فى الوقت الذى تعلن فيه حكومة الانقلاب عن مبادرات لخفض الأسعار بنسب تتراوح بين 15% و 20% شهدت الأسواق المحلية خلال الساعات الأخيرة ارتفاعات ملحوظة في أسعار العديد من السلع الغذائية، منها اللحوم الحمراء وزيوت الطعام بأنواعها المختلفة، وذلك وسط توقعات بزيادة الأسعار خلال الفترة المقبلة نظرًا لارتفاع أسعار الزيت الخام في الأسواق العالمية، حيث ارتفعت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 7.1% لتصل لأعلى مستوى في 3 سنوات، نتيجة ارتفاع أسعار زيوت النخيل والصويا ودوّار الشمس، وهو ما يزيد من ارتفاعها محليًا بسبب اعتماد حكومة الانقلاب على استيراد 96% من زيت الطعام من دول خارجية منها ماليزيا.
وتراوحت الزيادة بين 4.5 إلى 6 جنيهات للتر الواحد. وبلغ سعر طن زيت الذرة المكرر 63 ألف جنيه، بينما وصل سعر طن زيت عباد الشمس المكرر إلى 65 ألف جنيه.
إلى جانب الزيوت، شهدت الأسواق ارتفاع أسعار الدواجن البيضاء في البورصة إلى 66 جنيهًا، بعد فترة انخفاض وصل فيها سعر الكيلو إلى 58 أو 62 جنيهًا خلال الأيام الماضية، ما رفع سعر الكيلو في الأسواق إلى أكثر من 78 جنيهًا.
هذه الارتفاعات تؤكد فشل مبادرات حكومة الانقلاب لخفض الأسعار كما تكشف أن هذه الحكومة تخادع المصريين وليس لديها أية خطة لتخفيف الأعباء عنهم .
الإنتاج المحلي
من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب، ، إن أي ارتفاعات عالمية تؤثر على مصر وتزيد من معدلات التضخم، خاصة في السلع المستوردة، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب تستورد نسبة كبيرة من احتياجاتها الأساسية ومنها الذرة والزيوت النباتية بأنواعها بنسبة تصل إلى 98%، نظرًا لانخفاض الإنتاج المحلي خاصة من بذرة القطن.
وأكد عبد المطلب في تصريحات صحفية، أن الحلول معروفة للجميع، وفي مقدمتها زيادة الإنتاج المحلي من الزيوت والسلع الغذائية، مشددا على ضرورة تدخل دولة العسكر لزيادة المعروض من السلع الضرورية بأسعار مناسبة، وعدم قصر ذلك على المجمعات الاستهلاكية التي لا تغطي جميع الأحياء والمدن، بالإضافة إلى تفعيل الرقابة على الأسواق ومصادرة السلع التي يحاول بعض التجار إخفاءها لتعطيش السوق بغرض تحقيق أرباح مضاعفة.
وأوضح ان مبادرة حكومة الانقلاب لم تشمل جميع السلع أو المناطق، وإن أسعار اللحوم الحمراء لم تنخفض بل ارتفعت بمعدل يتراوح بين 1000 و2000 جنيه للطن، لتصل أسعارها في السوق إلى نحو 400 جنيه للكيلوجرام.
وأشار عبد المطلب إلى استمرار ارتفاع أسعار مصنعات اللحوم مثل "البانيه" و"الشيش طاووق"، فضلًا عن ارتفاع أسعار الفاكهة، حيث لا يقل سعر الكيلو عن 35 جنيهًا لأقل الأنواع، ويصل في بعضها إلى 50 جنيهًا.
وأضاف أن خفض الأسعار يتطلب زيادة عرض السلع الأساسية في الأسواق، موضحًا أن خفضًا بنسبة 10% وفق الاتفاق الحكومي مع التجار لا يلمسه معظم المواطنين، خاصة مع نقص المعروض وارتفاع الأسعار المفاجئ بعد الإعلان عن المبادرات.
أحلام لا تتحقق
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي، إن مصر مستورد رئيسي للسلع الغذائية والأساسية ومنها الزيوت، وهو ما ينعكس مباشرة على الأسعار المحلية في حال ارتفاعها عالميًا، فضلًا عن ارتفاع تكلفة الشحن التي تُحمّل بدورها على السعر النهائي للمستهلك.
