نصف المرضى عاجزون عن شراء الأدوية… وداعا للعلاج المجانى فى زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

 

العلاج المجانى لم يعد له وجود فى زمن الانقلاب وأصبح المصريون يدفعون ثمن العلاج من جيوبهم وهو ما دفع الكثير من الفقراء وغير القادرين إما إلى تقليص العلاج أو إلى العزوف عنه وهذا يمثل خطرا كبيرا خاصة على أصحاب الأمراض المزمنة .

فى المقابل لا تتوقف حكومة الانقلاب عن اصدار قرارات برفع أسعار الأدوية مجاملة لشركات الدواء التى أصبح عدد محدود منها تحتكر السوق وتفرض الأسعار التى تريدها .

فى هذا السياق كشف معدل إنفاق المصريين على الأدوية، والذي يُقدّر وفق تقارير رسمية بحوالي 140 مليار جنيه في النصف الأول من 2025، عن تحمّل المواطن عبء اقتصادي ثقيل بسبب ارتفاع الأسعار. 

يشار إلى أنه وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية (WHO) والبنك الدولي، فإن: مصر واحدة من أعلى الدول في الشرق الأوسط من حيث نسبة الدفع المباشر Out-of-Pocket في الإنفاق الصحي، حيث يتحمّل المواطن ما بين 60‑65٪ من تكلفة العلاج، في حين أن المتوسط العالمي أقل من 40٪. 

واشارت التقارير إلى أن المواطن في تركيا، يتحمل أقل من 20٪ من كلفة الأدوية بسبب التأمين الشامل والدعم الحكومي المباشر وفي تونس، هناك تغطية تأمينية لأكثر من 70٪ من تكلفة الأدوية الأساسية وفي لبنان، رغم الأزمة الاقتصادية، فإن الحكومة ما زالت تدعم أدوية الأمراض المزمنة بنسبة تصل إلى 80٪. 

 

هيئة الدواء

 

من جانبها قررت هيئة الدواء المصرية في النصف الثاني من عام 2024 رفع أسعار أكثر من 1,600 دواء بنسبة 25‑30 %، وبعض الأدوية ارتفع سعرها بنسبة تصل إلى 50 %، في ثلاث مراحل لتدارك أثر انخفاض قيمة الجنيه وتأمين عمليات الإنتاج والإمداد. 

وجاءت هذه السياسات ردًا على الضغوط الخارجية: انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار وارتفاع كلفة الاستيراد من أسيا، والتكاليف الإضافية للشحن بسبب تعطل قناة السويس . 

 

ارتفاع الأسعار

 

كانت تقارير اقتصادية قد كشفت أن السوق الدوائي في مصر عاود النمو بقوة في عام 2025، مدفوعًا بارتفاع الأسعار، وليس بزيادة الكميات المستهلكة. 

وأكدت البيانات أن إنفاق المصريين على الأدوية خلال النصف الأول من عام 2025 بلغ نحو 140 مليار جنيه، وهو رقم كبير يعكس حجم المعاناة الاقتصادية. 

فى هذا السياق كشفت "بيزنس توداي مصر" ان مبيعات القطاع الدوائي سجلت في الربع الأول من عام 2025 نحو 96 مليار جنيه، بنمو قياسي بلغ 57 % مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، في حين ارتفع حجم الوحدات المباعة بنسبة طفيفة (حوالي 6 %) . 

وقالت "بيزنس توداي مصر" إذا افترضنا أن الربع الثاني شهد أداءً قريبًا من الربع الأول، ومع استمرار الضغوط التضخمية والزيادات الحتمية، فإن إجمالي الإنفاق في النصف الأول من 2025 يُقدَّر بحوالي 140 مليار جنيه وذلك كنتيجة رئيسية للارتفاعات السعرية وليس لانفجار في الاستهلاك. 

 

الشركات الكبرى

 

وأكدت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 60 % من مصروفات الرعاية الصحية فى مصر يعتمد على النقود بشكل مباشر ، أي أن جزءًا كبيرًا من المستهلكين يدفع مباشرة من دخله دون تغطية تأمينية. 

وقالت المنظمة : هذا النموذج دفع الأسرة المصرية إلى دفع المزيد رغم ثبات أو انخفاض حجم الاستخدام، حتى مع تراجع القدرة الشرائية في ظل تضخم يتجاوز 28 % في 2024، و18 % متوقعة في 2025. 

وأشارت إلى أن عددا محدودا من شركات التوزيع الكبرى تسيطر على أكثر من 30 % من السوق، وهو ما يعزز سلطة التسعير ويحجب المنافسة الحقيقية  مؤكدة أن هذا الوضع سمح للشركات بتحميل التكاليف بالكامل على المستهلكين، حتى إن بعض الأدوية أصبحت تُباع بأسعار أكبر بكثير من قدرتها الإنتاجية. 

وأوضحت المنظمة أنه فى المقابل، تباطأت صادرات الدواء بسبب التركيز على السوق المحلي، وتقلصت الواردات الطبية بنحو 14 % في عام 2024، واستقرت نسبيًا في 2025 عند نحو 3 مليارات دولار . 

وشددت على أن ارتفاع الإنفاق الدوائي أثقل كاهل الأسر، خاصة الفقيرة التي تدفع من دخلها المحدود لشراء الأدوية الضرورية مؤكدة أن بعض المرضى اضطروا لتقليل تناولهم للأدوية أو البحث عن بدائل أرخص وهذا خطر على أصحاب الأمراض المزمنة. 

 

أنسولين والدتي

 

حول ارتفاع أسعار الأدوية قالت هدى عبد اللطيف، موظفة من شبرا، 42 سنة، تعول والدتها المريضة بالسكر والضغط: الدواء بقى أغلى من الأكل.

وأضافت هدى عبداللطيف : أنسولين والدتي ارتفع من 140 إلى 280جنيها والصيدلي بيقولي مفيش تأمين بيوفره دلوقتي، والبديل لازم تدفعي كاش… مين يقدر؟  

 

وقال محمود عبد الجواد، عامل يومية من أطفيح : عندي حصوة في الكلى، الدكتور كتبلي علاج ب400 جنيه. عملت الأشعة ومشيت، ومشيت من غير علاج. بندفع كشف، وبنبطل علاج!  

 

فيما قالت سعاد متولي، ربة منزل من المنوفية: ابني عنده صرع… العلبة اللي كنت بجيبها بـ90 جنيه، دلوقتي بـ190، ومش بلاقيها في كل الصيدليات. يعني ممكن الولد يدخل في نوبة وأنا مش لاقية العلاج!  

 

مضاعفات خطيرة

 

وأكد الدكتور أحمد فؤاد، استشاري أمراض الباطنة في مستشفى القصر العيني أن نسبة كبيرة من المرضى تتوقف عن شراء الدواء بعد أول كشف مشيرا إلى أن نصف المرضى لا يكملون العلاج.

وقال فؤاد فى تصريحات صحفية : بنواجه يوميًا حالات بيكون فيها المريض عارف العلاج، لكنه مش قادر عليه، وده بيؤدي لمضاعفات خطيرة.  

وأشار إلى أن الصيادلة كذلك يشتكون من زبائن بيرجعوا الأدوية أو بياخدوا نصف الشريط فقط مشددا على اننا الان بنمشي على حد سكين اسمه الفقر.