توقف محللون أمام مشاهد تبثها المقاومة عن اختراقات أفراد المقاومة لأرتال الجنود ووضع عبوات انفجارية (شواظ) من إنتاج محلي داخل آلية نقل جنود بحي الصبرة بمدينة غزة، والمنطق العلمي لتحركهم بشكل مباغت فاكتشف أنها البطانية وكان الاكتشاف سهلا ففي الصيف لا يطيق أحدنا القميص بأكمام فمال المجاهد يحتمل بها على ظهره.
وفسر المحلل السياسي محمود البنا @Mahmoudalbana97 ذلك، فأشار إلى ما يلفت الانتباه، في فيديوهات الرجال "أن المقاوم يلف بطانية على كتفيه ورأسه ؟! والأمر تكرر كثيرا حتي مع ابو ابراهيم رحمه الله !!.. لكن الحقيقة أن وراء هذه الحركة البسيطة ذكاء عسكري مذهل.".
وأوضح أن "أجهزة الرصد والكاميرات الحرارية غالباً تبحث عن ملامح الإنسان مثل الرأس والكتفين وهما أوضح بصمة بصرية.. حين يغطي المقاوم رأسه وكتفيه بالبطانية، يذوب شكله وسط الركام… فلا يظهر كإنسان واضح للعدسات، بل ككتلة غامضة يصعب تمييزها. وهكذا يمرّ من تحت عين التقنية دون أن يراه أحد.".
وأشار إلى أن "التمويه الحراري عبر أقمشة البطانية الكثيفة تشتّت حرارة الجسد، فتتوه الكاميرات تحت الحمراء وتفشل في التقاط إشاراته الحرارية".
وتابع: "الذوبان في البيئة حيث تجعل ألوان البطانية الباهتة، المغبرة المقاوم جزءًا من المشهد الرمادي حوله: الركام، الغبار، الدخان. لا بزة مميزة، ولا هيئة لافتة، مجرد ظل يختفي وسط الفوضى".
وأكمل، "الاستخدام العملي: البطانية ليست فقط للتمويه، لكنها أداة بقاء، حيث تحمي من برد الليل وتغطي السلاح أو الذخيرة أثناء الحركة وتساعد المقاوم عند الانبطاح، فيخفي نفسه وسلاحه في لحظة حاسمة.
وتوصل المحلل " البنا " إلى أن "البطانية بتلعب دور "درع صامت" ضد أعتى أجهزة الاحتلال".
https://x.com/Mahmoudalbana97/status/1957761274479288565
ومنذ بدايات الحرب يستخدم المقاومون أسلحة محلية الصنع بأدوات تفجير محلية، حيث رصد الإعلام الصهيوني جانبا من الأسلحة المحلية المتمثلة في بندقية الغول وكان الفارق في كثافة التدريب التي تلقاها المقاومون والقناصون بشكل خاص وهم يلعبون دورًا متزايدًا في العمليات البرية والجوية الأخيرة.
واعترفت "أحرونوت" أن جيش الاحتلال يواجه تحديات كبيرة في تعقب هؤلاء القناصين، الذين يستخدمون كاميرات مراقبة للبقاء متخفين حتى تتاح لهم فرصة لتنفيذ هجماتهم.
ونُفذت عشرات عمليات القنص بسلاح الغول وهو صناعة محلية فلسطينية 100%.
وتشبه الغول بندقية قنص مضادة للعتاد 50 كال عيار (12.7 × 99 ملم) ايرانية من نوع AM-50 الملقبة بـ"صياد" والتي تم تصنيعها محليا باسم "الغول" مع رصاصة خارقة للدروع عيار 12.7 ملم من طراز IMI API إسرائيلية الصنع.
وتمكنت بندقية الغول في مارس 2024 من قنص القنّاص "الإسرائيلي" كومير بن ساعر من مسافة 2200 متر.
وقال محللون عسكريون صهاينة إن قنّاص القسام استخدم الفيزياء والتحكم بالعوامل الطبيعية في تحقيق عمليات القنص التي تم تسجيلها في قوات جيش الاحتلال وهو ما يشبه توظيف صوف البطانية في الاختفاء عن موجات الليزر.
المقاومة لديها تكتيك حرب العصابات لاستنزاف جيش الاحتلال بشكل مستمر بعمليات قنص او إغارة وكمائن مركبة، تكتيك المقاومة تحول من غرفة عمليات واحدة إلى غرف عمليات متفرقة وكل غرفة لها قيادة عملياتها الخاصة، تعدد غرف العمليات هذا يضمن أن استهداف أي قائد للعمليات لن يؤثر في سير عمليات المقاومة التي أصبحت تعتمد على عدة غرف بمجموعات مصغرة.
دلالات التحركات
الباحث في الشأن العسكري محمود جمال قال إن كل ذلك يدُل على مستوى المقاومة المتقدم في جانبي التخطيط والتنفيذ، ويشير إلى إن غرف عمليات المقاومة لديها خططها للتعامل المتدرج مع المرحلة الثانية من الحرب، وأن غرف عمليات المقاومة متماسكة وتدير المعركة وفق خطط، وأنها مستعدة لاستمرار العمليات لفترة طويلة.
وأشار إلى أن من أهم تكتيكات حرب العصابات تشتيت الخَصْم وعدم تركيز العمليات على اتجاه واحد حتى لا يُركز الخَصْم قوته النيرانيه على هذا الاتجاه وتفقد المجموعات النشطة في هذا الاتجاه قوتها، أن إحدى السمات الرئيسية لتكتيكات حرب العصابات الثابتة “المناورات السرية السريعة”.
وعن آليات عمل المقاومة، أضاف، يجب أن يتحرك رجال حرب العصابات مثل المياه المتدفقة والرياح السريعة وبالتوازي في اتجاهات متعددة لتحقيق هدف تشتيت العدو وبالمعنى الواسع للكلمة لتسمح هذه العمليات بخداع العدو ولا يتوقع من أين سيتلقى الضربات وبالنظر إلى طبيعة المعارك في غزة الجارية الآن.
المجموعات الصغيرة
واعتبر أن عمل المجموعات المصغرة هو من الطرق المثلى لحل المهام القتالية في غزة تتمثل في الكمائن المركبة والإغارات والقنص في كافة الاتجاهات شمالًا ووسطًا وجنوبًا ولا تنشط فقط مجموعات في اتجاه دون آخر حتى لا يتفرغ جيش الإحتلال ويقاتل على الجهة النشطة ويقضي على مجموعات القتال في ذلك الاتجاه.
وأضاف أنه "يجب أن تُنسق غرف عمليات المقاومة ومجموعات القتال الصغيرة في كافة الاتجاهات مع بعضها البعض “بالقدر المستطاع وبوسائل اتصال وتواصل آمنة ” لتكون العمليات نشطه على كافة الاتجاهات لتشتيت غرفة عمليات العدو ويستنزف معنويًا ونفسيًا وعسكريًا".
الأكاديمي من غزة د. فايز أبو شمالة علق على مثل هذه التكتيكات قائلا: "683 يوماً من حرب الإبادة على أهل غزة، ومع ذلك؛ لم تسترد الحكومة الإسرائيلية جنودها الأسرى. ولم يحقق الجيش الإسرائيلي النصر الذي تعود عليه. ولم يشعر المجتمع الإسرائيلي بالأمن والأمان. والأهم من كل ما سبق.. لم يسترد الجيش الإسرائيلي هيبته ومكانته وشخصيته التي دمرتها معركة طوفان الأقصى".