انطلق في أديس أبابا "المؤتمر الإقليمي الأول رفيع المستوى لمؤتمر التعاون لدول أعالي نهر النيل على مدى ثلاثة أيام تنتهي الأربعاء".
يشارك في المؤتمر كل من: ديميكي ميكونين، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، ووزير المياه والطاقة هابتامو إيتيفا، ووزراء الدولة للشؤون الخارجية، السفير تسفاي والسفير بيرتوكان أيانو، ومندوبين من تنزانيا وأوغندا وكينيا وجنوب السودان، وممثلين من معاهد المياه المختلفة، وضيوف رفيعي المستوى.
ووفق مراقبين فإن مؤتمر "الانتفاع المنصف المشترك للمجاري المائية العابرة للحدود الدولية" هو بمثابة ترويج لسد النهضة الكبير.
وبحسب خبير المياه الدولي د. أيمن سلامة، فإن المؤتمر الذي دعت إليه أديس أبابا مسؤولين رسميين، وخبراء متخصصين في الطاقة والكهرباء والزراعة والمياه، من دول الجوار الإثيوبي ، أوغندا وكينيا وتنزانيا وجنوب السودان، هدفه الترويج لأن سد النهضة يحقق لإثيوبيا أعلى مصلحة قومية، وهو ما أجمعت عليه الحكومات الإثيوبية المتعاقبة كافة، وحتى قبل الإعلان عن تشييد السد في عام 2011.
ووفقا لسلامة، فإن الدعوة الإثيوبية لهذه الدول تحديدا تكمن في اعتبارها أكثر دول حوض نهر النيل تطلعا للاستفادة من الطاقة الكهربائية المتولدة من سد النهضة.
واستبعدت إثيوبيا كلا من مصر والسودان من المشاركة في المؤتمر، لتعارض وجودهما مع الأهداف الأثيوبية وأهداف دول المنبع التي ترى أنها الأحق بمياه النيل، وأنه يجب تحقيق كافة احتياجاتها وتلبية مشاريعها وحاجياتها المائية قبل السماح بأي خروج لأي كميات من مياه النهر خارج دول المنبع ، وهو نهج يتعارض مع المواثيق الدولية ويقضي نهائيا على ما يعرف بالحقوق التاريخية لكلا من مصر والسودان، ويقضي على أي مطالبات ودعوات مصرية لاحترام المواثيق والمعاهدات الدولية شأن النهر.
وفي بداية المؤتمر، شدد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإثيوبي ديميكي ميكونين على أهمية النهر بالنسبة للدول المشاطئة، قائلا إن "نهر النيل الذي يوفر سبل العيش لملايين الأشخاص الذين يعيشون على ضفافه في إثيوبيا وحدها، يشكل ثلثي المياه السطحية في البلاد".
وأشار إلى أن "نهر النيل يواجه مشاكل طبيعية وغير طبيعية على حد سواء تؤثر على الاستخدام المستدام للنهر، وتؤدي إلى تفاقم الإجهاد المائي في المنطقة، وتتسبب في توترات بشأن الاستفادة منه ومن المياه المتاحة".
الاستخدام المنصف
وأوضح ديميكي أن "هناك قضايا تمنع الاستخدام المستدام لنهر النيل، فهو من ناحية مهدد بالطلب المتزايد باستمرار على المياه بسبب النمو السكاني والتدهور البيئي وتغير المناخ، وذلك إضافة إلى أمور أخرى ، وأكد ديميكي أن الاتجاه لتأكيد الهيمنة على الموارد المائية المشتركة، ومن ناحية أخرى لا يزال يشكل عائقا أمام الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل".
وأشار إلى "الإجراءات التي اتخذتها الدول المشاطئة العليا على نهر النيل في السنوات الماضية" قائلا إن "الدول المشاطئة سعت إلى مواجهة هذه التحديات وخطت خطوات متواضعة للحفاظ على المورد المشترك مع محاولة ضمان العدالة في استخدامه".
وأضاف أن هذه الجهود توجت بإطلاق مبادرة حوض النيل في عام 1999 وفتح باب التوقيع على اتفاقية الإطار التعاوني (CFA) في عام 2010 بعد عملية مفاوضات استمرت عقدا من الزمن.
وتابع ديميكي "وبالإضافة إلى هذا الجهد الجماعي الذي نبذله لضمان الاستخدام العادل والمنصف لمواردنا المشتركة، فقد دعمت حكومة إثيوبيا، في إطار CFA تنمية الحوض على نطاق واسع".
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء "للأسف، تعرض مشروع تنموي خالص بأهداف واضحة لإنتاج الطاقة النظيفة، لتسييس وضغط لا داعي له، على الرغم من أنه لا يترتب عليه أي ضرر كبير لأي دولة مشاطئة" وأضاف "هذا مؤشر آخر على سبب حاجتنا للإسراع في إنشاء إطار قانوني ومؤسسي واسع للحوض".
وأضاف أنه في هذا الصدد "أود أن أغتنم هذه الفرصة لدعوة الدول المشاطئة للإسراع في دخول اتفاقية الاتحاد المالي الأفريقي حيز التنفيذ، والتي ستعالج بلا شك المشاكل بطريقة دائمة".
وبدأت إثيوبيا مؤخرا الاستعداد للملء الرابع لسد النهضة دون التوصل لاتفاق مع مصر والسودان، على أن يبدأ التخزين في يونيو المقبل، بما يحقق للسد الأكبر في العالم حماية ذاتية، بعد أن تخلت مصر عن استخدام وسائل الردع المتعارف عليها والتي يخولها لها القانون الدولي، بحماية أمنها القومي من أي تهديدات وسط عجز من نظام السيسي الذي يصر على انتهاج نهج المفاوضات المفتوحة مع أثيوبيا دون نتيجة فعلية.
كارثة اتفاق المبادئ
وتعتمد إثيوبيا في سجالاتها مع مصر على اتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي مع رئيس الوزراء الأثيوبي والرئيس السوداني السابق في مارس 2015 وهو ما حمل اسم اتفاق المبادئ لسد النهضة، وتخلى فيه السيسي لأول مرة في التاريخ عن لفظ الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل، وأعفى أثيوبيا من استئذان مصر لإقامة أية مشاريع على مجرى النهر، واكتفى بالإعلام فقط، وهو ما تتمسك به إثيوبيا حاليا، رافضة إشراك مصر في إدارة السد .
22 مليار متر مكعب
وقد وصل حجم المياه بسد النهضة حاليا نحو 22 مليار متر مكعب من المياه، فيما تعاني مصر من نقص حاد في حصتها البالغة 55,5 مليار متر مكعب، لا تصل مصر من مياه النيل سوى نحو 30 مليار متر مكعب في ظروف الفيضان الجيد، وهو ما يؤثر سلبا على الزراعة والصناعة بمصر ويهدد ببوار نصف مساحة دلتا مصر، وهجرة نحو 40 مليون مواطن مصري، وارتفاع نسب الفقر لأكثر من 80% من الشعب المصري.
ورغم ذلك كله ما زال المنقلب العاجز عبد الفتاح السيسي ساكنا مكتفيا بالسعي لوساطات دولية لن تجدي، في ظل صمت الجيش المصري، الذي ينجح في قتل المعتصمين السلميين في الميادين، وفي سيناء وغيرها من ربوع مصر، بعد أن غير المنقلب عقيدته القتالية وجعلها أداة لقتل المصريين.