في ظل سياسات الانقلاب العسكري الفاشل اقتصاديا واجتماعيا بإدارة الدولة المصرية، واستغلال شيطان العرب لحظة الضعف والترهل التي تعانيها الدولة المصرية في ظل حكم عسكري، سعت الإمارات لدعم انقلابه العسكري بالأموال والدعم السياسي والاقتصادي والدبلوماسي، لتثبيت أركان السيسي على كرسي الانقلاب العسكري، في مقابل سري بالهيمنة على القرار السياسي والاقتصادي في مصر ، لدرجة باتت الإمارات تحتكر كل شيء في مصر من صناعة الأدوية والأعذية والعقارت والسياحة والصناعة ، بل والقواعد العسكرية التي تعمل وفق أجندتها، سواء في برنيس بالبحر الأحمر أو سيدي براني بالعلمين في غرب مصر.
وعبر قرار استقالة رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية، اللواء أحمد زكي عابدين، عن مدى التدخل الإماراتي في القرار المصري، إذ كشفت مصادر سياسية مطلعة أن إقالة عابدين كانت برغبة إماراتية خالصة ، وما خفي من إقالات وتعيينات بالحكومة والدولة المصرية وفق الهوى الإماراتي.
وفي سياق سيطرة الإمارات وتغولها على القرار المصري، كشفت دراسة أعلنت الأربعاء الماضي، عن أن الإمارات هي أكبر مالك للأراضي والعقارات الموجودة بالعاصمة المصرية القاهرة.
فى قبضة الإمارات
وجاءت دراسة "من يملك القاهرة؟" التي أعدتها "مؤسسة 10 طوبة للدراسات والتطبيقات العمرانية" لتؤكد حجم التغول الإماراتي المتنوع بمصر، حيث تعتبر الحكومة الإماراتية ثاني أكبر حكومة تمتلك أراض في محافظة القاهرة بعد الحكومة المصرية.
الدراسة التي تتألف من أربعة أجزاء كشفت كيف استحوذت “إعمار مصر للتنمية” التابعة لإعمار العقارية الإماراتية أكبر شركة تطوير عقاري مدرجة في دبي، على 25% من أسهم شركة “إيجل هيلز مصر” لإدارة المشروعات والاستثمار.
وحذرت منصات إعلامية من الحضور البارز للمال الإماراتي في مصر، في مجالات شتى، والتوسع في الاستحواذ إلى درجة التخطيط لرفع قيمة الاستثمارات الإماراتية في مصر من نحو 20 مليار دولار إلى 35 مليارا بحلول 2027.
وأكدت الدراسة أن الحكومة الإماراتية تمتلك أراض بنسبة 16.6% فيما تملك الحكومة المصرية نسبة 16% لتحتل المركز الأول في القائمة، كأكبر مالك للأراضي، ثم تأتي حكومات الكويت والنرويج في مراتب متتالية من خلال صناديق استثمار بحصص أصغر كثيرا.
وتتضمن الأراضي الخاضعة لملكية شركات مملوكة للحكومة الإماراتية، أصول شركة سوديك المصرية التي استحوذ عليها تحالف الدار العقارية والقابضة ADQ في ديسمبر الماضي.
وسبق أن أعلن التحالف عن تنفيذ صفقة استحواذه على نحو 85.52% من رأس المال القائم لشركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) المدرجة في البورصة المصرية تحت الرمز OCDI.CA.
وأشارت إلى أن الملكيات المقصودة في الدراسة غير متضمنة شركة العاصمة الإدارية، بينما تشمل حيازات الشركات في الحيز العمراني داخل العاصمة الإدارية التي تبيعها للشركات المدرجة في البورصة.
دور السعودية
والإعلان اﻷخير عن تغول الإمارات في تملك أراضي القاهرة، ليس ببعيد عن تدفق المال الخليجي عموما في شراء أصول صندوق مصر السيادي، وبلغت استثمارات صندوقي الإمارات والسعودية السياديين 3.3 مليار دولار خلال العام الجاري.
وبخلاف توسع حكومة الإمارات في تملك حصص في الشركات العقارية المصرية، تستحوذ شركات خاصة سعودية على حجم لا يستهان به أيضا من أراضي القاهرة.
ووفق الدراسة، فإن 10 شركات تضمنها البحث تملك نحو 40 ألف فدان في القاهرة الكبرى، بما يمثل 5% من مساحة المدينة داخل الكردون، وبنحو 10% من الأراضي المبنية، و 16% من مساحة المدن الجديدة بالمحافظة.
والشركات هي إعمار مصر للتنمية، ومجموعة طلعت مصطفى القابضة، وبالم هيلز، ومدينة نصر للإسكان والتعمير، وبنك التعمير والإسكان (نشاط التعمير والإسكان فقط) والسادس من أكتوبر، وبايونيرز بروبرتيز للتنمية العمرانية، ومصر الجديدة للإسكان، و أوراسكوم للتنمية، وأخيرا بورتو جروب.
ووفقا للدراسة فإن الشركات العشر تستحوذ على 90% من أرباح قطاع العقارات، وتتركز غالبيتها في 6 أو 7 منها.
وتأتي شركة مجموعة طلعت مصطفى كصاحبة أعلى نسبة تملك بما يقارب 13.5% تليها عائلة بن لادن السعودية بنحو 6.9% من مساحة الأراضي المتضمنة في الدراسة.
وبجانب عائلة بن لادن، تحل عائلات سعودية أخرى هي مغربي التي تمتلك نحو 2.46% من جملة اﻷراضي التي شملتها الدراسة، وآل راشد بنسبة 3.3% وعائلة العليان بنسبة 0.44%.
وتمتلك عائلة منصور التي تمتلك شركة بالم هيلز، نحو 4.6% من حجم أراضي القاهرة، بينما تمتلك عائلة ساويرس 1.28% من أراضي القاهرة.
وبحسب الدراسة تتركز غالبية مشروعات ساويرس في مدينة الجونة والساحل الشمالي.
تراجع الدور المصري
وتشير الأرقام الواردة بالدراسة إلى تراجع دور الدولة المصرية في السيطرة على أراضي العاصمة والتي تعد أمنا قوميا لأي دولة، إذ تنحسر قوة الدولة وسيطرتها ومن ثم قرارها داخل العاصمة، بما يقلص قراراتها ويضيق هامش تحركها، سواء في تبني مشاريع اجتماعية للسكان أو مشاريع صحية، وهو ما يحول أي مشروع مستهدف إلى حسابات السوق والربح والحسارة إذ لن تمتلك الدولة كدولة أي فرصة للمنافسة أو قدرة على اتخاذ القرارات بغعالية، حيث ستقف الحكومة على أبواب أصحاب الشركات تستجديهم تنفيذ مشاريع أو مباني تريدها بالعاصمة، وهو ما يفقد الدولة قدراتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
يشار إلى أن الإمارات قدمت للسيسي منذ انقلابه العسكري في 2013 أكثر من 100 مليار دولار، على شكل دعم مالي وعيني وبترول وخدمات دبلوماسية وإعلامية للترويج لانقلابه بالغرب، ودعم قراراته الكارثية التي يدفع المصريون ثمنها حاليا.
