تسارع التضخم الأساسي في مصر, من 10.7% خلال أغسطس الماضي, إلى 11.3% في سبتمبر، حسب بيانات البنك المركزي، وارتفع التضخم الأساسي في مصر إلى 11.3% خلال سبتمبر 2025 بحسب ما نشر موقع cnnbusinessarabic.com.
وسجّل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاعًا 1.8% في سبتمبر 2025.
وأعلن البنك المركزي أن معدل التضخم الأساسي تسارع إلى 11.3% على أساس سنوي في سبتمبر مقارنة بـ 10.7% في أغسطس.
ويعكس الارتفاع استمرار الضغوط التضخمية في بعض القطاعات، رغم سياسات التيسير النقدي الأخيرة التي انتهجها البنك المركزي، ودعم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، هذا الارتفاع بإعلان ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية إلى (260.9 نقطة) لشهر سبتمبر 2025، مسجلًا زيادة قدرها 1.5% عن شهر أغسطس الماضي، مدفوعًا بارتفاع أسعار عدد من السلع والخدمات الأساسية.
وخلال 2025/2024 أعلن البنك المركزي أن العجز التجاري وصل لأعلى مستوى بـ51 مليار دولار وهو العجز بين الصادرات والواردات منذ 12 سنة.
وفي سبتمبر 2024 كان التضخم المعلن في مصر هو 26,3% وكشف مؤشر أمريكي أن التضخم الحقيقي في مصر كان 62%.
وتجاهل هذه الأرقام والنسب رئيس الوزراء بحكومة السيسي، مصطفى مدبولي الذي صدرت عنه تصريحات الأربعاء من أن "التضخم مُرشح للتراجع بأكثر من مستهدفات البنك المركزي ليصل إلى 8% في المتوسط خلال النصف الثاني من 2026" مضيفا "مصر تسعى لتثبيت التضخم وإعادة هيكلة الديون القصيرة"، مشيرًا إلى اجتماعات مرتقبة مع صندوق النقد لتحديد مواعيد المراجعتين الخامسة والسادسة.
مدبولي قال إن الحكومة تعمل على إعادة هيكلة الديون قصيرة الأجل من خلال إصدار أدوات تمويل طويلة الأجل وتحديد سقف سنوي للدين العام ليكون في مسار تنازلي.
وعلى غرار رئيسه الوظيفي قال الحمصاني متحدث مجلس الوزراء إن "مصر تتجاوز موجة التضخم التي ضربت العالم"! زاعما أن "تحسن المؤشرات يؤكد نجاعة السياسات الاقتصادية الأخيرة.".
وبالنسبة لسقف الدين، أصدر السيسي صكوكا بمبلغ 1.5 مليار دولار، وكان تبرير "مدبولي" "إحنا ما أصدرناهاش عشان استثمار ولا حاجة، لا قدر الله، بس حابين نطمنكم إننا أصدرناها عشان نسدّد شوية من أقساط الديون، والصكوك دي هنسدّدها بعد 7 سنين!"
ووعد السيسي المصريين بـ"مشروع كبير لإعادة وصياغة مؤسسات الدولة بشكل هادئ وبمعايير.. والمشروع مبني على تصويب عوار موجود فينا وليس في رئيس أو حكومة بل في بشر.. وهدفي العمل على بناء مختلف عما كنا فيه".
وأدعى السيسي أن "الوضع الاقتصادي في مصر يشهد تحسناً ملحوظاً في الفترة الحالية متوقعاً مزيداً من التحسن في المؤشرات خلال المرحلة المقبلة.".
وقال: "مصر قادرة على تجاوز جميع التحديات الاقتصادية بفضل تكاتف ووحدة وصلابة أبنائها، مشيراً إلى أن التعاون بين مؤسسات الدولة والمواطنين هو الأساس في دعم مسيرة التنمية" وذلك خلال كلمة له في حفل تخرج الدفعة الجديدة من طلبة أكاديمية الشرطة لعام 2025.
الربط مع صندوق النقد
ومع قرب وصول بعثة صندوق النقد الدولي، للمراجعتين الخامسة والسادسة بحسب مدبولي فإن أسعار الوقود والمياه والكهرباء والمواصلات والأدوية مرشحة للزيادة، والمشهد الحالي يشي بأن بعثة الصندوق على أبواب القاهرة، ومناسبة الزيارة هذه المرة هي دفع المفاوضات المتعثرة مع الحكومة المصرية بشأن برنامج قرض مدته 46 شهرا، ومن أبرز ملامحه تحرير الأسواق، وبيع أصول الدولة والحد من ظاهرة "عسكرة" الاقتصاد وبصمة الدولة القوية في الأنشطة المختلفة وتخارج الحكومة من مشروعات حيوية. إضافة إلى تحرير سوق الصرف، وخفض الدعم الحكومي، وتحرير أسعار الوقود كاملة، وزيادة الرسوم الحكومية والضرائب وغيرها.
