخرى إلى "أبو زعبل"، وبمجرد دخولهم تمت سرقة كل ما كان بحوزتهم من ملابس وأدوية وطعام وبطانيات. مروا بحلقة أخرى من الأهوال، حيث أمروهم بخلع ثيابهم ثم أغرقوهم بالمياه وتركوهم يرتجفون من البرد لعدة ساعات، كل يوم كانوا يربطون أيديهم من الخلف وينهالون عليهم بالضرب المقترن بالشتائم المقذعة. فى حين أن أى مقاومة من جانب الشخص المضروب كانت تقابل بمزيد من الضرب".
واسترسل هويدى فى مأساة خالد السيد وما شاهده فى سجن "أبو زعبل" وتأكيده على أن عشرات المعتقلين لا يعرف عنهم أحد أى شىء، لا الأهالي ولا المحامون، وأن إدخال الأدوية للمحبوسين ممنوع حتى بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة، ومن رابع المستحيلات أن يستدعى طبيب السجن لأى مريض، أو يحال المريض تحت أى ظرف إلى مستشفى السجن لإسعافه.
وأكد هويدى أن هذه واحدة من عشرات الشهادات الموجودة على شبكة التواصل الاجتماعى، التى لم تحرك شيئا لا لدى منظمات المجتمع المدنى الحقوقية أو غير الحقوقية، ولا لدى وزارة الداخلية التى لم تكترث لا بالتحقيق فى الوقائع المنشورة ولا فى تصويب المعلومات أو حتى تكذيبها، أو الاعتذار عنها، ربما باعتبار أن المعلومات المذكورة أصبحت أمرا عاديا لا تستحق شيئا من ذلك.
واستنكر هويدى موقف الخارجية المصرية من إدانة البرلمان الأوروبى لمثل تلك الممارسات، حيث اعتبرت موقفه مرفوضا شكلا وموضوعا! وقالت فى بيانها إنه لا يحق للبرلمان أن يتدخل فى الموضوع!.
وتساءل هويدى فى خاتمة مقاله: "من كان يتصور أن يكون ذلك مصير شباب الثورة؟ ومن يصدق أن تقف كل مؤسسات الدولة متفرجة على ما يجرى؟ وهل يمكن أن تكون تلك من سمات مرحلة ما بعد 30 يونيو ومقدمات الرئاسة الجديدة؟" مؤكدًا أن ما جرى ويجرى لأولئك الشباب جريمة تلوث بالعار صفحة كل الذين يتصدرون المشهد السياسى الراهن فى مصر دون استثناء لأحد منهم.