يقدمه السيناتور “تيد كروز” الجاهل .. ‏مشروع قانون أمريكي لتصنيف “الإخوان”

- ‎فيعربي ودولي

 
تستغل منصات الثورة المضادة المناهضة وخبرائها ومنظريها على الوجه الخاطئ كعادتها، إعلان السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس، تيد كروز، وهو جمهوري مؤيد للكيان الصهيوني، أنه سيقدّم مشروع قانون يصنّف جماعة الإخوان المسلمين؛ منظمة "إرهـابيـة".

ويستلهم "كروز" مقترحه الذي سبق وأعلن أنه سيتقدم به مرات بعضها في ولاية ترامب الأولى، هو السيناتور المرتشي من مخابرات عبدالفتاح السيسي تومي منينديز من تصنيف عدد من الدول العربية للجماعة بـالوصم غير الصحيح بحق الإخوان المسلمين، مثل الكيان الإبراهيمي في الإمارات ونظام الحكم الجبري في السعودية.

وقالت منصات صهيونية نشرت الإعلان: إن "مشروع القانون يحظى بالفعل بدعم أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، إضافة إلى منظمة (AIPAC)، وهي ذراع اللوبي الصهيوني، التي تتهم الجماعة بدعم حركة حماس".

وفي الوقت الذي يرى فيه Tarek Elbardici الذي يدعي أنه خبير علاقات دولية أن الجماعة تتداعى "في عواصم العالم وتتطاير أوتادها، وتداً وتداً ويتم حظرها وتجف مصادر تمويلها، ملقيا باتهام أنه لا يُمكن لنعومة الخطاب أن تضمن لك تغير طبعه المتجذر في جيناته وتكوينه، لأن الطبع دائماً يغلب التطبع ".

ويزعم أنهم "أغبى فصيل يمكن أن تراه جغرافياً وتاريخيا ، المشكلة أنهم يجنّدون شباب تبدو عليه علامات البراءة وحسن النية يقع فريسةً سهلةً في شباك الدين ،وبعد فوات الأوان يظهر أنها شباك التين الشوكي التي نُسجت من أجل مصالح لا يُعرف أطرافها ومحركوها".

يرى مراقبون بالمقابل أنها حرب عالمية على "الجماعة"، قد تنجح في محاصرتها كفعل مُباشر، لكنها تمنحها -في المقابل- امتدادا شعبيا وفكريا على نحو لم تعرفه في تاريخها كله، وأن من يعرف السياسة وتحوّلاتها وتناقضاتها، يدرك أن جماعات التغيير لا تقاتل بعضلاتها التنظيمية، بل بجماهيرها وحواضنها الشعبية.

ويضيف المراقبون أن "هذه الحرب العالمية المجنونة، ستمنح الفكرة امتدادا تاريخيا، لا سيما بعد أن قدّم نموذجها الفلىسطيني كل تلك البطولات الأسطورية منذ "الطوفـان"، ومعها ومن ضمنها ذلك الحشد الرهيب من الرموز الشهداء.".
 

ونشر السيناتور الأمريكي تيد كروز على منصة إكس في يونيو الماضي: "سأقوم بتوزيع وإعادة طرح نسخة محدّثة من قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وهو مشروع طالما طالبته طوال مسيرتي في مجلس الشيوخ".

وصرح لصحيفة فري بيكون، أن "جماعة الإخوان استغلّت إدارة بايدن لتعزيز نفوذها، لكن إدارة ترامب والكونغرس الجمهوري لم يعد بإمكانهم تجاهل التهديد الذي تشكّله على الأمريكيين والأمن القومي."

ويشغل كروز حالياً منصب رئيس لجنة التجارة والعلوم والنقل في مجلس الشيوخ، وهو عضو عن ولاية تكساس منذ 2013، وأُعيد انتخابه لولاية ثالثة في تشرين الثاني 2024، كما ترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري ونافس دونالد ترامب في انتخابات 2016.

 د.مراد علي أشار عبر إكس إلى أن "‏تيد كروز ليس عضو مجلس الشيوخ عادي، بل سيناتور عن ولاية تكساس، إحدى أكبر وأهم الولايات الأمريكية من حيث التأثير السياسي والاقتصادي، ولثلاث دورات متتالية، ‏كما كان مرشحًا بارزًا في الانتخابات التمهيدية للرئاسة عام 2016، ما يجعله شخصية سياسية ذات وزن في المشهد الأمريكي.".

وأشار إلى أن "كروز"، كحال كثير من الساسة الأمريكيين، تحكمه عقيدة دينية أن دعم "إسرائيل" واجب ديني مقدس على كل مسيحي انطلاقًا من تفسيرات لاهوتية توراتية يتبناها التيار الإنجيلي موضحا أن ‏تيد كروز لا يخفي ذلك، بل يفتخر به، كما في حواره مع تاكر كارلسون.

‏واعتبر "مراد علي" المقيم بقطر، أن خطاب تيدر كروز، الذي يربط دعم "إسرائيل" بالدين ، لا يُواجَه في الغرب بأي اتهام بالتطرف أو بالتحريض الديني، بل يُمنح غطاءً سياسياً وإعلامياً واسعًا، ‏بينما، في عالمنا العربي، يسارع بعض أبنائنا – ناهيك عن خصومنا – إلى اتهامنا بالتشدد أو بإقحام الدين في السياسة.

وخلص المستشار الإعلامي السابق في رئاسة الجمهورية بعهد د. محمد مرسي أن "أولى خطوات المواجهة الحقيقية تبدأ بالتحرر من عقدة الخوف من تسمية الأشياء بأسمائها، والاعتراف بأن صراعنا  مع الصهيونية العالمية التي تقودها أمريكا جذوره دينية ولا يمكن طمسها تحت شعارات الحياد الزائف.".
 

