مع دخول حرب الإبادة الصهيونية فى قطاع غزة مرحلتها الأخيرة، بحسب تعبير مجرم الحرب بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال، تعمل قوات الصهاينة على تدمير القطاع بالكامل ومحاصرة سكانه ومنع كل وسائل الحياة عنهم من غذاء ومياه وكهرباء وأدوية وملابس وخلافه لدفعهم إلى التهجير القسرى نحو الأراضى المصرية .
فى هذا السياق حذر خبراء وسياسيون من أن قوات الاحتلال تسعى إلى تحويل قطاع غزة إلى سجن كبير عبر سياسة الأرض المحروقة مطالبين المجتمع الدولى باتخاذ موقف لمنع الاحتلال من هذه الممارسات ووقف اطلاق النار فى القطاع وادخال المساعدات الإنسانية .
كانت صحيفة "وول ستريت جورنال الأمريكية" قد نقلت عن مصادر مطلعة أن رئيس الأركان الصهيوني إيال زامير يريد القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشكل حاسم بهجوم بري واسع وفق تعبيره.
وقالت الصحيفة ان زامير يريد شن هجوم بري قبل اتخاذ أي قرار بشأن حل سياسي، كما أنه مستعد لنشر قوات كافية لاحتلال القطاع إلى أجل غير مسمى.
وفي هذا الإطار، كشف جيش الاحتلال أنه يعمل على توسيع نشاطه البري في شمال قطاع غزة، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية في غزة ستتوسع وتتعمق تدريجيا.
وقالت القناة 12 الصهيونية إن العملية التي تشنها الفرقة 252 في حي الشجاعية تتم بمرافقة موجة واسعة من الغارات، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال يوسع المنطقة العازلة على حدود غزة وقوات الفرقة 252 تعمل على مشارف حي الشجاعية.
حرب إبادة
فى هذا السياق وصف الكاتب والباحث في الشئون الإسرائيلية أحمد الصفدي، ما يجري حاليًا في قطاع غزة بانه حرب إبادة ممنهجة يقودها الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، مشيرًا إلى أن مجزرة استهداف النازحين في مدرسة شرق غزة التي أسفرت عن استشهاد 31 مدنيًا وإصابة أكثر من 100 آخرين، ما هي إلا حلقة جديدة من مسلسل التهجير القسري الذي يسعى إليه الاحتلال.
وأكد الصفدي، في تصريحات صحفية أن نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة لا يسعون إلى أي تهدئة أو صفقة تبادل أسرى، بل على العكس، فإن استمرار الحرب يخدم بقاءهم السياسي، ويمنحهم «أوكسجين البقاء»، مشيرا إلى أن الحرب توحد حكومة الاحتلال، أما التهدئة والصفقات فتفرقها.
وأشار إلى أن الهدف الأبعد لنتنياهو هو تدمير الوجود الفلسطيني وتهجير السكان قسرًا عبر تحويل حياتهم إلى جحيم عبر القصف والجوع ونقص المياه والدواء، موضحًا أن استهداف المدنيين ليس ضغطًا عسكريًا بل هو إبادة جماعية موثقة.
وفيما يتعلق بالموقف الدولي، أعرب الصفدي عن تشاؤمه من إمكانية محاسبة نتنياهو رغم توثيق هذه الجرائم بشكل واسع، قائلًا إن المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن لا يمتلكان الإرادة أو القوة الكافية لفرض العدالة، خاصة في ظل الدعم الأمريكي غير المشروط لحكومة نتنياهو، والتي وصلت إلى حد التهديد المباشر للقضاة الدوليين في السابق.
معتقل كبير
وأكد الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية، أن الاحتلال الإسرائيلي يتبع سياسة الأرض المحروقة في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، مشيرا إلى أنه يدمر كل المباني دون تمييز .
وقال الرقب في تصريحات صحفية : الاحتلال يمارس عمليات قتل هي الأشرس منذ الحرب على غزة من خلال الهجوم بالقوات الجوية والبحرية.
وأضاف: بعد أن أعلن نتنياهو عن إنشاء محور جديد وهو خط موراج الذي يفصل رفح عن قطاع غزة اعتقد أن ما يحدث في رفح بالتحديد هو سياسة الأرض المحروقة والاحتلال يقوم بهدم كل المباني التي يقابلها .
وتابع الرقب: الاحتلال يسوي الأرض في رفح وما نخشاه هو أن الاحتلال يريد إنشاء منطقة عازلة داخل قطاع غزة بعد أن فشل في تهجير الفلسطينيين إلى سيناء بحيث يحول رفح إلى معتقل كبير.
وأشار إلى أنه لا أحد من أهالى القطاع يستطيع أن ينتقل من مكان لأخر إلا عبر البوابات الإسرائيلية ولن يدخل أحد إلى هذا المعتقل الكبير إلا بعد التفتيش وبعد ذلك سيتم نقل سكان غزة إلى أي مكان.
خارج الخدمة
حول الموقف الرسمي العربي ودور الحكام الخونة إزاء المجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيونى بحق أهل غزة أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور خليل العناني أن النظام العربي تفسخ وانتهى منذ 30 عاما، وبالتالي لا يمكن الحديث عن موقف عربي موحد.
وقال العناني فى تصريحات صحفية إن أحد الأسباب التي جعلت دولة الاحتلال تستبيح الدماء الفلسطينية في غزة مرتبط بقناعتها إلى حد بعيد بعدم وجود رد فعل عربي مناسب للفعل الصهيوني.
وأشار إلى وجود "لا موقف عربيا" موضحا أن المواقف العربية تتراوح بين مواقف تتماهى مع الموقف الإسرائيلي في إلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية، ومواقف تحاول الضغط باتجاه تحقيق هدنة إنسانية، ومواقف أخرى خارج الخدمة ولا صوت لها إزاء ما يحدث في غزة.
ورقة النفط
في نفس السياق، قال الباحث والمحلل السياسي الدكتور صلاح القادري أن الأنظمة العربية الرسمية يمكنها الضغط على دولة الاحتلال وحلفائها من خلال ورقة النفط والمقاطعة الاقتصادية، معربا عن تشاؤمه بشأن قدرة هذه الأنظمة على التحرك فى هذا الاتجاه.
وأرجع القادري فى تصريحات صحفية سبب تخاذل الأنظمة العربية في نصرة الفلسطينيين إلى كون معظم هذه الأنظمة "وظيفية" خاضعة وتابعة للقوة المهيمنة في العالم.
واتهم بعض الأنظمة بأنها تتاجر بالقضية الفلسطينية، قائلا إن عبد الفتاح السيسي على سبيل المثال رفض تهجير سكان غزة إلى سيناء لكنه لم يرفض تهجيرهم إلى صحراء النقب.