قالت "فرانس برس": إن "تأجيلا جديدا لافتتاح المتحف المصري الكبير يُربك قطاع السياحة في مصر، ويُعدُّ التأجيل هو السادس من نوعه من قِبل حكومة المنقلب السفيه السيسي، اثنتان منهم بسبب كورونا في حين زادت تكاليف المتحف عن حدود مليار دولار، ساهمت الحكومة اليابانية بحوالي النصف بعضه منحة و البعض الآخر قرض ميسر، واستغرق بناؤه أكثر من 16 سنة".
وقال مراقبون: إن "الأجندة الداخلية للسعودية والإمارات فيما يبدو سبب التأجيل الذي كان السيسي يعتزم أن يكون الافتتاح فرصة للصلح مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وألا يكون قاصرا على دعوة منفردة لشيطان العرب محمد بن زايد، لاسيما وأن السيسي في يناير الماضي، صَادَقَ على إعادة تشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف المصري الكبير لمدة 3 سنوات، وضم المجلس مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، أمين مجلس المتحف المصري الكبير، ونائب رئيس الوزراء الياباني تارو آسو، ورئيس الهيئة السعودية للسياحة الأمير سلطان بن سلمان، شقيق ولي العهد محمد بن سلمان وعددًا من المسؤولين المصريين والدوليين.
وسبق للسيسي أن أجّلّ ما يُسمى بالقمة الطارئة التي كان مقررا لها أن تعقد في مارس إلى أبريل، وذلك لصالح قمة خليجية اصطلح بين حضورها على أن تسمى لقاء البيت العربي، حتى إنه حل أثناء تلك الفترة من التأجيل ضيفا على الرياض، وظهر ضمن ترتيب ذيله بين الفاعلين عربيا، حيث ظهر على يمين ولي عهد السعودية رئيس الإمارات محمد بن زايد وعلى يساره أمير الكويت. بينما وقف السيسي في آخر الصف، بجوار الأمير حسين ابن ملك الأردن ثم الشيخ طحنون المخابرات الإماراتية!
ورغم أن الاستعدادات حتى نهاية يونيو الماضي في افتتاح المتحف المصري الكبير كحدث ثقافي مرتقب أن صدر الأوامر بإغلاق المتحف المصري الكبير مؤقتًا من 15 يونيو حتى 5 يوليو، وفي 6 يوليو، "ستفتح الأبواب للعالم من جديد، لنبدأ عهدًا جديدًا من الإبهار، والتراث، والهيبة الخالدة" بحسب رسالة من إدارة المتحف!
وكشف سعوديون منهم الكاتبة نورة فيصل الشعبان عبر @Noraalshaaban أنها دُعيت إلى حفل افتتاح المتحف المصري الكبير المصاحب لدعوتها إلى حفل استقبال بمناسبة الذكرى73 لثورة 23 يوليو..
وفي مايو الماضي بدأ السيسي فعليا في توجيه رسائل خطية لقادة دول عربية، لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، والذي كان مقررا إقامته يوم 3 يوليو الجاري، ووجهت الدعوات إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر والكويت والإمارات والمغرب وتونس وموريتانيا ودول عربية وعالمية أخرى.
حتى إنه بظل المناكفات وكيد النساء على منصات التواصل بين اللجان الإلكترونية لأجهزة البلدين في القاهرة والرياض قال أحد السعوديين: "إذا تم افتتاح المتحف المصري الكبير بحضور أمير الكويت والإمارات.. الخ.. ولم يحضر الملك #سلمان_بن_عبدالعزيز أو ولي العهد الأمير #محمد_بن_سلمان .. فسيترك عند البعض التكهنات السيئة.. "
في حين علق حساب إلكتروني من مصر أن السعودية غير مدعوّة للافتتاح .
https://x.com/WHafiez42582/status/1928053132476481759
وحتى يونيو الماضي، كانت تعلن حكومة السيسي أنها تواصل أعمال التجهيزات النهائية للافتتاح الكبير للمتحف، وأن فعاليات هذا الحدث ستمتد على مدار عدة أيام.
وفي أبريل 2020 أجل عبدالفتاح السيسي افتتاح المتحف الكبير، بسبب ما أسماه "الظروف الحالية وتداعيات" ومكافحة انتشار فيروس كورونا.
وفي نوفمبر 2021، أعلنت مصر تأجيل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير للعام 2022 حتى يتسنى دعوة كل الشخصيات العالمية، وحرصاً على عدم إقامة حفل صغير هذا العام كما كان مقرراً لا يليق لهذا الحدث العالمي الكبير، بسبب استمرار جائحة "كورونا".
إلا أنه في يناير 2022، أجّلت المحكمة قضية الآثار الكبرى والمتهم فيها رجل الأعمال حسن راتب ونائب برلمان السيسي؛ علاء حسانين اللذين طلبا عقد جلسة محاكمة سرية للحديث عن أمور هامة تتعلق بالأمن القومي المصري، وكان المعلومات أن السفير الإماراتي الشامسي شريك في شراء آثار مصر والتي عيّن السيسي طحنون بن زايد أمينا لمجلس أمناء المتحف المصري الكبير.
وفي مايو 2024، قالت غادة شلبي، نائبة وزير السياحة والآثار المصري لـ "الشرق": الظروف الإقليمية المحيطة تسببت في تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير، ونتوقع افتتاحه خلال العام الجاري (تقصد 2024)
وباتت حكومة السيسي تترقب الحروب مثل حرب الكيان الصهيوني على إيران في منتصف يونيو الماضي (2025) وأجلت افتتاح المتحف المصري الكبير "للربع الأخير من هذا العام، بسبب الأحداث الجارية التي ستستمر لأسابيع بحسب التقديرات" بحسب بيان مجلس الوزراء.
وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني عن أسباب تأجيل افتتاح المتحف الكبير قال: "الأحداث الإقليمية الراهنة واضطراب حركة الطيران".
وانتقد متابعون تصميم الاستعراضات وإخراج الحفل وفقراته باعتبار أنه تنفيذ عسكري، متوقعين أن يثير الافتتاح سخرية المراقبين "شكله حيكون حفل افتتاح كوميدي." بحسب أحدهم.
الناشط والإعلامي هيثم أبو خليل @haythamabokhal1 نشر في أبريل مقطعا لبروفة الافتتاح وكتب "جريمة هائلة في حق مصر، وفي حق السياحة، وفي حق الآثار، وفي حق المليارات التي أنفقت، بروفة مسخرة يقال إنها استعداد لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير في الثالث من يوليو القادم.".
https://x.com/haythamabokhal1/status/1907467361629909473
معاناة سياحية
وتأجل افتتاح المتحف المصري الكبير، وتفاقمت بالمقابل معاناة العاملين في السياحة سواء أصحاب محلات بيع التذكارات أو وكالات السياحة.
وتأثر العاملين في قطاع السياحة جراء قرار الحكومة تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير الذي تديره، جيهان زكي عضو ببرلمان السيسي وأستاذ الحضارة المصرية القديمة، وهي باحثة بمركز البحوث العلمية بجامعة السوربون (فرع أبوظبي)..
وفي أحدث تقاريرها، أجرت فرانس برس مقابلات مع أصحاب المحال وأصحاب البازارات وغيرهم في صناعة السياحة لمعرفة مدى تأثرهم بتأخر الافتتاح، إذ كان معظمهم يعوّلون على زيادة في أعداد السياح الوافدين، ما كان سيرفع حركة الزوار.
في أعقاب القرار، بدأت شركات السياحة في التدافع لإلغاء الحجوزات وتغيير عروضها، بينما يقول أصحاب المحال الواقعة بالقرب من الأهرامات إنهم تكبدوا خسائر فادحة بعد أن ضخوا أموالا لتجديد المال وشراء البضائع تحسبا لزيادة عدد الزوار.
وقالت إحدى العاملات في شركة سياحية: "ركزت كل عروضنا للصيف والخريف على افتتاح المتحف، بين إلغاء الحجوزات وإعادة الأموال وتغيير الخطط، خسرنا عشرات الآلاف من الدولارات".
وقررت الحكومة الشهر الماضي تأجيل افتتاح المتحف الكبير في أعقاب الضربات الإسرائيلية لإيران حتى الربع الأخير من العام الحالي، بدلا من الثالث من يوليو. كان من المتوقع أن يجذب المتحف ما يصل إلى 5 ملايين زائر سنويا، ويمنح دفعة قوية تشتد الحاجة إليها من القطاع الذي يوظف نحو 10% من القوى العاملة في مصر، بحسب أرقام رسمية.
والمتحف قبل إغلاقه أخيرا، به عدة أماكن مفتوحة منها؛ زيارة المسلة المعلقة، والبهو الرئيسي، حيث تمثال الملك رمسيس الثاني، والدرج العظيم الذي يُعرض عليه مجموعة من القطع الأثرية الضخمة ثم مشهد بانورامي جميل يبرز أهرامات الجيزة، بجانب القاعات الرئيسية التي تضم 12 قاعة تعرض قطعا أثرية متميزة من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني، كما يضم التشغيل التجريبي زيارة متحف الطفل والمنطقة التجارية.
يشار إلى أنه في عام 2021 أعلن نظام السيسي عن اكتمال أعمال التشييد والبناء للمتحف المصري الكبير، والذي يُعد أكبر متحف للآثار في العالم، فهو يمتد على مساحة تتخطى الـ 300 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بينها المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون، وقد فُتحت بعض أجزائه للجمهور منذ أكتوبر الماضي، وبتكلفة قدّر وزير السياحة والآثار أحمد عيسى في تصريح له، بأنها تقترب من 1.5 مليار دولار.
وكانت دعوى قضائية، طالبت بوقف أعمال تشييده منذ العام 2012؛ واستندت الدعوى، على أن تصميم المتحف يسيء لمصر وتاريخها، ويعتمد على إيجاد سند تاريخي لليهود على أرض مصر، بتجسيده لقصة خروج بنى إسرائيل في العهد الفرعوني، كما يضع رموزاً يهودية صهيونية، منها "نجمة داود والشمعدان"، ويرسخ الزعم اليهودي القائل إن رمسيس الثاني هو فرعون الخروج.
وسجلت السياحة المصرية انتعاشًا ملحوظًا، حيث استقبلت البلاد 3.9 مليون سائح في الربع الأول من 2025، بزيادة قدرها 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ويُشكل قطاع السياحة نحو 10% من القوة العاملة في مصر، وهو مصدر حيوي للعملة الأجنبية في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وفقدان الجنيه لثلثي قيمته منذ عام 2022.
وحتى اللحظة، لم تعلن الحكومة المصرية عن موعد جديد محدد للافتتاح، لكنها أكدت نيتها تنظيم فعالية كبرى “تليق بحجم المشروع”، في وقت لاحق من العام الجاري.