داعم للكيان الصهيوني

وفي حوار ‏السيناتور الجمهوري تيد كروز مع ‏الصحفي تاكر كارلسون في يونيو الماضي سأله كارلسون: "هل نحن كمسيحيين مُلزَمون بدعم حكومة إسرائيل؟ هل الأمة المذكورة في سفر التكوين هي نفس الدولة التي يحكمها نتنياهو؟" فأجابه ‏تيد كروز: نعم.. مضيفا "الكتاب المقدس يأمرنا بدعم إسرائيل.".

مفردات كروز في محاولة التصنيف الفاشلة اتهامه للإخوان أنهم يدعمون "حماس" ويدعون "لتدمير  الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين ".

المطلعون على الشأن الأمريكي يرون أنه شيئا فشيئا يتزايد في أمريكا زخم مقاوم لسيطرة الاحتلال الصهيوني على مفاصل الدولة وعلى قرارات سياستها الخارجية، وأنه منذ السابع من أكتوبر، بدأ تيار "أمريكا أولاً" في اليمين الأمريكي يعلن أكثر وأكثر تململه من الاحتلال، بعد أن سبقه اليسار والجامعات. الرأي العام يتغير، خصوصاً بين الشباب، و لأول مرة، بدأت أعداد صادمة من المؤثرين الأمريكيين بالتصريح أن بلادهم نفسها واقعة تحت الاحتلال!

واعتبر المطلعون أن هذا واقع مستدركين "لا نخدع أنفسنا" وأن "الطريق لا تزال طويلة، الدعم الأمريكي لإسرائيل عميق ومتجذر: مصالح استعمارية استراتيجية واقتصادية لها أصول موضوعية، عشرات الملايين من المسيحيين يتبعون المذهب الانجيلي الصهيوني، سيطرة اللوبي على الإعلام، هوليوود وشركات التكنولوجيا ما زال راسخاً".

وأن مثل هذا القانون المقترح لن يؤثر في الزخم الأمريكي والعالمي الداعم لوقف حرب الإبادة في غزة والأهم مقاومة الهيمنة الصهيونية على السياسة الخارجية. ليس حباً فينا، ولكن نفوراً طبيعياً من الارتهان الضار والاستعباد. وهو ما قد يفسر دفاع البعض الأمريكي عن الإخوان في ضوء هذا الانفكاك من الاحتلال.

سيناتور جاهل

ومن جهة ثانية اتهم متابعون السيناتور تيد كروز بالجهل، لكن بالنسبة لمنتقدي قطر، أصبحت التقارير عن مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لنقل طائرة بوينغ 747 لاستخدامها كطائرة الرئاسة نقطة تركيز لا يبررها سوى الهوس، حيث حذر السيناتور الجمهوري تيد كروز من أن الطائرة القطرية تثير "مشاكل تجسس ومراقبة كبيرة".

وعن وضع الجمهوريين وآرائهم داخل الكيان، قال الباحث ضياء خالد: إن "ما يجري اليوم داخل أروقة المحافظين في الولايات المتحدة هو بالفعل أمر غير مسبوق، أو على الأقل بالغ الندرة في تاريخ السياسة الأمريكية الحديث، للمرة الأولى منذ عقود، نشهد خلافًا علنيًا حادًا، بل شبه انقسام، بين رموز التيار المحافظ حول قضايا كانت تُعد في السابق من "المقدسات السياسية" التي لا يُسمح بمسّها: دعم إسرائيل، والتدخلات العسكرية الخارجية، وتحالفات ما يُعرف بالدولة العميقة".

واستعرض كيف أن المقابلة بين الإعلامي الشعبوي اليميني تاكر كارلسون والسيناتور الجمهوري تيد كروز، تكشّف هذا التوتر للعلن بصورة محرجة ومكشوفة. تاكر، الذي أصبح الصوت الأعلى لما يُعرف بجناح "أمريكا أولاً" داخل التيار المحافظ، وجّه لكروز أسئلة بسيطة لكنها كاشفة:

– هل تعرف عدد سكان إيران؟

– هل تعرف تركيبتهم الإثنية؟

أسئلة قد تبدو للوهلة الأولى تافهة، لكنها كشفت جهل الرجل الذي يدافع بكل شراسة عن تورط بلاده في حرب ضد طهران – فقط لأن إسرائيل تريد ذلك. بدا كروز كمن يقرأ من ورقة تعليمات، لا كممثل لأمة تُفترض فيه المعرفة والحكمة. ظهوره بتلك الصورة جعله يبدو كدمية في يد لوبي خارجي، وهو ما استثمره تاكر ليُعمّق الخطاب الناقد للدور "الإسرائيلي" داخل السياسة الأمريكية.

ويرى خالد على فيسبوك أن "هذا الصدع داخل البيت الجمهوري لا يأتي من فراغ، بل يتغذى على سلسلة من الخيبات الأمريكية في الخارج: من أفغانستان إلى العراق، ومن أوكرانيا إلى غزة. الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة لعقود، تحت شعارات "نشر الديمقراطية" أو "مكافحة الإرهاب"، لم تجلب سوى الهزائم والتكاليف الباهظة، فيما بدا أن المستفيد الوحيد هو مجمّع صناعي عسكري، وتحالفات خارجية – على رأسها إسرائيل – لا تعنيها المصلحة الأمريكية بقدر ما تعنيها أجنداتها الذاتية.".