من جديد، عادت قضية كتائب حلوان إلى الأضواء، بعد توجيه داخلية السيسي اتهاما لعدد من رافضي الانقلاب بتضمينهم ضمن القضية في ضوء تهييج إعلامي عن "خلية حسم" وشقة شارع فيصل التي أسفرت عن استشهاد الطالبين أحمد غنيم وإيهاب عبدالقادر بحجة انتمائهما للخلية و"نيتهما" تنفيذ عمليات.
ويؤكد الحقوقيون أن قضية كتائب حلوان تمثل نموذجا فاضحا على الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها سلطات الانقلاب بحق المعارضين السياسيين، فالقضية متهم بها 216 من الأبرياء بينهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم 15 سنة وقت اعتقالهم في تأكيد واضح على الانتهاكات القانونية بهذه القضية.
ولم يخرج أي ممن رفعت أسماؤهم من قائمة الإرهاب في القضية، ففي فبراير الماضي أشار المحامي أحمد حلمي إلى "رفع أسماء 121 من قوائم الإرهاب في مصر"، من الذين حصلوا على البراءة في قضية "كتائب حلوان"، وفقًا لقرار الإدراج رقم 8 لسنة 2015 وقرار الإدراج رقم 3 لسنة 2023.
وتتعلق القضية برقم 4459 لسنة 2015 جنايات حلوان، المقيدة برقم 321 لسنة 2015 كلي جنوب القاهرة، والمسجلة برقم 451 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا، إضافة إلى الطعن بالنقض رقم 19071 لسنة 92.
إلا أنه في 14 يونيو الماضي، نشرت جريدة الوقائع المصرية قرار إنهاء أثر قرار إدراج 215 مصري على قوائم الإرهاب من المتهمين في قضية "كتائب حلوان"، رغم أنها أعادت إدراج عدد منهم (164) معتقلا ومُدانا في قضية كتائب حلوان على قائمة "الإرهاب".
اعتقال ابنة متهم
وفي 28 مارس 2023، اختفت تسنيم سامح، ابنة الدكتور سامح الشربيني المعتقل في قضية “كتائب حلوان”، بعد زيارتها لخطيبها المحكوم بالإعدام في سجن بدر، ولم تعد منذ ذلك، وظلت مختفية لأسابيع، قبل أن تظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا وتقرر النيابة حبسها 15 يوما وإيداعها سجن القناطر بلا تهمه سوى أنها ابنه وخطيبة معتقل، فقط زارت خطيبها ووالدها.
الاعتقال لتسنيم سامح كان أثناء زيارتها سجن بدر، فنقلت من محيط السجن إلى جهة غير معلومة، لتبدأ رحلتها مع الإخفاء القسري، لتظهر كنموذج صارخ لتغوّل القبضة الأمنية، حيث يتحول ذوو المعتقلين إلى معتقلين هم أيضًا، وتُعامل الزيارة كجريمة، والتضامن كذنب لا يُغتفر.
مسؤول الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار أشار إلى أن "سلطات الانقلاب تتعامل مع المعتقلين السياسيين في كل السجون وفق سياسة ممنهجة وليست حالات فردية، وكل السجون يتعرض فيها المعتقلون للتنكيل والتعذيب والإهمال الطبي والحرمان من التريّض والزيارة ومصادرة المتعلقات الشخصية".
ولفت إلى أن "هناك 5 أجهزة سيادية تتحكم في السجون، وخصوصا سجن العقرب، وهذه السجون لا تخضع لقانون السجون وترتكب فيها سلطات الانقلاب شتى أنواع الانتهاكات دون حساب".
وفي قضية كتائب حلوان 215 متهم، 9 ماتوا في السجن أو تم تصفيتهم و14 كانوا أطفالا أقل من 18 سنة، أحدهم يوسف سمير كان 15سنة عند الاعتقال، و7 ضحايا سيعدمون ظلماً.
واستشهد المعتقل أحمد صابر محمود محمد، في محبسه بسجن العقرب شديد الحراسة بعد إصابته بوعكة صحية مفاجئة؛ نتيجة الإهمال الطبي المتعمد والحرمان من العلاج كسياسة ممنهجة في سجون الانقلاب، وتواصلت أجهزة أمن الانقلاب مع أسرته وأبلغتهم نبأ وفاته ووجود جثمانه بمشرحة زينهم.
وكان "صابر" قد تم اختطافه أثناء عودته من عمله نهاية عام 2014 وتم إخفاؤه قسرا وتعذيبه بدنيا ونفسيا قبل أن يظهر على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بقضية "كتائب حلوان".
والشهيد أحمد صابر يبلغ من العمر 45 عاما، وكان يعمل محاسبا، وتم إيداعه سجن العقرب شديد الحراسة 2 ل5 سنوات وتعرض لكافة أنواع التنكيل من منع للزيارة والحرمان من العلاج والتريض والحبس الانفرادي في ظروف غير إنسانية أدت لوفاته في النهاية في 2021.