وعقب وصولها مباشرة ستعمل البعثة على إجراء المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج القرض الموقع بين الجانبين في مارس 2024، والبالغة قيمته 8 مليارات دولار، والتأكد من وفاء الحكومات بالالتزامات التي قطعتها على نفسها، والتأكد من قدرتها على سد الفجوة التمويلية الحالية خاصة مع تراجع إيرادات قناة السويس الدولارية بنسب تفوق 60% في العام 2024، وخسارة مصر 145 مليار جنيه (2.9 مليار دولار) من الإيرادات التي كان يفترض أن تجنيها من القناة في العام المالي الأخير.
وفي مقال بعنوان "مصر على موعد مع موجة غلاء جديدة" قال المحلل الاقتصادي مصطفى عبد السلام إنه "ومن الطبيعي أن تقدم الحكومة لبعثة صندوق النقد عدداً من "القرابين" والهدايا الثمينة حتى تطوي مرحلة الخلاف القائم منذ شهور، وتحصل على موافقتها بتمرير دفعتين جديدتين من القرض المتعثر وبقيمة 2.4 مليار دولار، وهو مبلغ حيوي للحكومة المصرية في ظل ضخامة الالتزامات الخارجية لأغراض الديون والواردات وتراجع بعض مصادر النقد الأجنبي وزيادة فاتورة الطاقة والغاز الطبيعي".
وأضاف أن "قرابين الحكومة، كالعادة، هي وضع يدها في جيب المواطن "المخروم" أصلا والمغلوب على أمره، وزيادة أسعار السلع والخدمات الرئيسية ومنها الكهرباء ومياه الشرب والبنزين بكل أنواعه والسولار والغاز المنزلي والمازوت وغيرها من مشتقات الطاقة، وتلك الزيادات من المتوقع أن يتم الإعلان عنها قبل وصول البعثة الفنية مباشرة وبدء مراجعات صندوق النقد التي تتم كل ثلاثة شهور.".
وتوقع أيضا أن يمتد أثر الزيادات المرتقبة إلى "الضرائب والرسوم الحكومية الأخرى سواء تعلقت بالمواصلات العامة والاتصالات ومستلزمات الزراعة وغيرها.".
وأضاف أن "تلك الزيادات الحكومية مباشرة زيادات أخرى في كل تكاليف المعيشة، وايجارات السكن، ومصروفات التعليم والصحة، وتذاكر المواصلات الخاصة من قطارات ومترو وميكروباص وتيك توك وغيرها، وكذا أسعار الأدوية التي لا تتوقف عن الزيادة بحجة ارتفاع كلفة الإنتاج والتشغيل وسعر الدولار رغم تراجعه مقابل الجنيه في الفترة الماضية".
واعتبر أنه "لا تقتصر الزيادة على السلع والخدمات المرتبطة بالمواطن، بل ستمتد للقطاعات الإنتاجية والصناعية والزراعية والخدمية، وهو ما يعني زيادة كلف الإنتاج وأسعار المواد الخام والسلع الوسيطة، حيث من المتوقع زيادة أسعار الغاز الطبيعي والمازوت المورد للقطاع الصناعي، خاصة قطاعات الأسمدة والحديد والبتروكيماويات التي تعتبر من أكبر المستهلكين للطاقة في البلاد".
وحذر من أن الزيادات في أسعار السلع والخدمات لا تتوقف على المستوى الرسمي، بل تحرك القطاع الخاص أيضا للدخول في سباق مع الحكومة في الزيادات المرتقبة وإرهاق المواطن، حيث أكد علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية أن ما يقرب من 100 شركة تصنيع دواء تقدمت بطلبات رسمية لزيادة أسعار منتجاتها بنسبة تصل إلى 30%.
واعتبر مصطفى عبدالسلام أن هذه التحركات المكوكية للحكومة لزيادة الأسعار تتناقض كلية مع وعود حكومية سابقة بكبح توحش الغلاء وعدم إجراء أي زيادات في الأسعار في الفترة المقبلة، كما تؤكد أن الحكومة ليست جادة في معركة محاربة داء التضخم الذي يسبب آلاما شديدة للمواطن والاقتصاد والأنشطة الاقتصادية والعملة والقطاع المصرفي والمالي.