بينما يعيش المصريون شللًا شبه تامًا جراء انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت منذ كارثة حريق سنترال رمسيس، يقف نظام المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي متفرجًا، دون خطة واضحة لمعالجة التداعيات أو تعويض المتضررين، تاركًا ملايين المواطنين والمؤسسات تحت رحمة العزلة الرقمية وتعطل الخدمات الأساسية.
ففي وقت أعلنت فيه وزارة الاتصالات بحكومة الانقلاب على استحياء "عودة الخدمات بنسبة 95%"، تؤكد شكاوى الميدان أن الحقيقة أكثر قتامة؛ إذ لا تزال مناطق واسعة تعاني بطئًا شديدًا أو انقطاعًا كليًا للإنترنت، فيما حُرم المواطنون من استخدام ماكينات الصراف الآلي، وتوقفت خدمات الإسعاف والنجدة والدفع الإلكتروني، ما كشف هشاشة البنية التحتية التي طالما تباهى بها النظام.
“30 مليار جنيه طارت في الدخان”
بحسب تقديرات اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بلغت خسائر القطاع وحده ما بين 20 و30 مليار جنيه، جراء توقف الخدمات المالية والرقمية التي تمثل شريان حياة للمشروعات الصغيرة.
وأكد علاء السقطي، رئيس الاتحاد، أن “ما حدث تسبب في شلل كامل للأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتطبيقات الذكية وخدمات التوصيل والدفع الإلكتروني، بينما يواصل صغار المستثمرين والعمالة اليومية دفع الثمن من قوت يومهم، دون أي تحرك حكومي لتعويضهم”.
من يعوض الشعب؟
المأساة لم تقتصر على الشركات؛ ملايين المواطنين وجدوا أنفسهم عاجزين عن سحب أموالهم من البنوك بسبب تعطل ماكينات الصرف الآلي، أو التواصل مع خدمات الطوارئ بعد أن أصيبت خطوط النجدة والإسعاف بالشلل. ومع ذلك، لم يخرج من الجهاز القومي للاتصالات أو الحكومة سوى بيانات جوفاء، دون أي خطة لتعويض الشعب أو ضمان عدم تكرار الكارثة.
مطالبات عاجلة وتعامل متخاذل
طالب الاتحاد الحكومة بصرف تعويضات عاجلة للمتضررين، سواء عبر تخفيضات ضريبية، دعم تقني مجاني، خصومات على فواتير الإنترنت والكهرباء، أو تأجيل أقساط التأمينات الاجتماعية، لكن لا مؤشرات على استجابة رسمية حتى الآن.
وقال السقطي: “الكارثة أثبتت أن الاعتماد على مركزية الاتصالات دون وجود بدائل أو خطط طوارئ جعل الاقتصاد الوطني كله رهينة حريق واحد”.
غياب رؤية وإهمال متعمد؟
الحريق، الذي اندلع في إحدى غرف الأجهزة بالطابق السابع من المبنى المكون من 11 طابقًا، كشف عن غياب تام لخطط إدارة الأزمات في الدولة. إذ استمر الدخان الكثيف لساعات، مسببًا اختناقًا للسكان وتوقفًا لحركة المرور، فيما تأخر التدخل الفعال للسيطرة على النيران، رغم امتلاك الجيش أسطولًا من الطائرات التي تدخلت سابقًا لإطفاء حرائق في دول أجنبية، بينما ترك المصريون لمصيرهم.
دعوات لإصلاح جذري
في بيانه، حذر الاتحاد من أن ما حدث لا يجب أن يمر مرور الكرام، داعيًا الحكومة والجهات السيادية إلى حوار حقيقي مع ممثلي المشروعات الصغيرة لبناء مرونة اقتصادية واتصالية، وتطوير بنية تحتية احتياطية للاتصالات تشمل الإنترنت عبر الأقمار الصناعية كحل بديل في الأزمات.
الخلاصة:
كارثة سنترال رمسيس لم تكن مجرد حريق، بل فضيحة مدوية تكشف فشل دولة السيسي في حماية أبسط حقوق مواطنيها: الحق في الاتصالات، في الخدمات الأساسية، وفي تعويضات عادلة. ويبقى السؤال: من يعوض هذا الشعب المكلوم عن خسائره؟ ومن يحاسب المسؤولين عن هذا الانهيار؟