يواجه المزارعون أزمة كبيرة تهدد إنتاجية المحاصيل، تتمثل في نقص الأسمدة وبيعها بأسعار جنونية في السوق السوداء في حين تماطل الجمعيات الزراعية في صرف الأسمدة المدعمة، ما يهدد برفع أسعار التكلفة الإنتاجية على المزارعين،
ورغم عقد حكومة الانقلاب الكثير من الاجتماعات لمناقشة هذه الأزمة، والتوصل إلى حلول لها، إلا أن هذه الاجتماعات لا تصل إلى نتيجة؛ بسبب أن حكومة الانقلاب لا تتوقف عن رفع أسعار الغاز الطبيعي والوقود، ما أدى إلى توقف الكثير من خطوط الإنتاج في شركات الأسمدة، وبالتالي العجز عن تغطية احتياجات المزارعين وظهور السوق السوداء .
كان مصطفى مدبولي، رئيس مجلس وزراء الانقلاب، قد عقد اجتماعًا موسعًا لمتابعة موقف توفير الأسمدة في الأسواق، واستعراض الجهود المبذولة لتطوير وحوكمة منظومة تداولها، بما يضمن وصولها إلى المزارعين المستحقين ويعزز من قدرة الإنتاج الزراعي في مصر.
وناقش الاجتماع الإجراءات التنفيذية الخاصة بتوفير الأسمدة في الأسواق، ومناقشة الجهود المبذولة لحوكمة منظومة تداولها.
وزعم مدبولي خلال الاجتماع، أن دولة العسكر تُولي أهمية قصوى لتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي، وعلى رأسها الأسمدة، باعتبارها عنصرًا أساسيًا في رفع الإنتاجية الزراعية، وتعزيز الأمن الغذائي .
وأوضح أن حكومة الانقلاب تعمل على تقديم التيسيرات اللازمة لصناعة الأسمدة الزراعية، بما يساهم في زيادة حجم الإنتاج المحلي وتلبية احتياجات المزارعين، مع العمل على جذب المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، بما يضمن تحقيق فائض يمكن تصديره، وبالتالي دعم الاقتصاد الوطني، وفق تعبيره.
صرف الأسمدة
فيما زعم وزير الزراعة بحكومة الانقلاب أن عمليات صرف الأسمدة مستمرة لتغطية احتياجات المزارعين حتى نهاية سبتمبر الجاري، مع تيسير الإجراءات وإزالة أي عقبات قد تواجههم .
وقال الوزير في تصريحات صحفية: "إن هناك متابعة دقيقة لتوفير الأسمدة في الجمعيات الزراعية والمنافذ المختلفة، مع التنسيق بين الجهات المختصة لضمان سلاسة النقل والتوزيع، ومنع التلاعب بالأسعار، والتأكد من وصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين"، وفق تعبيره.
أزمات متكررة
في المقابل شدد حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، على أن الفلاحين هم أكثر المتأثرين بأي خلل في منظومة الأسمدة، فهم غالبًا ما يواجهون أزمات متكررة تتعلق بالنقص أو الارتفاع غير المبرر للأسعار، مؤكدًا أن وصول الأسمدة في التوقيت المناسب بالكمية الكافية، يمثل عاملًا حاسمًا في رفع إنتاجية المحاصيل، وتخفيف الأعباء عن كاهل الفلاحين .
وطالب أبو صدام في تصريحات صحفية بتسهيل إجراءات الصرف، وإزالة التعقيدات البيروقراطية التي قد تعرقل حصول المزارع على حصته المستحقة، مع تكثيف الرقابة الميدانية، لضمان وصول الدعم إلى من يستحقه بالفعل.
وأوضح أن التحدي الأكبر أمام حكومة الانقلاب لا يقتصر فقط على زيادة حجم الإنتاج من الأسمدة، وإنما يمتد إلى ضبط حلقات التداول والتوزيع وصولًا إلى المزارع المستفيد، وهو ما يتطلب الاعتماد بشكل أكبر على منظومات رقمية متكاملة تتيح تتبع الأسمدة منذ خروجها من المصانع وحتى وصولها إلى الجمعيات الزراعية، وأشار أبو صدام إلى أن الرقمنة يمكن أن تقضي على السوق السوداء التي تتسبب في إرباك السوق المحلي، ورفع الأسعار على الفلاحين.
العمود الفقري
وأكد الدكتور طارق محمود أستاذ بمركز البحوث الزراعية، أن الأسمدة تمثل العمود الفقري للإنتاج الزراعي، حيث تُسهم بشكل مباشر في زيادة إنتاجية الفدان وتحسين جودة المحاصيل، مشيرًا إلى أن أي خلل في منظومة التوزيع أو تذبذب في إمدادات الأسمدة، ينعكس سلبًا على المزارع الصغير الذي يمثل الشريحة الأكبر من المنتجين الزراعيين في مصر .
وطالب محمود في تصريحات صحفية بتطبيق نظام رقابي صارم يضمن العدالة في التوزيع، ويكون هو الضمانة الأساسية، لتحقيق الاستقرار في القطاع الزراعي.
وأوضح أن صناعة الأسمدة ليست مجرد قطاع خدمي للزراعة، بل هي صناعة استراتيجية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي الاقتصادي .
وشدد محمود على أن التوسع في الاستثمارات الموجهة لهذه الصناعة من شأنه زيادة حجم الإنتاج المحلي بما يغطي الاحتياجات الداخلية، ويوفر فائضًا للتصدير خاصة وأن صادرات الأسمدة يمكن أن تمثل موردًا مهمًا للعملة الصعبة .
وأشار إلى أن نجاح المنظومة يتطلب دمج التكنولوجيا الحديثة في عمليات التوزيع والرقابة، بما يحد من أي محاولات للتلاعب أو تسرب الدعم.