يواجه أهالي "دمياط الجديدة" الموت في كل لحظة، وتصيبهم الأمراض والأوبئة الفتاكة، بسبب مكامير الفحم حيث يوجد بها أكثر من 200 مكمور فحم تملأ هواء المدينة بالدخان والغازات التي تهدد صحة الأطفال والكبار .
الأهالي أطلقوا على دمياط الجديدة مدينة الموت، ويسمون مكامير الفحم بالقاتل الصامت، ويؤكدون أنهم تقدموا بالكثير من الشكاوى لمسئولي المحافظة ولحكومة الانقلاب دون جدوى، رغم أن المكامير تعد أحد أخطر عوامل تجريف وتبوير الأراضي الزراعية.
وقال الأهالي إن "مسئولي الانقلاب يتجاهلون المكامير رغم أنها تقتلهم بالبطيء على مرأى ومسمع من المسئولين دون تدخل حاسم، لوقف هذه الكارثة التي تتسبب في انتشار الأمراض وتلوث البيئة".
جيل كامل
من جانبها قالت حنان سرحان أحد سكان المدينة "الأطفال بتتخنق وكبار السن من الدخان وعايشين على أدوية الصدر" .
وتساءلت حنان أين المسؤولون من كل هذا؟ حرام ندمر جيل كامل من هذه الملوثات المحيطة بنا ومن الآثار الضارة المحيطة بنا اتقوا الله .
وناشد طاهر عوض أحد سكان المنطقة، هيئة التدريس بكلية العلوم وجامعة دمياط بالاشتراك مع مدينة دمياط الجديدة والمسئولين عن البيئة لعمل دراسة لظاهرة المكامير المحيطة بالمدينة وتوضيح آثارها السلبية على الصحة العامة والبيئة .
وأكد أن الأطفال وكبار السن متأثرون جدا من هذه الانبعاثات الضارة، واسألوا أطباء الأطفال والصدر والحساسية عن كيف يموت أطفالنا؟
لقمة العيش
وفي حزن قال الطفل محمود علي، أحد الأطفال الذين يعملون في مكامير الفحم، إنه "ليس له بديل لكي يحصل على لقمة عيشة هو وأخوته الصغار، بعد أن توفي والدهم وتركهم للزمن بدون سند في الحياة".
وأكد أنه مصاب بمرض حساسية الصدر وأنه يعاني أثناء العمل، لكن ما باليد حيلة مشيرا إلى أن أكل العيش مر ولا يرحم .
سواد كاتم
وقال الدكتور محمود طلعت، الأستاذ المساعد بجامعة دمياط، وأحد سكان مدينة دمياط الجديدة، إن "المدينة يغطي سماءها الدخان ليلا، وتكون أشبه بقطعة من السواد لا أحد يستطيع أن يتنفس الهواء بسبب ما تنتجه مكامير الفحم والذي أدى إلى إصابة حوالي 75% من سكانها بأمراض صدرية وقلبية ورئوية".
وأضاف طلعت في تصريحات صحفية ، تقدمنا بشكاوى كثيرة للمحافظة ومجلس المدينة ومجلس وزراء الانقلاب لكن بدون جدوى وأكثر ما كان يمكن فعله من مجلس المدينة هو غلق مكمورة ليأتي أصحابها ويقيموا ثلاثة مكانها، مؤكدا أننا نعيش أمواتا بهذه المدينة.
وأوضح أن أولاده يعانون من أمراض صدرية ويعيشون على التنفس الصناعي، بسبب هذه المكامير المميتة، مشيرا إلى أنه ترك شقته في المدينة ورجع إلى مسكنه بالقرية التي تبعد عن مكان عمله بساعتين من الزمن بسبب التلوث الذي تحدثه هذة المكامير.
وكشف طلعت أن المدينة من الساعة 10 ليلا بالتحديد تتحول إلى سواد كاتم يجعل سكانها لا يتحملون العيش بها.
كامل العدد
وكشف الدكتور ماجد حماد، متخصص في حساسية الأنف والجيوب الأنفية بمستشفى دمياط الجديدة، ومن سكان المدينة، أن قسم الأطفال بالمستشفى كامل العدد بسبب ما يعانيه الأطفال من دخان مكامير الفحم، حيث يعانون من حساسية الجيوب الأنفية والصدر وبالتالي نستقبل حالات يوميا.
وقال حماد في تصريحات صحفية إن "معظم أطفال مدينة دمياط يعانون من أمراض حساسية الصدر والجيوب الأنفية والقلب بسبب هذه المكامير، مشيرا إلى أنهم تقدموا بالعديد من الشكاوى لغلق هذه المكامير لكن بلا جدوى".
وأكد أن المحافظة تزعم أن بعض مكامير الفحم نظيفة، وهذا غير موجود ليس هناك في العالم ما يسمى بـمكامير نظيفة، بل هذا عبث لافتا إلى أن هذه المكامير تعمل سحابة سوداء فوق المدينة خطرها لا يمتد فقط إلى المدينة ولكن يمتد إلى مصر بأكملها .
وطالب حماد بضرورة التدخل لغلق هذة المكامير، للحفاظ على صحة المصريين من هذا الوباء القاتل.
غازات مضرة
وأكدت الدكتورة آية أبو زيد أخصائي القلب والقسطرة القلبية، أن مكامير الفحم تؤثر بشكل كبير على صحة الأطفال، موضحة أن هناك غازات مضرة على صحة الأطفال والكبار تنبعث من مكامير الفحم منها غاز أول أكسيد الكربون الذي يطلق عليه القاتل الصامت، لأن استنشاق كميات كبيرة منه قد تؤدي إلى الموت دون سابق إنذار لأنه عديم اللون والرائحة ويتفاعل مع الهيموجلوبين، مما يؤدي إلى تقليل الأكسجين الواصل إلى عضلة القلب والإصابة بتسمم حاد.
وقالت د.آية في تصريحات صحفية إن "استنشاق غاز أول أكسيد الكربون الذي يخرج نتيجة احتراق الخشب بـمكامير الفحم، يؤدي إلى أمراض صدرية خطيرة مثل ضيق التنفس وحساسية الصدر والتهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي".
وأوضحت أن هناك أيضا ثاني أكسيد النيتروجين الذي يتحول إلى أكسيد النيتريك الذي يؤثر على كفاءة الرئتين ويؤدي إلى ضيق التنفس والأمراض السابقة، وهناك ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي استنشاقه إلى عدم انتظام ضربات القلب ويؤدي في بعض الأحيان إلى الإعياء الشديد وفقدان الوعي.
وحذرت د.آية من أن مكامير الفحم من الأشياء الخطيرة على الصحة العامة بشكل عام فهي تلوث الهواء في مصر بأكملها، وليس دمياط أو المنطقة الذي ينتج بها الفحم فقط مشددة على ضرورة العمل على تقنين وضعها، بحيث تكون صديقة للبيئة للحفاظ على صحة الإنسان والحيوان أيضا.