وفي تقرير للشبكة المصرية لحقوق الإنسان أكدت بأنه "بإعلان وفاة صابر بسجن العقرب والمحبوس احتياطيا منذ سبع سنوات على ذمة الهزلية القانونية المعروفة إعلاميا بقضية كتائب حلوان ارتفع عدد المعتقلين الذين استشهدوا داخل المعتقل في هذه القضية إلى 9 معتقلين".
وقال الباحث الحقوقي في "الشبكة" أحمد العطار: إن "الشهيد أحمد صابر كان بصحة جيدة ولم يكن يعاني أي أمراض مزمنة، مضيفا أن الوفاة المفاجئة تطرح علامات استفهام كبيرة سوف تجيب عنها الأيام المقبلة".
وأضاف العطار في حواره مع تلفزيون (وطن)، "الشهيد كان محبوسا على ذمة قضية كتائب حلوان، مضيفا أن 8 من المتهمين في القضية استشهدوا إما بالتصفية الجسدية كما حدث مع اثنين من المتهمين، وإما بالإهمال الطبي المتعمد كما حدث مع الـ 6 الآخرين بالإضافة إلى المهندس أيمن عبدالغني الذي تُوفي في تركيا".
وأكد التقرير أن "سلطات الانقلاب مارست خلال تلك السنوات أقصى أنواع الضغط والتعذيب والانتهاكات بحق المتهمين، مستخدمة جميع الإجراءات المتاحة قانونيا وإجراءات غير قانونية، حتى وصل الشعور العام لدى أغلب المتهمين بأنهم يريدوننا موتى".
أحكام إعدام
وقالت المنظمة الحقوقية: إن "المعتقلين على ذمة القضية تعرضوا لألوان مختلفة من التنكيل شملت الاتهامات الفضفاضة، والمنع من الزيارة".
وقال حساب المرابطون @morabetoooon: "شباب في مواجهة المجهول.. في 24 يناير 2024،أيدت محكمة النقض حكم الإعدام بحق 7 معتقلين في قضية #كتائب_حلوان بعد سنوات من الحبس، والانتظار، والمعاناة…
أسماؤهم:
مجدي محمد إبراهيم
محمود عطية أحمد عبد الغني
عبد الوهاب مصطفى محمد
مصعب عبد الحميد خليفة
عبد الله نادر الشرقاوي
عبد الرحمن عيسى عبد الخالق
محمود السيد أمين حسن
مضيفة أن كل اسم خلفه أمٌ تنتظر، وأسرة تنكسر كل يوم، رافعا شعار "الحياة حق.. والعدل لا يُبنى على الألم".
وكانت محكمة النقض بسلطة الانقلاب العسكري الدموي، أصدرت حكماً نهائياً بإعدام 10 معتقلين والسجن المؤبد والمشدد بأحكام متفاوتة من 25 إلى 10 سنوات على 155 آخرين في قضية ما يسمى ب"كتائب حلوان".
وفي 16 سبتمبر الماضي، رصدت الأمم المتحدة "انتهاكات" في قضيتي "كتائب حلوان" و"الجوكر"، وأرسلته للحكومة المصرية لكن دون رد حتى الآن، وقالت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان إن مثل هذه التقارير يُمثل "ضغطًا على الحكومة".
وبناءً على شكاوى مقدمة من الجبهة المصرية لحقوق الانسان أدان خبراء في الأمم المتحدة انتهاكات حقوقية تعرض لها مواطنون متهمون في قضية "كتائب حلوان".
تخلص من المعارضين
وعن أوضاع المحتجزين، والاحتكام إلى مواد الدستور والقانون، قال محمد الخزرجي النائب ببرلمان الثورة،: إن "سلطات الانقلاب تسعى للتخلص من المعارضين السياسيين بكل الطرق، سواء عن طريق التصفية الجسدية أو أحكام الإعدام أو الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون والمعتقلات، وهذه السياسة كشف عن تفاصيلها اللواء حسن السوهاجي، رئيس مصلحة السجون السابق عندما صرح بأن المعتقلين ليس لهم حقوق".
وأضاف الخزرجي في مداخلة هاتفية لتلفزيون وطن، (في وقت سابق) أن "السفاح عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب أمن العقوبة فأساء الأدب، ولو كان هناك ضغطا شعبيا ودوليا جادا عليه لساعد في رفع الانتهاكات بحق المعتقلين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان، مضيفا أن سلطات الانقلاب تواصل غيها بالتضييق على الشعب والمنظمات الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان لوأد أي ثورة محتملة في مهدها".
وأوضح الخزرجي أن "الانقلاب لا يتبع سياسة التهدئة والتنفيس بل القهر والقمع والتنكيل ويرمي مطالب الشعب خلف ظهره، وحدث ذلك عندما وقّع السيسي على اتفاقية المبادئ ليشتري بها شرعية دولية على حساب أبناء مصر، وعندما تنازل عن تيران وصنافير وفرّط في حقول الغاز لإرضاء الكيان الصهيوني".