وأكد الإدريسي في تصريحات صحفية أن السوق المحلية تشهد ارتفاعات في بعض السلع الأساسية والغذائية، وهو ما يجعل المواطن لا يشعر بأي تراجع في الأسعار، نتيجة انخفاض مستويات الدخل الحقيقي، والزيادات المتتالية في أسعار البنزين والسولار والكهرباء، إلى جانب الممارسات الاحتكارية من بعض التجار والمستوردين، وغيرها من التحديات التي تجعل انخفاض الأسعار أقرب إلى "أحلام لا تتحقق".
مسئولية المصانع
وقال السيد البرعي، عضو الشعبة العامة للمواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن خفض أسعار السلع، مسئولية المصنع نفسه، وليس التجار والسوبر ماركت ومنافذ التوزيع؛ لأنهم ملتزمون بقرار 330 الخاص بالتسعير .
وأضاف «البرعي»، -في تصريحات صحفية : التجار يحصلون على قائمة أسعار من قبل المصنع يحدد فيها السعر الرسمي للتجار وهامش الربح وسعر المستهلك.
وأشار إلى أن هناك بعض التجار شاركوا في مبادرة خفض الأسعار، ووصل الانخفاض لنسبة تتراوح بين 18% و20%، مؤكدًا أن الانخفاض جاء نتيجة الركود الذي يشهده السوق، بجانب وجود سلع صلاحيتها قاربت على الانتهاء لذلك انضم بعض التجار للمبادرة، وليس لانخفاض سعر الدولار لأنه قابله ارتفاعات في المحروقات وزيادات في الأجور، والتشغيل .
وكشف «البرعي»، أنه رغم إطلاق المبادرة من قبل وزارة تموين الانقلاب إلا أن هناك تجار لا يعلمون عنها شيئا؛ لعدم اطلاعهم على السوشيال ميديا مؤكدا أن المصانع حتى الآن لم تعلن قوائم أسعار جديدة بالانخفاض لذلك التجار يعملون على القديم .
واشار إلى أن المناطق البعيدة في القري بالمحافظات، لا تمتلك سوى محل بقالة، وليس لديها سوبر ماركت أو مجمع استهلاكي لذلك لن يشعر سكانها بانخفاض الأسعار .
وطالب «البرعي»، وزير تموين الانقلاب بضخ السلع المخفضة كـ«سلع حرة» في شركات الجملة ومن ثم توزع على منافذ الوزارة والتي يصل عددها لـ 41 ألف منفذ على مستوى الجمهورية، لتوفير السلع لجميع المواطنين.
غير قابلة للتنفيذ
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر، إن إطلاق مبادرة خفض الأسعار كان نتيجة طبيعية لانخفاض معدلات التضخم، وتراجع الدولار في البنوك.
وأضاف «عامر»، -في تصريحات صحفية : المشكلة في استيراد المنتجين والمصنعين، السلع الغذائية والخامات، بسعر الدولار عند 51 جنيهًا، والمخزون السلعي يكفى لـ 3 أشهر وبالتالي عند طلب حكومة الانقلاب من المصانع خفض أسعارها يكون الرد تم استيراد السلع بأسعار مرتفعة عن سعر الدولار الحالي .
وأوضح أن المواطن لن يشعر بأي تحسن في الأسعار قبل انتهاء المخزون السلعي أو الخدمي أو الإنتاجي، والبدء باستيراد السلع بسعر دولار 48.40 جنيهًا، وذلك بعد 3 أشهر.
وأشار «عامر» إلى أن مبادرة حكومة الانقلاب تهدف لتهدئة الرأي العام، لكنها غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع خاصة مع وجود اقتصاد حر، مؤكدا أن حكومة الانقلاب لا تملك تطبيق التسعيرة الجبرية .
وأوضح أن دولة العسكر تملك فقط خفض أسعار منتجاتها دخل المنافذ الخاصة بها سواء بوزارة التموين أو الزارعة أو القوات المسلحة، والمنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية.