في ظل أزمةمالية خانقة: السيسي يطرح شركات الجيش للبيع عبر الصندوق السيادي

- ‎فيتقارير

تواجه مصر أزمة مالية حادة دفعت حكومة الانقلاب إلى اتخاذ خطوات جذرية لتعزيز الاقتصاد وتوفير موارد مالية جديدة. وفي هذا السياق، شهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي توقيع اتفاقيات تعاون لطرح مجموعة من الشركات التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة. تضم هذه الشركات:​

 

الشركة الوطنية للبترول​

 

شركة شل أوت​

 

شركة سايلو فودز للصناعات الغذائية​

 

شركة صافي​

 

الشركة الوطنية للطرق​

 

وفقًا لبيان مجلس الوزراء بنظام الانقلاب ، سيتولى صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية مهمة إعادة هيكلة هذه الشركات تمهيدًا لطرحها في السوق، وذلك في إطار خطة الحكومة لدمج الشركات العسكرية في الاقتصاد المدني. من المقرر الانتهاء من طرح عدد من هذه الشركات خلال عام 2025، على أن تستكمل العملية في العام التالي.​

 

ضغوط صندوق النقد الدولي وتقليص دور الجيش في الاقتصاد

 

تأتي هذه الخطوة استجابةً لضغوط صندوق النقد الدولي، الذي طالب الحكومة المصرية بتقليص دور الجيش في الاقتصاد كجزء من حزمة إنقاذ مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار. وافق الرئيس عبد الفتاح السيسي على هذه الإصلاحات، التي تشمل "تسوية الموقف بين القطاعين العام والخاص" كجزء من سياسة ملكية الدولة. بموجب هذه السياسة، ستحدد الحكومة القطاعات الاستراتيجية التي ستظل متواجدة فيها، بينما تنسحب تدريجيًا من القطاعات غير الاستراتيجية وتوسع مشاركة القطاع الخاص فيها، بما في ذلك من خلال بيع الأصول.​

حجم استثمارات الجيش في الاقتصاد المصري

 

لا تزال البيانات الدقيقة حول حجم استثمارات الجيش في الاقتصاد المصري غير متاحة بشكل رسمي، وسط تباين في التصريحات الحكومية. صرح رئيس الوزراء بأن مساهمة اقتصاد الجيش لا تتجاوز 1% من إجمالي الاقتصاد، في حين قدرها المنقلب السيسي بما لا يزيد على 3%. وفقًا لتقديرات البنك الدولي، يضم القطاع العسكري نحو 60 شركة تعمل في 19 قطاعًا من أصل 24 قطاعًا اقتصاديًا مصنّفًا رسميًا، وتعود ملكية 32 من هذه الشركات إلى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، أُنشئ ثلثها بعد عام 2015.​

 

انتقادات لتوسع نفوذ المؤسسة العسكرية في الاقتصاد

 

حذر معهد كارنيغي-الشرق الأوسط في تقرير صدر في نوفمبر 2019 من اتساع نفوذ المؤسسة العسكرية في الاقتصاد المصري. أشار المعهد إلى أن الجيش لا يكتفي بالمشروعات الاستراتيجية الكبرى، بل يمتد نشاطه ليشمل إنتاج السلع الاستهلاكية والأجهزة المنزلية، وتصنيع الكيماويات، وإنتاج معدات النقل، بالإضافة إلى أنشطة أخرى مثل التنقيب عن الذهب وإدارة الأوقاف الدينية وتنظيم رحلات الحج.​

 

مخاوف القطاع الخاص من المنافسة غير العادلة

 

يثير هذا التداخل بين الاقتصادين المدني والعسكري انتقادات متكررة من قبل رجال الأعمال، الذين يعتبرون أن السوق تعاني من منافسة غير عادلة. صرّح رجل الأعمال نجيب ساويرس في وقت سابق بأن الشركات التابعة للدولة أو الجيش لا تدفع ضرائب أو جمارك، مما يضع القطاع الخاص في موقف غير متكافئ. في المقابل، ألمح الرئيس السيسي إلى أن بعض رجال الأعمال الذين ينتقدون سيطرة الدولة على النشاط الاقتصادي حصلوا في الوقت نفسه على مشاريع ضخمة بعقود تصل قيمتها إلى مليارات الجنيهات.​

 

إعفاءات ضريبية وجمركية للشركات العسكرية

 

تحظى الشركات التابعة للقوات المسلحة منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك بإعفاءات ضريبية وجمركية واسعة. في عام 2015، أصدر وزير الدفاع آنذاك السيسي قرارًا يعفي نحو 600 منشأة، من بينها فنادق ومنتجعات مملوكة للمؤسسة العسكرية، من الضرائب العقارية. استثنى قانون ضريبة القيمة المضافة لعام 2016 القوات المسلحة والمؤسسات الأمنية من سداد هذه الضريبة على السلع والخدمات والمواد الخام المتعلقة بالأمن القومي والدفاع، مع منح وزارة الدفاع صلاحية تحديد نطاق هذا الاستثناء.​

 

جمع موارد مالية وسد الفجوة التمويلية

 

تسعى الحكومة من خلال هذه الطروحات إلى جمع موارد مالية تسهم في سد الفجوة التمويلية التي تعاني منها البلاد، والتي تُقدّر بحوالي 30 مليار دولار، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات الخارجية عبر منح "الرخصة الذهبية" للمستثمرين. تُعد هذه الخطوات جزءًا من استراتيجية أوسع لدمج الشركات المملوكة للدولة، بما فيها تلك التابعة للجيش، في الاقتصاد المدني .