مع فشل حكومة الاحتلال فى القضاء على حركة حماس والمقاومة الفلسطينية وعجزها عن تحرير الأسرى الصهاينة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن وهى الأهداف المعلنة لحرب الإبادة التى تشنها على قطاع غزة ..ومع تصاعد المظاهرات من جانب أهالى الأسرى ومطالبتهم بعقد صفقة مع حماس وتحرير الأسرى بل ومطالبتهم بوقف حرب الإبادة على قطاع غزة لجأت المعارضة الصهيونية إلى طرح فكرة جديدة تهدف إلى تحرير الأسرى فى الظاهر والتخلص من المجرم بنيامين نتنياهو فى الباطن وتتمثل فى تشكيل حكومة طوارئ مؤقتة لمدة ستة أشهر لتحقيق الهدف الذى فشل فيه النتنياهو .
كان بيني جانتس، رئيس حزب "الوحدة الوطنية" قد اقترح تشكيل حكومة طوارئ مؤقتة لمدة ستة أشهر تركز على هدفين رئيسيين: إعادة الأسرى المحتجزين لدى المقاومة في قطاع غزة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، وتمرير قانون تجنيد شامل يعالج الخلافات السياسية الراهنة بشأن إعفاءات المتدينين اليهود (الحريديم).
مهمة عاجلة
وقًال جانتس في تصريحات صحفية ان هذا المقترح يهدف إلى تجاوز الانقسامات الحزبية من خلال توحيد القوى السياسية تحت مهمة وطنية عاجلة، مع تجميد الخلافات حول قضايا مثل الإصلاح القضائي وإدارة الحرب وفق تعبيره.
وأكد جانتس، أن الحكومة المقترحة ستكون "حكومة فداء الرهائن ودعم الخدمة"، مع تحديد موعد انتخابات في ربيع 2026، مشددًا على أن هدفه ليس إنقاذ نتنياهو، بل إنقاذ الأسرى .
وأشار إلى أن حكومة الرهائن يمكن أن تضم أحزابًا من اليمين واليسار، بما في ذلك "الليكود" و"يش عتيد"، مع تعليق مؤقت للصراعات السياسية الداخلية للتركيز على المفاوضات مع حماس.
انقسامات عميقة
يأتي اقتراح جانتس في وقت تشهد فيه دولة الاحتلال انقسامات عميقة داخل الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو، الذي يواجه انتقادات متزايدة بسبب تعامله مع قضية الأسرى واستمرار الحرب في غزة.
ومع ذلك، فإن المقترح يواجه تحديات كبيرة بسبب معارضة أحزاب اليمين المتطرف، مثل "القوة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير و"الصهيونية الدينية" بقيادة بتسلئيل سموتريتش، التي ترفض أي تنازلات في صفقة الأسرى ، معتبرة أنها قد تُضعف موقف دولة الاحتلال العسكري.
كما يواجه المقترح عقبة رئيسية تتمثل في دوافع نتنياهو السياسية، حيث يسعى إلى الحفاظ على تماسك ائتلافه من خلال موازنة مطالب شركائه من اليمين المتطرف، الذين يعارضون أي تنازلات، وشركائه الحريديم، الذين يطالبون بقانون تجنيد مخفف يخصهم، ويُعد فداء الرهائن مبدأً يهوديًا أساسيًا، وهو ما جعل عائلات الرهائن تُشكل البوصلة الأخلاقية منذ أكتوبر 2023.
شبكة أمان
يشار إلى أن العدد الرسمي للأسرى الصهاينة المحتجزين في غزة وفق تقارير صهيونية يبلغ حوالي 50، منهم 28 على الأقل تأُكدت وفاتهم، بينما يُعتقد أن حوالي 20 ما زالوا على قيد الحياة، مع مخاوف جدية بشأن اثنين آخرين.
ووفقًا لتصريحات مسؤولي حكومة الاحتلال فإنها ستواصل المفاوضات بشروطها بعد أن أبدت حماس انفتاحًا على اقتراح وساطة جديد، لكن أي صفقة جادة ستتطلب قرارات قد تؤدي إلى انهيار الائتلاف الحالي.
