قبل أن يعلن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون أمام وفد من الرابطة المارونية، أنّ الدولة بصدد تكوين حكومة جديدة غير التي استقالت، مشددًا على أنها “ستكون للبنان حكومة نظيفة”، معتبرًا أنّ “الحراك الذي حصل فتح الباب أمام الإصلاح الكبير وإذا ما برزت عوائق أمامنا، فالشعب يعود من جديد الى الساحات”، أعلنت الجماعة الإسلامية بلبنان (إخوان مسلمين) عن دعوتها لتشكيل حكومة تكون محط ثقة اللبنانيين وتستجيب لمطالبهم.
وعلَّقت الجماعة، في بيان لها نشره عدد من قادتها ونوابها بالبرلمان اللبناني، على استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وقالت إنها جاءت استجابة لصمود الناس وإصرارهم على التعبير عن مطالبهم، وفرصة جديدة لخروج البلد من المأزق الذي وصل إليه.
ورأى المكتب السياسي للحركة أن تعرّض المتظاهرين السلميين لاعتداءات وحشية، يعرّض البلد لخطر الانزلاق نحو الفتنة والفوضى التي تطال الجميع، ولا تخدم سوى أعداء الوطن المتربّصين به.
وأكَّدت الجماعة الإسلامية (طرابلس مركز الثقل) دعوتها اللبنانيين المنتفضين ضد فساد السلطة إلى أن يتلقّفوا خطوة الاستقالة كواحدة من ثمار تحركاتهم، وعدم السماح بالالتفاف على مطالب الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي حتى تحقيقها كاملة.
ودعت إلى الشروع في تشكيل حكومة إنقاذ وفقا للآليات الدستورية، تكون محط ثقة اللبنانيين، وتُمنح الصلاحيات الكاملة لتحقيق مطالبهم الإصلاحية.
وشجب مكتب الجماعة السياسي، في بيانه، التعرّض والاعتداء الذي حصل بالأمس على المتظاهرين، ويحذّر من أن مثل هذه الممارسات تشكّل فتيلًا لفتنة يريدها أعداء لبنان، ويعمل الحكماء دائمًا على تجنّبها. ويدعو المكتب الجميع إلى اعتماد التعبير السلمي بكل أشكاله التي أقرّها واعترف بها القانون والدستور وصولا إلى تحقيق مطالبهم.
https://www.facebook.com/HoutImad/photos/a.273764156090181/1740440596089189/?type=3&theater
الفساد والتكنوقراط
مراقبون رأوا أن إسقاط الحكومة في لبنان بأمر الشعب وليس بأمر الطوائف والكتل السياسية ثورة بحد ذاته، مع سعي اللبنانيين لإسقاط الطائفية وتعطيل الثلث المعطل، بحسب الإعلامي عبد الفتاح فايد، الذي يرى أن التحدي الأخطر هو المؤامرات الخارجية، ولو نجح الشعب في استكمال ثورته سيغير قواعد اللعبة بالمنطقة كلها.
غادة عويس، مذيعة قناة الجزيرة، قالت إنه بغضّ النظر عن عمق الأزمة السياسية في لبنان وأسبابها وتداعياتها وتاريخها وتجاوزها أسماء معينة، هناك أمر واحد أكيد وغير مسبوق لم يشهده لبنان قبل الآن: إجماع حتى من داخل تيّار عون على رفض جبران باسيل صهر عون الذي اجتمع اللبنانيون على شتمه، وإطلاق النكات عنه بحكم أنه أحد كبار الفاسدين في الحكومة، فضلا عن زوجة رئيس البرلمان راندة بري.
وقال مراقبون، إنه إذا لم يتمكن القضاء المستقل من محاسبة السارقين، لا شيء سيتغير بل ستكون إعادة تدوير للوجوه نفسها.
قسط كبير من اللبنانيين يعتقدون أن الوقت غير مناسب للاحتفالات بإطلاق الصواريخ وغيره، كما فعل المصريون في 12 فبراير 2011، بعد خلع مبارك، والاعتبار بأن سقوط الحكومة ما هو إلا لتخفيف الاحتقان فقط.
وحذروا من أن البلد يعاني انفراطا اجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، ويحتاج لإعادة هيكلة، ويجب العمل على المصالحة بين اللبنانيين المقسومين أكثر من أي وقت مضى.
4 حكومات
تسمية رئيس الحكومة هي بحكم اتفاق الطائف من مهمة قطاع السنة (الثلث)، ورشحت التسميات عن أربعة شخصيات لخلافة الحريري، الذي طويت صفحته رغم نداء بعض رؤساء الحكومات السابقين، ومنهم نجيب ميقاتي والسنيورة بدعوته لتشكيل الحكومة!.
وتسعى القيادات السنية السياسية والروحية لتكليف تمام سلام، رئيس الحكومة السابق، لتشكيل الحكومة العتيدة، باعتباره شخصية سياسية تملك من المؤهلات والإرث ما يمكن أن يؤمن التوازن الوطني المطلوب مع رئيسي الجمهورية (مارون) ومجلس النواب (شيعة).
وقالت صفحات لبنانية غير مستقلة، إنه وفي ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها لبنان، والتي أشعلت نار ثورة ١٧ أكتوبر، يبدو أنّ خط الدفاع الثاني للقيادات السنية يتمثل في اختيار شخصية اقتصادية أو دبلوماسية لتشكيل الحكومة الجديدة، ومن بين مجموعة الأسماء ترتفع أسهم الوزير السابق عدنان القصار.
وقالت المصادر إن القصار تعترضه عقبات عدّة أهمها الاستياء الشعبي الكبير من المصارف ورؤسائها، حتى باتوا مرادفًا للطبقة السياسية التي ثاروا عليها.
وقال مراقبون إنه لا تقتصر العقبات التي تقف في وجه القصار عند الاستياء الشعبي بل تتعداه الى حملةٍ شرسةٍ قادها فريق سياسي وازن خلال الايام السابقة تحت شعار “يسقط حكم المصرف” بوجه الحاكم رياض سلامة ومصرف لبنان والمصارف.
أزمة اقتصادية
وعلى وقع الحراك في الشارع، لا يدرك بعض اللبنانيين سحب البساط من تحت أرجلهم، بعدما قالت “الوكالة الوطنية للإعلام”، إن مادتي البنزين والمازوت بدأتا بالنفاد تباعًا من مخزون محطات الوقود في محافظة عكار، حيث أغلقت بعض المحطات أبوابها أمام الزبائن، بسبب عدم توفر المحروقات لديها، بانتظار إعادة فتح الطرق أمام صهاريج المحروقات من شركات التعبئة المركزية.
وفي سياق متصل، تعاني “تبنين” من شح في بعض الأدوية في الصيدليات، ونفاد مادة البنزين من بعض المحطات نتيجة إغلاق الطرقات.
كما أكد نقيب الصيادلة في لبنان “غسان الأمين”، في حديث تلفزيوني، أن المصيبة الكبرى هي أن مخزون الأدوية شارف على الانتهاء بسبب الضغط على الدواء نظرا للأزمة.
وأضاف: في حال استمرت المصارف بإغلاق أبوابها، فإننا مقبلون على كارثة حقيقية في قطاع الأدوية، ولا سيما أن فاتورتنا الدوائية هي بـ93% منها مستوردة.