توقع بتمدد أزمة الامدادات لـ5 سنوات .. قفزة هائلة في واردات مصر من الغاز المسال بالربع الثاني من 2025

- ‎فيتقارير

قال تقرير لمعهد أكسفورد للطاقة إن هناك قفزة كبيرة في واردات مصر من الغاز المسال خلال الربع الثاني من العام الحالي (2025)، لتسجل زيادة بنسبة 1650% وتصل إلى 1.75 مليار متر مكعب، مقابل 0.1 مليار متر مكعب في الفترة نفسها من العام الماضي.

 

وانخفضت صادرات مصر من الغاز الطبيعي إلى صفر خلال الربع الثاني من عام 2025، حيث أرجع المعهد هذا التراجع إلى انخفاض إنتاج الغاز محليًا وارتفاع الطلب، بالإضافة إلى التوقف المؤقت لواردات خطوط الأنابيب من إسرائيل.

 

وتوقفت واردات الغاز "الإسرائيلية" لفترة تصل إلى 12 يومًا بعد اندلاع الحرب بين "إسرائيل" وإيران خلال الشهر الماضي، مما دفع وزارة الطاقة الإسرائيلية إلى إغلاق حقول الغاز المصدرة إلى مصر والأردن.

 

وارتفعت بحسب بيانات سابقة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، واردات الغاز الطبيعي خلال الأربعة أشهر الأولى من 2025 بنسبة 136.2% لتصل إلى 2.41 مليار دولار، مقابل 1.02 مليار دولار خلال الفترة نفسها من 2024، بزيادة 1.39 مليار دولار.

كما هبطت قيمة صادرات الغاز الطبيعي والمسال بنسبة 81.1% خلال الأربعة أشهر الأولى من عام 2025، لتسجل 51.04 مليون دولار، مقابل 270.2 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بانخفاض 219.16 مليون دولار.

 

5 سنوات ممتدة

وكان خبراء اقتصاديون قد توقعوا أن تمتد أزمة امدادات الغاز لخمس سنوات، وقال الخبير الاقتصادي د. إبراهيم نوار في مقال له بعنوان “الاستعداد لنقص الطاقة في الصيف يبدأ في الشتاء”: "..من المرجح أن تواجه مصر في فصل الصيف هذا العام فجوة في إمدادات الغاز الطبيعي تقترب من 40% من احتياجات الاستهلاك، بسبب تناقص إنتاج الحقول الموجودة بالفعل، ومنها حقل ظهر العملاق، الذي كانت قدرته الإنتاجية تغطي ما يقرب من 45% من احتياجات البلاد من الغاز".

وأضاف "نوار"، "ومن المتوقع أن تستمر فجوة الإمدادات في السنوات الخمس القادمة، ما لم يتم الإسراع في التحول الأخضر من الطاقة التقليدية إلى الطاقة المتجددة.".

وأوضح "قد تستمر مصر في استيراد الغاز المسال من الخارج حتى عام 2029-2030 لتوفير احتياجاتها، في ظل التناقص الطبيعي للحقول الذي هوى بالإنتاج إلى 4.3 مليار قدم مكعب يومياً من الغاز الطبيعي، إذ تبلغ الاحتياجات اليومية حوالي 6 مليارات قدم وتزيد في فصل الصيف، حيث يتراوح متوسط الاستهلاك ما بين من 7.2 إلى 7.4 مليار قدم مكعب يوميا".

صفقة إذلال

وتسببت أزمة إمدادات الغاز، التي بدأت قبل الحرب الصهيونية على إيران، وسبقت إعلان إغلاق حقول الغاز "الإسرائيلية" في شرق البحر المتوسط التي تغذي خط أنابيب تصدير الغاز إلى مصر.

وأوقفت “إسرائيل” الإنتاج في أكبر حقولها للغاز الطبيعي “ليفايثان” في 13 يونيو بعد شنها غارات جوية على إيران، وهو ما أدى إلى وقف الإمدادات إلى مصر المعتمدة على الاستيراد. وبسبب ذلك، خفّضت القاهرة تدفقات الغاز إلى عدد من القطاعات الصناعية، كما أوقفت شركة “إنرجيان” (Energean Plc) الإنتاج في حقل غاز آخر.

