في الوقت الذي يستقبل فيه المنقلب السيسي نائب رئيس المجلس السيادي السوداني محمد حمدان دقلو بادعاء محاولته كسب المواقف الدبلوماسية التي باتت تقودها مخابراته بقيادة عباس كامل كدور مواز لجولة أجراها وزير خارجيته سامح شكري، أعلن بعدها عن تعليق المفاوضات بين بلاده وإثيوبيا بشأن سد النهضة بالكامل دون ضمانات لوقف إثيوبيا عن استكمال خططها في تنفيذ السد الذي اكتمل 73% منه فعليا وسيكون جاهزا في يونيو المقبل.
أوروبا مع من؟
وعاد شكري، من جولة عربية وأوروبية أخيرة، مؤكدًا أنه سلم رسائل من السيسي إلى القادة العرب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشرح مسار التفاوض بشأن سد النهضة، زاعمًا أن هناك تفهمًا من قبل دول الاتحاد الأوروبي لخطورة “التعنت الإثيوبي” في المفاوضات وما قد يجلبه من تداعيات تؤدي إلى تصعيد التوتر في منطقة القرن الإفريقي.
بالمقابل أعلن وزير خارجية إثيوبيا أن بلاده ترفض توقيع أي اتفاق تحت أي ضغوط امريكية أو أوروبية، وشدد وزير الخارجية الإثيوبي “غيدو أندارغاشيو” على ضرورة أن تحل أديس أبابا والقاهرة والخرطوم الخلافات القائمة بينها بشأن “سد النهضة”، “دون أي ضغوط من الخارج”.
#خدبالك
🔥 الجيش و الخارجية و الري و المخابرات أوصوا بعدم التوقيع على اتفاقية المباديء مع أثيوبيا، و رغم ذلك الباشا وقع… حد عاقل يقول ليه؟!
طيب انت ليه بتكتب دا دلوقتي؟!
واحد صاحبي في مصر بيقول احمد موسى يترجى المصريين على التوقيع على عريضة لإنقاذ النيل 🤔🙏 pic.twitter.com/wDwAbavQ8S— AMM (@AMH860) March 15, 2020
فيما كشفت تسريبات صحفية عن أن “أوروبا مقتنعة برؤية إثيوبيا حول سد النهضة” وأن حالة من الاقتناع تسيطر على العواصم الأوروبية، والولايات المتحدة بحزبيها، بسلامة الموقف الإثيوبي في سد النهضة، الذي تبنيه أديس أبابا.
ووفق المصادر الصحفية التي كشفت عنها مواقع مصرية، فإن الموقف الإثيوبي يجد في مجمله آذانًا صاغية بين الأوساط الأوروبية، أكثر من ردّ الفعل المصري الذي بدأ متأخرًا.
التفهم الغربي مبعثه “مظلومية تاريخية على دول شرق ووسط وغرب إفريقيا، نتيجة آثار العصر الاستعماري الأوروبي، واستحواذ شمال أفريقيا، خصوصًا مصر، على اهتمام الغرب لعهود طويلة”.
وقالت تقارير صحفية إن التفهم الأوروبي له سبب يتمثل بوجود نظرة عامة للدولة المصرية باعتبارها “فاشلة في إدارة مواردها”، وأنه كان يمكن لها الاستفادة من القروض والإعانات الغربية بتوسيع استفادتها من مياه البحرين الأبيض والأحمر.
هجوم على السيسي
وتداعت الصحف الإثيوبية في الهجوم على السيسي، بعدما اجتمع بالمجلس العسكري، فرسموه تارة على هيئة كلب بحبل يشده ترامب، والخميس الماضي، حيث قالت صحيفة إثيوبية، إنه يعد حربا ضد أديس أبابا بهدف تدمير قرابة 70% مما أُنجز من أعمال بناء سد النهضة، زاعمة أن تاريخ مصر يتسم بالتآمر من أجل إبقاء إثيوبيا “ضعيفة ومتشظية ومتخلفة”.
صحيفة “كابيتال” الأسبوعية انتقدت مساعي مصر لفرض اتفاقيات بشأن توزيع مياه نهر النيل “أُبرمت في عهد الاستعمار”.
ودعت الكاتبة أديس أبابا إلى دراسة بناء آلاف السدود الصغيرة إلى جانب سد النهضة، مشيرة إلى أن “رياح التهديد والتحريض على إثيوبيا بالحرب تهب عبر صحاري مصر”.
