رصد مراقبون وخبراء شللا في الأسواق وركودا في البيع والشراء، مع استمرار جنون الأسعار، ونقص في السلع خلال الفترة الماضية؛ سواء نتيجة ارتفاع تكاليف الاستيراد أو بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية أو زيادة سعر الدولار أمام الجنيه أو بسبب ترقب قرض صندوق النقد.
وأكد الخبير والباحث الاقتصادي د. إبراهيم نوار عبر "فيسبوك" (Ibrahim Nawar) أن "السوق في حالة شلل تقريبا انتظار لقرض الصندوق ".
وعن مظاهر ذلك قال "البنك المركزي والمصارف والشركات وكل الأطراف الفاعلة في السوق لن تتخذ أي قرارات رئيسية إلا بعد تأكيد من الحكومة أنها توصلت فعلا إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، دون ذلك فإن السوق ستبقى في حالة شلل تقريبا ، مشيرا إلى أن ذلك لتزايد احتمالات رفع سعر الفائدة، وتخفيض قيمة الجنيه بنسبة كبيرة".
وأضاف أن السبب الثاني هو إحجام البنوك "عن تمويل السندات الحكومية تقريبا، والحكومة لم تجد مخرجا غير زيادة الاعتماد على بيع أذون خزانة لأجل 91 يوما ".
وعلق أن "الإصدار الأخير لصالح الخزانة بلغت نسبة التمويل بأذون لأجل 91 يوما 43.5 مليار جنيه بنسبة 65.6% من القيمة الكلية للتمويل، قيمة بيع أذون لأجل 364 يوما بلغت 4.4 مليار جنيه بنسبة 6.6% فقط من التمويل الذي حصلت عليه وزارة المالية لتغطية احتياجات الإنفاق الحكومي، طبقا لنتائج إصدار اليوم 18 أكتوبر".
وشدد على أن "قيمة الاقتراض الذي حصلت عليه الحكومة اليوم بلغت 66.4 مليار دولار، الأقل منذ بداية السنة المالية".
ونبه إلى أن "متوسط العائد على الأذون لأجل 91 يوما يبلغ 16.026% بزيادة 4.775% عن سعر الإيداع لدى البنك المركزي، الحد الأقصى للعائد على أذون الخزانة محليا بلغ 17.84%" موضحا أن "البنوك تمتنع عن تمويل سندات لأجل يزيد عن 3 سنوات، كما أن قيمة الاكتتاب في سندات 3 سنوات هزيلة جدا في الإصدار الأخير".
النمط العالمي
ويبدو الشلل الذي كان مؤكدا له ظاهرة انهيار السندات الحكومية العالمية في إنجلترا ومن قبلها الولايات المتحدة، فبنك إنجلترا الثلاثاء 18 أكتوبر قرر تأجيل برنامج بيع السندات الحكومية الذي كان مقررا في نهاية أكتوبر الجاري الحالي بعد إلغاء الحكومة البريطانية خطتها المالية.
ومنذ رفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة في سبتمبر الماضي انهار سوق السندات الحكومية العالمية، وواصل ضرب الأسهم على مدار الأشهر المقبلة، فالسندات تتعرض لأسوأ موجة تراجع منذ عام 1949 في ظل رفع الفائدة من قبل البنوك المركزية العالمية لمكافحة التضخم.
وبالتبعية، قررت البنوك بمنطقتنا الحذر من توريق السندات خوفا من "اتساع هوامش الائتمان وتراجع الأسهم" ورصد المحلل المالي هاني جنينة عن مفارقة تسعير السندات الحكومية أن العائد حتى الاستحقاق على سندات الحكومة الدولارية استحقاق ٢٠٢٧ = حوالي ١٢.٥% وهو نفسه العائد حتى الاستحقاق على سندات الحكومة المصرية بالجنيه المصري استحقاق ٢٠٢٧ وبعد الضريبة 12.5%.
ووصل جنينة إلى أنه "لو السوق كان ذو كفاءة في ظل مخاطر سعر الصرف الحالية، كان المفروض أن الطلب على اليورو بوند يبقى ١٠٠% من إجمالي الطلب على السندات الحكومية و الطلب علي السندات المصرية = ٠% من إجمالي الطلب.
خمس دول
وتعاني الأسواق المصرية، خلال الفترة الحالية، على أثر شلل الأسواق المالية ظهور شلل بأسواق السيارات والأجهزة المنزلية والكهربائية، والملابس والأخشاب، وهواتف المحمول أزمات تهدد معظمها بخروج التجار من الأسواق.
هذا الشلل والركود من الممكن أن تكون له انعاكسات الضغط الاجتماعي انتفاضات كما في تقرير صدر عن المعهد الدولي للدراسات (IISS) من أن 5 دول عربية غير نفطية، ستحصل فيها اضطرابات اقتصادية بسبب تداعيات ما بعد كورونا، وما لحقها من أزمة الطاقة والغذاء الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وذكر التقرير إلى جوار مصر؛ (الأردن، ولبنان، والمغرب وتونس).
وأن الشلل يسبب بحسب التقرير "اختلالات الاقتصاد الكلي الحالي للتفاقم إلى جانب ارتفاع البطالة والتضخم".
منبهة إلى أن محاولات حكومات هذه الدول "جمع الإيرادات عن طريق زيادة الضرائب غير المباشرة والتي لها تأثير أكثر أهمية على الأشخاص الفقراء أو لديهم دخل معتدل أثناء خفض الخدمات العامة ومستويات التوظيف هذه العوامل، إلى جانب مستويات عالية نسبيا من القمع السياسي المعمول بها منذ انتفاضات الربيع العربي 2011 تشكل خطرا على الاستقرار السياسي في المنطقة".
وأوضحت الدراسة أن "السكان العرب يتعرضون بشكل خاص لآثار هذه الصدمات العالمية، على سبيل المثال، تقوم الحكومات في جميع أنحاء المنطقة بتخفيض الإعانات وتحاول جمع الإيرادات من خلال جمع المزيد من الضرائب والرسوم في مصر، تسعى الحكومة إلى الحد من الإنفاق الحكومي من خلال إصلاح خطة الإعانات الخاصة بها على المنتجات الأساسية مثل الخبز والوقود".
آثار التضخم
وكان المحلل الاقتصادي مصطفى عبدالسلام تحدث عن آثار التضخم المتصاعد بقسوة منذ مايو الماضي، وأن ذلك يعني حدث شلل في الأسواق خاصة مع سحب السيولة النقدية وضعف القدرة الشرائية للمواطن".
وأضاف أن هذه المخاطر يحث الحكومة على التفرغ لمعالجة ظاهرة التضخم لأنها "أس البلاوي" كلها السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، فهل لدينا حكومة كفء وعلى درجة كافية من الخبرة والوعي والحنكة لإدارة هذا الملف الشائك جدا ؟ التضخم كارثة بكل المقاييس فاحذروها".