تصاعدت عمليات المقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال الصهيونى خلال الأسبوع الجارى ردا على حرب الإبادة التى يشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 ونفذت المقاومة عدة عمليات أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من جنود الاحتلال خاصة فى منطقة خان يونس
كانت وسائل إعلام صهيونية قد كشفت عن مقتل ثلاثة جنود وجرح أكثر من 15 آخرين، بعضهم في حالة خطيرة جدا، أمس الثلاثاء في كمين مركب تعرض له جيش الاحتلال بمدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة.
وقالت مصادر إن هناك جنود مفقودون في موقع الكمين بخانيونس، مشيرة إلى أن سلاح الجو الصهيونى كثف تحليقه في الأجواء لإجلاء الجرحى ومحاولة العثور على العسكريين المفقودين.
ولفتت إلى أن مقاتلين فلسطينيين نصبوا كمينا لقوة عسكرية وكمينا آخر لقوة إنقاذ في خانيونس.
وذكرت المصادر أن المقاتلين استهدفوا آليات عسكرية، مشيرة إلى إصابة ناقلة جند تابعة لسلاح الهندسة واشتعال النيران فيها.
آلية عسكرية
فى المقابل كشفت وسائل إعلام فلسطينية أن الكمين وقع في خانيونس، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال أطلقت قنابل دخان بشكل كثيف عقب العملية.
وأشارت إلى أن هذا التطور يأتي وسط هجمات متواترة للمقاومة الفلسطينية على قوات الاحتلال في جنوب وشمال قطاع غزة.
وأعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، اليوم، أن مقاتليها دمروا آلية عسكرية صهيونية بعبوة شديدة الانفجار وسط مدينة خانيونس جنوب القطاع.
وكانت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قد أعلنت في وقت مبكر اليوم أنها قتلت ثلاثة جنود صهاينة في جباليا شمال القطاع.
واعترف جيش الإحتلال بمقتل ضابط رقيب أول وستة جنود، وإصابة 16 آخرين بصورة خطيرة، خلال اشتباكات عنيفة دارت في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.
وقع الحادث أثناء اقتحام وحدة تابعة للهندسة القتالية، لمبنى مشتبه به ضمن شبكة أنفاق ومواقع مقاومة، وفقًا للمتحدث العسكري الصهيوني وأسفر التفجير عن انهيار جزئي للمبنى فوق القوات، ما أدى إلى سقوط القتلى والجرحى.
كمين مركب
فى هذا السياق أعلنت كتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" أنها تمكنت من تنفيذ كمين مركب استهدف قوة صهيونة تحصنت داخل أحد المنازل، وأوقعت الجنود بين قتيل وجريح.
وقالت "القسام" في بيان نشرته مساء أمس: تمكن مجاهدو القسام من تنفيذ كمين مركب استهدف قوة صهيونية تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفة "الياسين 105" وقذيفة "RBG" وأوقعوا جنود العدو بين قتيل وجريح ومن ثم استهداف المبنى بالأسلحة الرشاشة في منطقة "الترخيص القديم" جنوب مدينة خان يونس جنوب القطاع .
وأضافت في بيان آخر: استهدفنا دبابة صهيوينة من نوع "ميركافا" بعبوة "شواظ" وقذيفة "الياسين 105" في منطقة "الترخيص القديم" جنوب مدينة خان يونس جنوب القطاع .
تكتيكات جديدة
تعليقا على هذه التطورات قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن المقاومة تواصل مواجهة قوات الاحتلال وتلجأ إلى تكتيكات واستراتيجيات جديدة لتصفية أكبر عدد ممكن من جنود الاحتلال وهو ما يوجه ضربات موجعة للاحتلال الصهيونى .
وقال حنا فى تصريحات صحفية ان المقاومة تعمل على استنزاف قوات الاحتلال واثارة الشارع الصهيونى ضد حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة مؤكدا أن عمليات خان يونس وجباليا الاخيرة هى امتداد لعمليات رفح والشجاعية وغيرها حيث تم إصابة 9 جنود صهاينة بينهم ضابطان كبيران، في استهداف مباشر تعرضت له مركبتهم العسكرية بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية، مما دفع جيش الاحتلال إلى استخدام المروحيات لنقل المصابين إلى مستشفى تال هشومير.
واعتبر ان استهداف نائب قائد الفرقة 252 وقائد كتيبة 6310 في حي الشجاعية يعكس دلالات عسكرية خطيرة ترتبط بطبيعة مهام استطلاعية ميدانية تؤشر على عملية عسكرية وشيكة.
