كشفت تقارير رسمية عن كوارث جديدة تسببت فيها حكومة الانقلاب، تتمثل في استمرار تراجع إنتاج الغاز الطبيعي محليًا، مؤكدة أن متوسط العجز الشهري بلغ نحو مليون طن، بإجمالي عجز يقدر بـ 8.6 مليون طن بين الإنتاج المحلي والاستهلاك خلال النصف الأول من عام 2025، ما يعكس فجوة متنامية في موازنة الطاقة خلال النصف الأول من العام.
وبحسب أحدث تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ إجمالي إنتاج الغاز خلال أول خمسة أشهر من 2025 نحو 10.8 مليون طن، مقارنة بـ 16.5 مليون طن خلال الفترة نفسها من عام 2024، بما يعادل تراجعًا قدره 5.7 مليون طن بنسبة انخفاض سنوية بلغت 34.5%.
تراجع الإنتاج
وأشار الجهاز إلى أن إنتاج الغاز الطبيعي واصل الانخفاض على أساس سنوي، حيث سجل 2.665 مليون طن في مايو 2025 مقارنة بـ 3.231 مليون طن في مايو 2024، بانخفاض بلغ 566.2 ألف طن.
وفي أبريل 2025، بلغ الإنتاج 2.625 مليون طن مقابل 3.211 مليون طن في أبريل 2024، في حين سجل الإنتاج في مارس 2025 نحو 2.736 مليون طن مقابل 3.382 مليون طن في الشهر نفسه من العام السابق.
كما تراجع الإنتاج في فبراير 2025 إلى 2.523 مليون طن مقارنة بـ 3.229 مليون طن في فبراير 2024، بينما بلغ في يناير 2025 نحو 2.780 مليون طن مقابل 3.502 مليون طن في يناير 2024.
الاستهلاك المحلي
في المقابل، سجل الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي تراجعًا أيضًا، وإن كان بوتيرة أقل من التراجع في الإنتاج، حيث بلغ 3.749 مليون طن في مايو 2025 مقابل 3.918 مليون طن في الشهر ذاته من 2024.
وبلغ استهلاك الغاز في أبريل 2025 نحو 3.698 مليون طن مقارنة بـ 3.769 مليون طن في أبريل 2024، وفي مارس من العام الجاري سجل الاستهلاك 3.757 مليون طن مقابل 3.928 مليون طن خلال مارس 2024.
كما تراجع الاستهلاك في فبراير 2025 إلى 3.389 مليون طن مقارنة بـ 3.626 مليون طن في فبراير من العام الماضي، في حين بلغ استهلاك الغاز في يناير 2025 نحو 3.848 مليون طن مقابل 3.780 مليون طن في يناير 2024.
وأشار التقرير إلى أن إجمالي استهلاك الغاز في الأشهر الخمسة الأولى من 2025 بلغ نحو 18.4 مليون طن، مقابل 19.02 مليون طن في الفترة نفسها من العام الماضي، بانخفاض قدره 622 ألف طن فقط، ما يشير إلى اتساع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
عجز جزئي
تعليقا على هذه الأزمة كشف مصدر مطلع في قطاع البترول والطاقة، أن تعديل اتفاق تصدير الغاز بين حكومة الانقلاب والكيان الصهيوني يعكس ضغوطًا متزايدة على منظومة الطاقة، في ظل تراجع إنتاج الحقول المحلية وزيادة الاستهلاك، لا سيما في قطاع الكهرباء.
وأكد المصدر، أن حكومة الانقلاب باتت تعتمد بشكل متزايد على الغاز الصهيوني لسد فجوة الطلب المحلي، زاعما أن هذا الاعتماد لا يرتبط بخيارات سياسية، بل بواقع اقتصادي وتقني فرضته الظروف.
ولفت إلى أن كميات الغاز الصهيوني المستوردة تستخدم جزئيًا في إعادة التصدير بعد تسييلها، بما يوفر عوائد بالنقد الأجنبي في ظل أزمة العملة.
وأشار المصدر إلى أن تراجع إنتاج حقل "ظهر"، الذي وصل إلى ذروته قبل عامين، بالإضافة إلى تأخر طرح اكتشافات بحرية جديدة على الإنتاج، أسهما في خلق عجز جزئي تغطيه واردات الغاز، خصوصًا خلال فترات الذروة الصيفية.
وقال: إن "تشغيل محطات الكهرباء يعتمد بنسبة تفوق 70% على الغاز الطبيعي، ما يجعل أي انخفاض في الإمدادات المحلية خطرًا مباشرًا على استقرار الشبكة".
وزعم المصدر أن خيار الاعتماد على الكيان الصهيوني حاليًا جاء نتيجة توفر بنية تحتية جاهزة لخطوط الربط، وأسعار تنافسية في بعض الأحيان مقارنة بتكلفة الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على كميات فورية من أسواق بديلة مثل قبرص أو الجزائر، في ظل غياب خطوط الربط المباشر.
مُخاطرة
وأشار إلى أن مشروع استيراد الغاز القبرصي لا يتوقع دخوله حيز التنفيذ قبل نهاية 2028، ما يضع الكيان الصهيوني في موقع المورد الوحيد المتاح حاليًا بكميات كبيرة وبشكل منتظم وفق تعبيره.
وأضاف المصدر أن الصفقة الجديدة التي تمتد حتى عام 2040 تشمل ضخ ما يصل إلى 4.6 تريليون قدم مكعب من الغاز، وهو ما يعادل نحو 130 مليار متر مكعب، لافتًا إلى أن هذه الكميات ستُقسم على مرحلتين، وستنفذ وفق توسعة البنية التحتية وقدرة حكومة الانقلاب على استيعابها.
واعترف بأن الاعتماد على مورد واحد – أيًا كان – يمثل مخاطرة في قطاع حساس وإستراتيجي مثل الطاقة، خصوصًا في ظل التوترات الإقليمية الحالية المرتبطة بالحرب في غزة، موضحا أنه رغم أن العلاقات الدبلوماسية تمر بحالة من الفتور، فإن العلاقات الاقتصادية، لا سيما في ملف الطاقة، ما زالت قائمة ومنفصلة عن السياق السياسي.
وشدد المصدر على ضرورة تسريع تطوير الحقول الجديدة في شرق المتوسط، ودفع الاستثمارات في التنقيب والإنتاج، إلى جانب تنويع مصادر الاستيراد والتوسع في الاعتماد على الطاقة المتجددة لتقليل الضغط على الغاز، محذرا من خطورة الاعتماد على الغاز الصهيوني على أمن البلاد .