كتب يونس حمزاوي
جاء قرار الحكومة السعودية، منتصف الأسبوع الماضي، باستئناف شحنات الوقود لسلطات الانقلاب في مصر، بعد توقف استمر 6 شهور منذ أكتوبر الماضي، خلال زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لواشنطن، مبررا لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي للبدء في إجراءات التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير"؛ استرضاء للجانب السعودي وتنفيذا للجزء المتعلق به من الصفقة.
يعزز من هذا التوجه ما كشفت عنه مصادر ببرلمان العسكر، والذي تشكل عبر إجراءات أمنية بحتة، واختيار أعضائه على "الفرازة الأمنية"، اليوم السبت، من أن البرلمان يتجه إلى بدء مناقشات اتفاقية "تيران وصنافير"، بالتزامن مع عقد القمة العربية في العاصمة الأردنية عمان، الأسبوع الجاري.
وبحسب مراقبين، فإن هذا الإجراء محاولة من جانب السيسي لاسترضاء المملكة، مؤكدين أنه يمثل تحديا سافرا لأحكام القضاء، التي جزمت ببطلان الاتفاقية وحسمت تبعية الجزيرتين لمصر.
وبحسب صحيفة "العربي الجديد"، فإن مصادر كشفت عن أن جهات سيادية عليا طلبت بدء المناقشة، فيما وصفت ذلك بأنها "تبدو إحدى الإشارات التي يسعى من خلالها السيسي، لعقد اجتماع ثنائي مع القيادة السعودية على هامش فعاليات القمة العربية المرتقبة".
وتمر جهود إتمام المصالحة بين القاهرة والرياض بحالة من الفتور على مدار الأشهر الأخيرة، على خلفية عدم التوافق في ملفات ثنائية وإقليمية، وتوقف تنفيذ عقود استثمارية موقعة فيما بينهما، في ظل وساطات إماراتية وكويتية وأردنية مرتقبة، لتسوية الخلافات بين البلدين، عقب استئناف شركة "أرامكو" السعودية ضخ شحنات الوقود إلى مصر.
وقالت مصادر مُطلعة بهيئة مكتب نواب العسكر، إن أمين عام المجلس، أحمد سعد الدين، سلم رئيس البرلمان علي عبدالعال، اليوم، قائمة بأسماء بعض المتخصصين في القانون الدولي، وأساتذة في التاريخ والجغرافيا بجامعات مصرية، تمهيدا لدعوتهم إلى جلسات الاستماع أمام اللجان المختصة بالمجلس النيابي، للاستماع إلى رؤيتهم بشأن اتفاقية الجزيرتين.
وأضافت المصادر- في تصريحات صحفية اليوم السبت- أن عبدالعال سيحيل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة بين مصر والسعودية إلى اللجنة التشريعية، خلال جلسات الأسبوع الجاري، للنظر في دستوريتها (من حيث الشكل)، ومدى حاجتها إلى إجراء استفتاء شعبي، ومن ثم إحالتها إلى لجان "الشئون الدستورية، والعربية، والعلاقات الخارجية، والدفاع والأمن القومي"، لمناقشتها (من حيث الموضوع).
وبرر عبدالعال التأخر في إحالة اتفاقية "تيران وصنافير" إلى اللجان المختصة، إلى "انتظار إعداد مجموعة من الأوراق والمستندات الخاصة بها"، مؤكدا أن البرلمان سيتعاطى مع الاتفاقية وفقا للنصوص الدستورية، وذلك تزامنا مع عودة تدفق إمدادات الوقود السعودي المتوقف منذ ستة أشهر.
وأوضحت المصادر أن المستندات التي قصدها عبدالعال هي الوثائق والخرائط المرتبطة بالجزيرتين، ونصوص الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر، وترتبط بالحدود الإقليمية بين الدول، وأحكام القضاء الصادرة بشأن الاتفاقية، والتي يجب استعراضها خلال مناقشاتها داخل اللجان المختصة.
وأجلت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، الثلاثاء الماضي، دعوى الحقوقي خالد علي، المطالبة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بإحالة الاتفاقية إلى البرلمان للتصويت عليها، إلى جلسة 23 مايو المقبل، لتقديم محضر اجتماع مجلس الوزراء، بعد إعلان الأخير عن موافقته على الاتفاقية وإحالتها إلى البرلمان، نهاية ديسمبر الماضي، رغم حكم القضاء الإداري ببطلان التوقيع عليها.
وتابعت أن "عبدالعال سيستند في إحالة الاتفاقية إلى اللجنة المختصة إلى المادة (151) من الدستور، التي تمنح رئيس الجمهورية الحق في إبرام المعاهدات، والتصديق عليها بعد موافقة مجلس النواب، على اعتبار أن الحكم القضائي لا يمنع مناقشة الاتفاقية داخل البرلمان. بينما نص الدستور المصري صراحة على "عدم جواز إبرام أية معاهدة تُخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة".
ترتيبات مشبوهة
وبحسب هذه المصادر، فإن ائتلاف دعم الدولة، ذراع الأمن بالبرلمان، عقد الأسبوع الماضي ورش عمل مُغلقة بمدينة الغردقة، في حضور رئيس البرلمان، ونحو 320 نائبا؛ بهدف "إعداد الترتيبات اللازمة لتمرير الاتفاقية"، خلاف المُعلن عن الائتلاف، بأن تلك الورش تناولت مشروعات القوانين المقترحة خلال الفترة المقبلة.
ولم يُعلن الائتلاف عن تفاصيل الأجندة التشريعية المطروحة على النواب، أو مصادر تمويل سفر المئات من النواب بواسطة الطيران المحلي، وإقامتهم لثلاثة أيام بأحد المنتجعات السياحية بمنطقة "سهل حشيش" بالبحر الأحمر، من دون دعوة أو اصطحاب لأي من الصحفيين المعنيين بتغطية شئون البرلمان.