وأضافت أن إثيوبيا قد تضطر للانخراط، بشكل رسمي وغير رسمي، وبشكل ضمني أو صريح، في بناء سدود صغيرة في كامل منطقة تجمعات مياه النيل الأزرق على امتداد عدة مئات من الأميال داخل حدود البلاد، تحسبا لأي هجوم من جانب مصر.
الصحفي الإثيوبي محمد العروسي شارك زميلته الصحفية تخوقاتها وكتب عبر حسابه “أبطال القوات المسلحة الإثيوبية والدفاع الجوي قادرون بحول الله تعالى على ردع كل من تسول له نفسه العدوان على المصالح القومية العليا للبلاد ؛و #سد_النهضة الذي شيده الإثيوبيون يعتبر اليوم في أيد أمينة قادرة على حمايته إن شاء الله”.
أبطال القوات المسلحة الإثيوبية والدفاع الجوي قادرون بحول الله تعالى على ردع كل من تسول له نفسه العدوان على المصالح القومية العليا للبلاد ؛و #سد_النهضة الذي شيده الأثيوبيون يعتبر اليوم في أيدي أمينة قادرة على حمايته إن شاء الله#اثيوبيا#مصر #السودان #Egypt #Sudan pic.twitter.com/GthIfdCAJY
— محمد العروسي Mohammed Al-Arusi (@Alarusi1) March 14, 2020
وخلال الأسبوع الماضي، تصاعدت أزمة سد النهضة بعد إعلان إثيوبيا انسحابها من المفاوضات مع مصر والسودان برعاية أمريكية، مؤكدة حقها في مياه النيل، وأنه لا توجد قوة تمنعها من استغلال مواردها في التنمية، وهو ما رفضته القاهرة، واعتبرته تصعيدا غير مبرر.
وغابت إثيوبيا قبل أسابيع عن حضور الجلسة الأخيرة من محادثات “سد النهضة” في واشنطن، التي كانت مخصصة للتوقيع على اتفاقية مع مصر والسودان حول قواعد ملء السد وتشغيله.
وتحفظت إثيوبيا على الاتفاقية التي صاغتها الولايات المتحدة، وقالت إنها طلبت مزيدا من الوقت للتشاور؛ ما اعتبرته القاهرة غيابا متعمدا لعرقلة توقيع الاتفاق في إطار سياسة المماطلة التي تنتهجها أديس أبابا.
وتعترض القاهرة على السد الإثيوبي الذي يبنى منذ عام 2011 على النيل الأزرق، الفرع الرئيسي لنهر النيل، بكلفة 6 مليارات دولار، ويثير السد مخاوف مصر من جهة التأثير على إمدادها بالمياه.
توقعات بالتفريط
واعتبر إثيوبيون عبدالفتاح السيسي منحازا بأنانية وبشكل مخادع وغير لائق على إقحام وسطاء غير أفارقة للتدخل، في مخالفة تامة لاتفاقية الإطار التعاوني” لدول حوض النيل المبرمة في مدينة عنتيبي الأوغندية عام 2015، واتفاق الخرطوم مارس 2015.
هذا الانفاق الذي اعتبره مبكرا المحلل السياسي محمد جمال عرفة هو ثمن قدمه السيسي نظير اعتراف من الاتحاد ودور إفريقي.
فكتب “عرفة” منشورا في يونيو ٢٠١٤، وقال “بحكم خبرتي المتواضعة في الشئون الإفريقية والعلاقات الدولية أرجح ما يلي:
1- اتفاق عودة مصر للاتحاد الإفريقي ورفع تجميد عضويتها (الذي صدر اليوم الثلاثاء) جاء كصفقة متكاملة بحيث تدعم إثيوبيا ودول أعالي النيل الصفقة مقابل تنازلات مصرية في مشروع سد النهضة وفي حصة مصر المائية؛ لأن الاتفاق باختصار خالف نص “الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم الرشيد” الذي يحظر تولي قادة الانقلابات في أفريقيا أي مناصب سياسية لعقابهم علي ما فعلوه من قلب للحكومات الديمقراطية بقوة السلاح.
2- الاتفاق تدخلت فيه دول الخليج الداعمة للانقلاب مقابل رشاوى اقتصادية وصفقات واستثمارات خليجية وتمويل لسد النهضة ودعم مصري لمشروعات في إفريقيا، بل وتدخلت فيه إسرائيل التي ترضي عن السيسي وتسعي لرد جمايلة في سيناء.