وأوضح حنا، أن إرسال قادة بهذا المستوى إلى خطوط المواجهة الأمامية يؤكد انتقال الخطط العسكرية التي أقرّها الكابينت الصهيوني إلى مرحلة التنفيذ، حيث تبدأ وحدات محددة بتنفيذ مهام قتالية تم توزيعها سلفا على الأرض.
خسائر كبيرة
وأضاف أن جيش الاحتلال اعتاد على خسائر كبيرة في صفوف ضباطه، لكن استهداف قادة من هذا السلك يشير إلى عمليات استطلاع تمهيدية تستهدف تحديد اتجاهات التحرك المقبلة، في وقت يُتوقع فيه توسيع العمليات الميدانية في قطاع غزة.
واعتبر حنا أن تصاعد عمليات المقاومة من شرق القطاع إلى جنوبه يعكس أمرين: إما ارتفاع وتيرة حركية الاحتلال استعدادا لهجوم واسع، وإما مبادرة المقاومة إلى تكثيف هجماتها استثمارا لفرص ميدانية محددة تؤمن أهدافا واضحة.
وأكد أن طبيعة العمليات المنفذة مؤخرا، التي كان آخرها استدراج قوات الاحتلال إلى مبان مدمرة وتفجيرها قرب نفق تم رصده مسبقا، تكشف عن تكتيكات قتال مدروسة ترتكز على الإعداد المسبق والتفوق في معرفة مسرح العمليات.
وأوضح حنا أن تدمير الأبنية لا يقلل من قدرة الفصائل على القتال، بل يوفّر فرصا نوعية للكمائن والتفخيخ، مما يبرر تسميات الاحتلال لبعض مناطق رفح بـ"الأبنية المفخخة" نتيجة كثافة العبوات والفخاخ المتقدمة التي واجهها في تلك المناطق.
واعتبر أن المقاومة نجحت في فرض مسرح عمليات خاص بها، وأجبرت جيش الاحتلال على خوض قتال غير تقليدي لم يتعامل معه منذ قرابة عامين، مما خلق إرباكا في التخطيط الميداني وفرض معضلة تكتيكية لم تُحل بعد.
وأشار حنا إلى أن هذا الواقع يجبر الاحتلال على تعديل إستراتيجياته، إذ لم يعد بإمكانه تنفيذ مهام اقتحام وانسحاب سريعة، بل بات مضطرا للبقاء في مناطق قتالية وفق شروط المقاومة، مما يجعله عرضة للاستنزاف الطويل الأمد.
ونوّه إلى أن المقاومة تحرص على استدراج قوات الاحتلال إلى المسافة صفر، حيث تصبح قدرات الطيران الصهيوني محدودة جدا، مما يسهم في تقليل الفارق الهائل في موازين القوى ويُعزز من فاعلية عمليات المقاومة المباغتة.
وأكد حنا أن هذا النوع من القتال الشعبي المفاجئ، الذي يجمع بين الرصد والاستعلام وضرب العدو ثم الانكفاء، يُعدّ من أبرز تكتيكات الاستنزاف التي تهدف إلى إلحاق أكبر قدر من الخسائر بقوات الاحتلال دون الانخراط في مواجهات تقليدية غير متكافئة.
تصعيد المقاومة
وأكد الخبير الإستراتيجي اللواء المتقاعد فايز الدويري أن هذه العمليات تحمل بصمات نوعية في إطار تصعيد واضح من المقاومة، مشيرا إلى عمليات سابقة نفذتها كتائب القسام في مناطق مختلفة، بينها "كسر السيف" و"أبواب الجحيم" اعتمدت على تكتيكات الكمائن المركبة.
وقال الدويري فى تصريحات صحفية أن وتيرة الكمائن التي تنفذها المقاومة الفلسطينية في حي الشجاعية وشرق التفاح وجباليا وخان يونس تصاعدت مؤخرا، لكنها ظلت في الظل بسبب تركيز التغطية على كمائن أشد في رفح وبيت حانون، رغم أن الشجاعية تشهد أيضا معارك طاحنة.
وأكد الدويري أن نقل الجنود الصهاينة بالمروحيات يتم عادة في حال وقوع إصابات خطيرة يصعب التعامل معها ميدانيا وهو ما يثير تساؤلات حول حجم الخسائر مشككا فى أعداد القتلى والمصابين التى يعلن عنها جيش الاحتلال فى صفوفه.