ضغوط صندوق النقد والأموال الساخنة . لماذا تواصل حكومة الانقلاب طباعة النقود بشكل غير مدروس ؟

- ‎فيتقارير

شهدت أسعار الدولار أمام الجنيه تحركا مفاجئا رغم تراجع مؤشر الدولار عالميا، وقفز سعر الصرف، و كان سعر الدولار مقابل الجنيه قد بدأ في الارتفاع بالأسواق منذ نهاية الأسبوع الماضي. 

 توقع محللون اقتصاديون إن يسمح البنك المركزي بارتفاع الدولار تدريجياً في إطار تنفيذه لسياسات مرونة سعر الصرف المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي منذ اتفاقه الأخير عام 2022، الذي قضى بمنح الانقلاب 8 مليارات دولار على أقساط ربع سنوية، مع إضافة 1.3 مليار دولار من صندوق الاستدامة والصلابة التابع له. 

وقالوا ان ضغوط صندوق النقد على حكومة الانقلاب، تأتي في وقت تعاني فيه البلاد من زيادة الالتزامات الدولية المستحقة بالدولار خلال شهري مارس وإبريل 2025 ، وفقاً لتقديرات البنك المركزي، بقيمة تصل إلى 13 ملياراً و778 مليون دولار، بينما يصل إجمالي التزامات المركزي إلى نحو 22.46 مليار دولار حتى ديسمبر 2025، عدا التزامات حكومة الانقلاب تجاه سداد أقساط مستحقات شركات النفط والغاز الأجنبية وقيمة صفقات القمح والسلع الغذائية التي تُستورَد بنظام الدفع الآجل. 

 

الأموال الساخنة

من جانبه قال مصدر مصرفي إن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دفعت بالتوتر نحو خروج بعض الأموال الساخنة في ظل الانهيارات الواضحة للبورصات العالمية وتعويض خسائرها في الخارج.

واعتبر المصدر أن ما يحدث انعكاس واضح لمرونة سعر الصرف وتحركه وفق العرض والطلب، متوقعا أن تعاود الأسعار مع هدوء حركة الطلب استقرارها، مجددا لتهبط دون الـ 51 جنيها وفق تعبيره، مشيرا إلى أن ما يحدث يعد تحركا وليس تعويما والبنك المركزي لا يتدخل لدعم العملة مجددا منذ مارس 2024.

وكشف مسئول بقطاع المعاملات بأحد البنوك أن البنوك تشهد موجة طلب على الدولار أعلى من المعروض، وهو ما دفع إلى حركة العملة الأمريكية الملحوظة التي صعدت من مستوى مستقر إلى أعلى من 51 جنيها .

وتوقع المسئول أن تظهر التحركات الخاصة بسعر الدولار مع عمل البورصات العالمية وبيان تأثير ذلك على خروج الأجانب من عدمه.

 

طباعة نقود

واعتبر هشام عزب العرب، رئيس البنك التجاري الدولي السابق، أن تراجع الجنيه أمام الدولار نتيجة طبيعية لسياسات دولة العسكر التى طبعت في السنوات السابقة أرقامًا خرافية وفلكية، ما يعادل 6 تريليونات جنيه، وبالتالى ندفع ثمن هذا الخطأ من خلال الضغط على العملة والأسعار. 

وأشار عز العرب عبر حسابه على موقع فيس بوك، إلى أن طباعة البنك المركزي المصري 6 تريليونات جنيه من بعد تعويم 2016 حتى سنة 2021 تسبب في ضعف الجنيه مؤكدا أن الأزمة الاقتصادية الحالية ناتجة عن قلة الصادرات، وطباعة النقود بشكل غير مدروس، ما أدى إلى تفاقم الوضع، حيث تم ضخ ما يعادل 6 تريليونات جنيه في السوق.

وقال: موضوع المعروض النقدي الذي نسميه طباعة النقود له في العالم كله معادلة مرتبطة بالناتج القومي الإجمالي (داخل فيه تغير الأسعار) وأي بنك مركزي عليه زيادة المعروض النقدي كل عام بالقيمة المعادلة وإلا يخنق الاقتصاد.

