بعد تقدم العدالة والتنمية.. الناخب التركي يصدم رغبات الغرب في اختبارات القوة

- ‎فيعربي ودولي

الناخبون الأتراك باتوا عنوان الديمقراطية في العالم، فحضورهم القوي والمعتاد من انتخابات لأخرى وبخاصة في انتخابات البلديات التي كانت سببا في وصول أردوغان لقمة هرم السلطة في تركيا قبل نحو 25 عاما من الان.

ويعتبر استمرار الديمقراطية التركية وتداول السلطة عبر اختيار الشعب هو من يحقق لهذا الناخب إرادته ومتطلباته، وهو ما يراه المحللون الانتصار الحقيقي في تركيا مهما كانت النتائج.

غير أن النتائج هذه المرة أيضا أحرز فيها حزب “العدالة والتنمية” المرتبة الأولى في الانتخابات بفارق كبير كما جرت العادة منذ انتخابات نوفمبر 2002، فقد أنهت تركيا الانتخابات بنضج ديمقراطي كبير.

فرغم خسارة العدالة والتنمية لبلدية انقرة نفسها الا انه فاز في 17 بلدية فرعية من بين 25 بلدية فرعية بولاية انقرة نفسها يعنى لم يخسر العاصمة كلها، وبات قرار العاصمة في يد مجلس البلدية لا في يد رئيسها المنتمي للحزب المعارض.

كما يعتبر محللون أن فوز العدالة والتنمية ببلدية إسطنبول تاريخيا كونها تمثل رمزية تاريخية واسلامية كما انها المأوى الرئيسى للمطاردين من الدول العربية التي قمعهم العسكر في بلدانهم، وكشف مراقبون أن العلمانيين كان يستعدون “لانتصارات” خاصة للثأر من أردوغان في حالة سقوط هذه المدنية بالتحديد في ايديهم.

طرفا انتخابات

غير أن المحلل للشؤون التركية سعيد الحاج رأى أن الفارق الضئيل يغري الطرفين، العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، بادعاء الفوز وزيادة الضغط الإعلامي، بانتظار – لاحقاً – النتائج الرسمية.

وفي ضوء التقارب الملحوظ في النتائج في اسطنبول على وجه الخصوص وبعض البلديات الاخرى سيعني عدداً كبيراً من الطعون وإعادة الفرز من قبل اللجنة العليا للانتخابات وجدلاً بين الاحزاب في الايام المقبلة، وعليه دعا “الحاج” إلى من ان يتحلى الطرفان بالهدوء والحكمة وإبقاء الأمر في حدود التصريحات السياسية.

وفي تحليل النتائج قال الإعلامي والمحلل فراس أبو هلال إن النتائج الأولية تظهر فوز العدالة والتنمية ب 40 ولاية في الانتخابات المحلية التركية، وتراجعه ب 10 ولايات عن الانتخابات السابقة.

معتبرا أن تلك هي “الديمقراطية، حيث “يمل” الناس عادة من الأحزاب التي تحكم طويلا. مع ذلك يبقى العدالة والتنمية متصدرا بفارق كبير عن أقرب منافسيه حزب الشعب الجمهوري”.

ورأت الناشطة اليمنية توكل كرمان صاحبة جائزة نوبل إن تركيا تثبت مجدداً أن ديمقراطيتها راسخة، لاتزوير، لا أغلبية ساحقة لأحد. وأن النتائج متقاربة، وبعد ساعة من إعلان النتيجة سيذهب الجميع إلى أعمالهم لاستئناف حياتهم الطبيعية، وسيستعد الجميع في ظل حرية مطلقة لجولة جديدة.

واعتبرت الشئ المهم هو نزاهة الانتخابات التي تشهد بها أحزاب المعارضة التركية ككل مرة، فلا أحد يشتكي من التزوير أو استخدام المال العام لصالح الحزب الحاكم، مضيفة أن شهادتهم هي المهم وهي الفيصل، لا نعيق كارهي تركيا، مبروك تركيا، وشكرا تركيا. لقد قدمتم نموذجا نحتاج إليه جداً في منطقتنا المنكوبة بغياب المشاريع الديمقراطية”.

وبحسب وكالة “الأناضول” الرسمية التركية شارك الرئيس رجب طيب اردوغان في مئة نشاط سياسي خلال خمسين يوما، وألقى 14 كلمة في يومين.

رؤية الغرب

وقال تقرير إن الرئيس التركي وضع ثقله في الانتخابات ودفع برئيس حكومته السابق بن علي يلدريم للمنافسة على منصب عمدة بلدية إسطنبول التي تكتسي رمزية سياسية وحضارية في تركيا والعالم الإسلامي، وهو ما تحقق له.

وليست الانتخابات مجرد اختبار داخلي لأردوغان، إنما تضعه على المحك في علاقاته مع الزعماء الأميركيين والغربيين، حيث تنظر العواصم الغربية تنتظر إعلان النتائج التركية لترى ما إذا كانت ستسفر عن ضعف موقف أردوغان أو استمرار هيمنته على المشهد السياسي، بحسب وسائل إعلام غربية.

حيث قالت صحيفة واشنطن بوست، إن إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب تأمل أن تسفر الانتخابات عن فترة هدوء تسمح بنقاش القضايا الخلافية مع حكومة أردوغان، من قبيل شراء الصواريخ الروسية والوضع الميداني في تركيا.

وقالت “أ ف ب” الفرنسية إن الانتخابات تجري “في وقت تواجه فيه تركيا أول انكماش اقتصادي منذ عشر سنوات، وتضخما قياسيا وبطالة متزايدة”. معتبرة ان هذه الانتخابات تشكل اختبارا لأردوغان بعد فوزه في كل الانتخابات منذ وصول حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه إلى السلطة عام 2002″.

وجاء في تقرير لرويترز “يهيمن أردوغان على المشهد السياسي التركي منذ ما يربو على 16 عاما، بفضل عوامل من بينها النمو الاقتصادي القوي. وأصبح أكثر زعماء البلاد شعبية لكنه أيضا أكثرهم إثارة للانقسام في التاريخ الحديث”.

وأضافت الوكالة “ومع ذلك، قد يتلقى أردوغان ضربة انتخابية في ظل ما تشير إليه استطلاعات الرأي من أن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه قد يفقد السيطرة على العاصمة أنقرة، وحتى على إسطنبول كبرى مدن البلاد”.