طالب “تحالف المادة 55” بوضع تشريع يتناسب مع متطلبات مصر الدولية، وفقا للعهود والمواثيق التي وقّعت عليها، وأهمها اتفاقية مناهضة التعذيب، ويتعامل مع الثغرات والعوار القانوني الموجود بقانون العقوبات الحالي، والذي لا يعالج ظاهرة التعذيب قانونيا.
ودعا التحالف الذي يضم عدد من المنظمات والحملات الحقوقية، في بيان صادر عنه اليوم ، بالتزامن مع اليوم العالمي لضحايا التعذيب، سلطات النظام الانقلابي في مصر للانضمام للبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والذي يسمح لخبراء دوليين مستقلين بإجراء زيارات دورية لأماكن الاحتجاز بغرض تقييم ظروف الاحتجاز، وتقديم التوصيات من أجل تحسينها.
كما طالب بوقف سياسة الإفلات من العقاب، وذلك عن طريق تحديد التعذيب كجريمة تقتضي فصل الموظف العام المحكوم عليه بجناية التعذيب، وعدم عودته للعمل مرة أخرى.
وأكد التحالف الذي يضم مؤسسة لجنة العدالة، منظمة حقهم ، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان ، الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ومنظمة نحن نسجل ، على أن التعذيب جريمة لا تقع فقط بحق الذين يقع عليهم الانتهاك، ولكنه جريمة تمس أمن المجتمع ككل وتجعل روح الخوف وعدم الشعور بالأمان هي المسيطرة على التعاملات بين الأنظمة ومواطنيها، مما يفقد الأنظمة دورها في حماية أمن المجتمع، وينزع عنها صفة الشرعية باعتبارها تعمدت عدم التقيد بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بمنع التعذيب وتجريمه.
اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب
و يحتفل العالم الحر باليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، بتاريخ 26 يونيو من كل عام، حيث دخلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة ـ وهي إحدى الأدوات الرئيسية في مكافحة التعذيب ـ حيز التنفيذ في عام 1987، واليوم توجد 173 دولة في هذه الاتفاقية.
و”التعذيب” وفقا لتعريفات الأمم المتحدة؛ هو أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.
ورغم أن اتفاقية مناهضة التعذيب لم تدخل حيز التنفيذ إلا في عام 1987، إلا أن المحاولات الأممية لإدانة التعذيب وضروبه بدأت منذ عام 1948، حين أدان المجتمع الدولي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كذلك في عام 1975، اعتمدت الجمعية العامة، ردا على النشاط القوي الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية، الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وخلال الثمانينات والتسعينات، أيضا حُقق تقدم في وضع المعايير والصكوك القانونية وفي إنفاذ حظر التعذيب، وأنشأت الجمعية العامة صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب في عام 1981؛ لتمويل المنظمات التي تقدم المساعدة لضحايا التعذيب وأسرهم.
التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم بحسب الدستور الحالي
وفي مصر جاءت المادة (52) من دستور 2014 لتعتبر أن “التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم”، على عكس الدساتير السابقة، فقد أفرد دستور 2014 مادة مستقلة للتعذيب واعتبرها جريمة لا تسقط بالتقادم.
إضافة إلى ذلك أتاحت المادة رقم (99) الحق في الادعاء المباشر في أي جرائم تتضمن الاعتداء على الحقوق والحريات الشخصية، ونصت على أن “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر، وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء، وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذه الحقوق، وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منضما إلى المضرور بناء على طلبه، وذلك كله على الوجه المبين بالقانون.
التعذيب ممنهج داخل مراكز الاحتجاز والسجون
وأكد البيان على أن الوضع داخل مراكز ومقار الاحتجاز في مصر يؤكد على أن التعذيب ليس مجرد ظاهرة ناتجة عن تصرفات فردية، ولكنها ظاهرة ممنهجة مرتبطة ببقاء النظام والدفاع عنه، كما أن سياسة الإفلات من العقاب التي أدمنتها السلطات المصرية أكدت على منهجية التعذيب، حيث لا يوجد رادع لمن يرتكب التعذيب ضد أي مواطن، وخصوصا من ينتمون إلى هيئات وجهات معارضة لأراء النظام الانقلابي الحالي.
ومما يدعم هذا التأكيد ما أبدته لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في تقريرها حول مراجعة ملف مصر، الذي صدر الشهر الماضي، من قلق اتجاه الاستخدام المنهجي للتعذيب على أيدي الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في مصر، وأن التعذيب وسوء المعاملة منتشران في أماكن الحرمان من الحرية، وأن هذه الأفعال تمارس على نطاق واسع من قبل الشرطة وأجهزة أمن الدولة أثناء مراحل التوقيف والاستجواب والتحقيق.
كذلك تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن حالة حقوق الإنسان في مصر لعام 2020، الذي ذكر أن التعذيب شائع في أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية، وأن الإفلات من العقاب يشكل ظاهرة خطيرة بين قوات الأمن.
فضلا عن التقرير الذي أصدرته مؤسسة “لجنة العدالة” حول الانتهاكات التي رصدتها طوال العام 2022، والتي كان للتعذيب فيها نسبة لا بأس بها، حيث تم رصد 48 انتهاكا ضمن التعذيب داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر خلال 2022.