وحذر عز العرب من أن زيادة المعروض النقدي بدون مقابل زيادة في الناتج القومي او اكثر منه ينتج عنه اثر تضخمي لاحق .. لافتا الى انه حدثت زيادة في المعروض النقدي اكثر مما يجب في سنوات سابقة طبقا لحساباتنا كان نحو 2 تريليون جنيه تقريبا وقت ما كان الدولار بـ 15 جنيها ومعني ذلك أن المعادل المعروض طبقا للأسعار الحالية يعادل 6 تريليونات جنيه .  

وأوضح أن زياده المعروض النقدي "طباعة نقود" لتحفيز الاقتصاد في وقت الأزمات واستثمار هذه الأموال في البنية التحتية يعزز الإنتاجية ويخلق فرص عمل وهذا يعود بالنفع علي المدى الطويل لكن المشكلة تحدث عندما تفشل الدولة في استثمار هذه النقود بشكل صحيح دون إنتاج حقيقي ملموس.

وأضاف عز العرب : الطباعة ليست خطأ أو غير صحية للاقتصاد، لكنها تعتمد علي طريقة ضخ الأموال في السوق وتوظيفها مع تقليل  كمية المتداول عن طريق بعض السياسات النقدية من رفع أسعار الفائدة وبيع السندات الحكومية للسيطرة على التضخم.

وتوقع أن يصل سعر الدولار إلى 58 جنيهًا، زاعما أن الفكرة القديمة التي تربط سعر الصرف بكرامة الدولة يجب أن تُستبعد تمامًا لأن سعر الصرف وسعر الفائدة هما أدوات يستخدمها البنك المركزي لضبط السياسة النقدية والتحكم في التضخم . 

 

قواعد حكومة الانقلاب

وأكد خبير البنوك والاستثمار الدكتور رشاد عبده أن ارتفاع الدولار مقابل الجنيه، نتاج طبيعي لحالة السوق المصرية، التي تديرها حكومة الانقلاب، عبر قواعد خاصة بها، تعتمد على إدارة سعر الصرف ليرتفع الدولار مقابل الجنيه في حدود ضيقة لا تزيد صعوداً أو هبوطاً عن 5٪ .

وقال عبده فى تصريحات صحفية ان حكومة الانقلاب تعتمد كلما ضاق بها الأمر على بيع أصل من الأصول العامة للأجانب، على غرار ما اتخذته من بيع مدينة كاملة برأس الحكمة للصندوق السيادي التابع لعيال زايد في الإمارات، ما أسهم في إنقاذ الجنيه خلال العام الماضي من التدهور الحاد، لينزل الدولار من مستوى 70 جنيهاً بالسوق الموازية إلى 50 جنيهاً في المتوسط لأكثر من 8 أشهر. 

وأشار إلى أنّ تراجع الدولار في الأسواق العالمية يعكس طبيعة السوق وآليات العرض والطلب عليه في الأسواق الأجنبية، التي تعكس تخوف المستهلكين من زيادة معدلات التضخم، وتحولاً في معنويات المستثمرين تجاه الدولار، وتخوفهم المتصاعد بشأن نمو الاقتصاد الأمريكي مع حرب التعريفة الجمركية التى أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتراجع بيانات الوظائف الأمريكية، التي تدفعهم إلى عدم الرهان على صعود الدولار خلال الشهرين المقبلين على الأقل . 

وتوقع عبده ألا يصعد الدولار أمام الجنيه أكبر من النسب المقررة من قبل حكومة الانقلاب، خلال الفترة المقبلة، مع وجود خطط من حكومة الانقلاب لبيع المزيد من الشركات العامة والمملوكة لدولة العسكر إلى المستثمرين الأجانب، لتوفير السيولة اللازمة للدولار، زاعمة أنها ترغب في توسيع الملكية وإسناد دور كبير للقطاع الخاص في الاقتصاد.

واعتبر أن صعود الدولار بمعدل 2٪ في الآونة الأخيرة أمر غير مخيف، ولن يقلق الأسواق، لا سيما في ظل الركود على طلب السلع من قبل المستهلكين الذين تراجعت قوتهم الشرائية بصورة كبيرة .