في هذا السياق، أبدى زعيم المعارضة يائير لابيد دعمًا مشروطًا للمقترح، مؤكدًا أنه سيوفر "شبكة أمان" برلمانية تضم 24 صوتًا لدعم أي صفقة رهائن دون شروط مسبقة، لكنه اشترط ضمانات لمنع نتنياهو من استغلال الحكومة المؤقتة لتعزيز موقفه السياسي.
استطلاعات رأي
فى المقابل يسود تشكك بين جمهور الصهاينة حول إمكانية التوصل إلى توافق سياسي، خاصة مع استطلاعات رأي أجرتها قناة "كان" الصهيونية تُظهر أن 62% من الصهاينة يؤيدون حكومة طوارئ لإعادة الأسرى، لكن 45% يعتقدون أن الخلافات السياسية ستمنع نجاحها .
وبالنسبة لقانون التجنيد، الذي أصبح قضية ملحة بعد قرار المحكمة العليا الصهيونية في 2024 بإلزام الدولة بتجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية ووقف تمويل المؤسسات التي تتيح التهرب من الخدمة فإن هذا القرار يعمل على وضع تسوية سياسية لأزمة عمرها عقود، مما جعل كل مشروع قانون تجنيد جديد يثير أزمة، حيث يهدد الحريديم بالانسحاب إذا تم تشديد القانون، بينما يثير تخفيفه غضب الجيش والجمهور والمحكمة.
أمر صعب
فى هذا السياق كشف موقع "والا" الصهيونى أن تشكيل حكومة طوارئ يتطلب موافقة 61 عضوًا على الأقل في الكنيست، وهو أمر صعب في ظل التحالفات الحالية، حيث يسيطر الائتلاف الحاكم على 64 مقعدًا، لكن انسحاب حزب واحد قد يؤدي إلى انهياره، وقد يتسبب أي قانون تجنيد ذي معنى في نسف الائتلاف، بينما أي قانون شكلي قد يُرفض في المحكمة، مما يجعل حكومة مؤقتة فكرة جذابة لامتصاص هذه الأزمة.
وأكد أن خطة جانتس تواجه عقبات جوهرية. أولًها : نتنياهو يفتقر إلى الحافز لدعم حكومة موحدة، لأنها ستحل مشكلتي الأسرى والتجنيد على حساب تماسك ائتلافه، مما يهدد بفقدان السيطرة السياسية، خاصة مع وجود شبكة أمان لابيد التي تتيح له استيعاب عرض جانتس دون دفع ثمن سياسي كبير.
وأشار الموقع إلى أن مقترح بيني جانتس بتشكيل حكومة طوارئ يواجه عقبات كبيرة تحول دون نجاحه. حيث يرفض رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو التخلي عن السيطرة على الحكومة، حتى مؤقتًا، خوفًا من أن يُنظر إليه كضعف سياسي قبل انتخابات 2026. كما أن تراجع شعبية حزب جانتس "الأزرق والأبيض"، الذي يقترب من عتبة الحجب الانتخابية، يُضعف نفوذه التفاوضي، مما يجعل قادة المعارضة مثل لابيد وليبرمان مترددين في دعمه، إضافة إلى ذلك، فإن انعدام الثقة بين جانتس ونتنياهو، يعيق تشكيل تحالف موحد، مما يجعل المقترح نظريًا أكثر منه عمليًا.
عائلات الأسرى
على الجانب الإيجابي، يستفيد المقترح من الضغط الشعبي المتزايد، حيث تنظم عائلات الأسرى مظاهرات أسبوعية في تل أبيب تطالب بحل عاجل، كما أن اقتراح جانتس بتحديد انتخابات في ربيع 2026 يُعد خطوة مسئولة لمعالجة القضايا العاجلة .
ومع ذلك، يرى خبراء سياسيون أن نجاح المقترح يعتمد على إقناع الأحزاب الكبرى بالتخلي عن مصالحها، وهو أمر غير مرجح في ظل الاستقطاب الحالي. كما أن غياب الثقة ومصالح نتنياهو وانقسامات الائتلاف تجعل المقترح عرضة للفشل، مما قد يزيد التوترات السياسية والاجتماعية ويدفع نحو انتخابات مبكرة، بينما يظل مصير الأسرى معلقًا.