وبحسب د. إبراهيم نوار الخبير الاقتصادي في مقال له بجريدة الأهالي: "القصة بدأت بطلب من “إسرائيل” لزيادة سعر الغاز الذي تحصل عليه مصر، على خلفية اتفاقيات التسعير الجديدة التي عقدتها مصر مع الشركات الأجنبية العاملة في حقول الغاز المصرية. وبسبب الخلافات على التسعير بدأت “إسرائيل” في التلاعب بكميات الغاز التي يتم تصريفها إلى مصر، وتناقصت الكميات من حوالي 1.2 مليار قدم مكعب يوميا إلى أقل من 800 مليون قدم. ومع بدء الحرب”الإسرائيلية” على إيران أوقفت “إسرائيل” تماما شحنات الغاز المصدرة إلى مصر والأردن. وبذلك زادت الأمور سوءا بالنسبة لمحطات توليد الكهرباء التي تمثل أكبر مستهلك للغاز في مصر".

وأوضح أنه "لم يكن أمام الحكومة إلا العمل على تشغيل محطات الكهرباء ذات الدورة المزدوجة (المركبة) بالوقود التقليدي إلى جانب الغاز، مع العمل على تشغيل محطات كهرباء تعمل بالوقود التقليدي. في كل ذلك تحاول الحكومة تجنب اللجوء إلى قطع الكهرباء بطريقة “تخفيف الأحمال” عن القطاع المنزلي".

وأضاف أنه "تم تجديد الاتفاقية في ذلك العام بدون الإعلان عن مدتها وشروطها التجارية. وتظهر متابعة أرقام صادرات الغاز الطبيعي عن طريق مصر إلى الأردن استمرار الإمدادات بكميات تكفي لتغطية 50% من احتياجات تشغيل محطات الكهرباء. ومع هبوط كميات الإنتاج في مصر إلى أقل من 5 مليارات قدم مكعب يوميا، فقد انخفضت تدفقات الغاز الطبيعي إلى الأردن. وتعهدت مصر بإمداد الأردن بحصة من وارداتها من الغاز المسال، وتوفير إمدادات يومية تبلغ 100 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في الوقت الحاضر، لمساعدة الأردن على تجنب حدوث أزمة في إمدادات الكهرباء".

وتعاني مصر والأردن من نقص حاد في الإمدادات، نتيجة تقليص عمليات الضخ عقب إغلاق حقل “ليفايثان” البحري من قبل الاحتلال، وهو ما دفع الحكومة المصرية إلى إيقاف توريد الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية من بينها الحديد، وتفعيل خطة طوارئ لمواجهة توقف الإمدادات.

 

بدائل الغاز

وقررت السلطات رفع استهلاك محطات الكهرباء من المازوت إلى الحد الأقصى المتاح، والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار، كإجراء احترازي للحفاظ على استقرار شبكة الغاز الطبيعي وتجنب اللجوء إلى تخفيف أحمال الكهرباء بقطع التيار وهو الإجراء الذي تسعى الحكومة لتجنبه لتفادي السخط الشعبي.

 

ويأتي ضمن هذا السياق أيضًا  المتعلق بأزمة الغاز والطاقة في مصر، ما أطلقته محافظة الجيزة حملة توعوية موسعة تحت عنوان «#استهلاكك_على_قد_احتياجك»، بهدف رفع الوعي المجتمعي بأهمية ترشيد الطاقة وتعزيز السلوك الإيجابي في استخدام الكهرباء. وأكد المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، أن الحملة تأتي ضمن خطة متكاملة تتبناها الدولة لمواجهة التحديات الحالية في مجال الطاقة!

يُتوقع أن يخفف استئناف الإمدادات عبر خطوط الأنابيب من الضغوط على الحكومة المصرية، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة الصيفية وزيادة الطلب على الكهرباء لأغراض التبريد. وقد تُهدئ هذه الخطوة من المخاوف بشأن ارتفاع الطلب المصري وتأثيره على إمدادات السوق العالمية.

تمويل الغاز

د. إبراهيم نوار توقع أن تمويل استيراد الغاز يأتي في وقت شديد الصعوبة هذا العام، مع استمرار أزمة عرض الدولار في السوق، خصوصا وأن الحكومة اعترفت بأنها تواجه فجوة في إمدادات الدولار تصل إلى حوالي 20 مليار دولار.

وبعد أن فشل شعار “تصنيع الدولار محليا” في تحقيق أي عائد حقيقي، فقد يستمر الطريق الوحيد المفتوح أمام الحكومة لتمويل فجوة الطاقة بالاعتماد على القروض قصيرة الأجل من مؤسسة التمويل الإسلامي، إلا إذا انتقلت مسئولية استيراد النفط والغاز من الحكومة إلى جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، فقد تكون لديه حلول أخرى".