رغم دورها في الأمن الغذائي… مصانع الألبان الصغيرة مُهددةٌ بالتوقف عن العمل

- ‎فيتقارير

 

تواجه مصانع الألبان الصغيرة تحديات ضخمة في زمن الانقلاب تهدد بتوقفها عن الإنتاج وخروجها من السوق وتسريح العمالة، ورغم أهمية هذه المصانع في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل ومصادر الرزق، إلا أنها لا تحظى بأي دعم من حكومة الانقلاب في الوقت الذي يعلن فيه كامل الوزير وزير النقل والصناعة الانقلابي عن خطط لمساعدة الشركات والمصانع المتعثرة وإعادتها إلى العمل، وهو ما يؤكد أن هذه التصريحات مجرد شو إعلامي ولا وجود لها على أرض الواقع، حيث هناك أكثر من 70 ألف مصنع متعثر في محافظات الجمهورية لم تمتد لأي منها يد المساعدة .

 

التموّيل والتدرّيب

 

حول هذه الأزمة قال سعد حسن صالح، المتحدث الرسمي لجمعية رعاية العاملين بالصناعات الغذائية بكفرالشيخ : هناك مشكلات وتحديات كثيرة تواجه مصانع الألبان الصغيرة منها صعوبة الحصول على التمويل اللازم لتحديث المعدات أو تحسين خطوط الإنتاج ، كما تفتقر إلى التدريب والدعم الفني في مجالات الجودة والتسويق ونظام الإدارة الحديث ولجوء المصانع الكبرى إلى الاحتكار، وهو ما يحرم المصانع الصغيرة من القدرة على المنافسة، كما أنها تعانى أيضا من ضعف القدرة التسويقية.

وأكد صالح في تصريحات صحفية أن صناعة الألبان تعد من أهم الصناعات الغذائية في العالم، إذ تمثل مصدراً رئيسياً لتوفير منتجات أساسية كالجبنة والزبدة والزبادي ، معربا عن أسفه لأن المصانع الصغيرة التقليدية العاملة في هذا القطاع يقابلها تحديات تهدد استمراريتها وقدرتها على المنافسة في ظل هيمنة المصانع الكبرى وتقلبات السوق المستمرة .

 

التغيرات الاقتصادية

 

وأوضح أن طبيعة المصانع الصغيرة التقليدية تعتمد في الإنتاج على طرق محدودة الإمكانيات، وغالباً تستخدم معدات بسيطة وتقنيات تقليدية في صناعة أنواع متعددة من منتجات الألبان ، ورغم ما تمتاز به منتجاتها من جودة طبيعية وطابع محلي محبب للمستهلك، إلا أن ضعف البنية الإنتاجية والمالية يجعلها عرضة للتأثر بالتغيرات الاقتصادية والظروف السوقية .

وأشار صالح إلى أن أبرز أنواع التحديات تمثلت في تقلب أسعار الألبان الخام، وبالتالي تأثر المصانع الصغيرة بشكل مباشر بتذبذب أسعار الألبان الخام في السوق ، حيث لا تمتلك القدرة على توقيع عقود طويلة الأمد مع المورّدين أو المزارعين، وعندما ترتفع الأسعار تجد نفسها عاجزة عن المنافسة مع المصانع الكبيرة التي تشتري كميات ضخمة بأسعار كبيرة .

 

المصانع الكبرى

 

وأضاف : منافسة المصانع الكبرى بما تمتلك من قدرات مالية وتسويقية ضخمة تتيح لها السيطرة على مصادر الألبان الخام، وتقديم عروض مغرية للمزارعين يؤدي إلى حرمان المصانع الصغيرة من الحصول على اللبن بجودة وسعر مناسبين ، مما يقلل من قدرتها الإنتاجية ويؤثر على استقرارها .

وكشف صالح أن المشكلة الأكبر في هذه الصناعة هي نقص الدعم والتمويل ، حيث تعاني أغلب هذه المصانع من صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لتحديث المعدات أو تحسين خطوط الإنتاج ، كما تفتقر إلى التدريب والدعم الفني في مجالات الجودة والتسويق ونظام الإدارة الحديث .

ولفت إلى أنه رغم أن التدريب والدعم الفني يمثل الدور المهم لغرفة الصناعات الغذائية ، إلا أن هناك مصانع كثيرة لا تعرف هذا الدور، وبالتالي يجب توضيح دور الغرفة والتواصل الدائم مع هذه المصانع، والعمل على تطويرها وتقدمها وتقديم كل سبل الدعم والمتابعة .

 

القدرة التسويقية

 

وأكد صالح أن المصانع الصغيرة تعاني أيضا من ضعف القدرة التسويقية؛ لأنها تعتمد غالباً على البيع في نطاق محلي محدود يعتمد على المعارف والتجار المعروفين فقط، ولا تمتلك قنوات توزيع قوية أو إستراتيجيات تسويق فعاله ، وبالتالي تجد صعوبة في منافسة المصانع الكبرى التي تنتشر في الأسواق المحلية والإقليمية .

وأشار إلى أن هناك أيضا عامل تقلب السوق الموسمي ، حيث تختلف معدلات الاستهلاك من منتجات الألبان بين فصول السنة، وهو ما يؤدي إلى تقلبات في الطلب، ومع ضعف قدرات التخزين والتبريد تجد المصانع الصغيرة نفسها مضطرة أحياناً كثيرة إلى البيع بأسعار أقل من التكلفة، لتجنب تلف البضائع أو الخروج من مدة الصلاحية أو عدم القدرة على سداد ثمن المادة الخام لعدم توافر التمويل المناسب .

 

فرص عمل

 

وحذر صالح من أن هذه الأوضاع والتحديات ستؤدي إلى كوارث اقتصادية واجتماعية؛ لأن تراجع أداء المصانع الصغيرة يؤدي إلى فقدان فرص عمل كثيرة في المناطق الرئيسية، كما يضعف من تنوّع السوق المحلي، ويحد من قدرة المستهلك على الوصول إلى منتجات طبيعية ذات جودة عالية ، وكذلك يؤدي احتكار المصانع الكبرى لمصادر الألبان إلى اختلال في توازن الأسعار والإضرار بعدالة التوزيع بين المنتجين والمستهلكين .

وطالب حكومة الانقلاب بأن تكون هناك سبل لدعم وتطوير المصانع الصغيرة، تتمثل في توفير دعم حكومي وتمويلي، لتحديث خطوط الإنتاج، وتحسين جودة المنتجات ، وتفعيل التعاونيات بين المزارعين والمصانع الصغيرة، لتأمين إمدادات مستقرة في اللبن الخام.

وشدد صالح على ضرورة تدريب الكوادر الفنية والإدارية على أساليب الإنتاج الحديثة وإدارة الجودة ، وتشجيع المبادرات المحلية في التسويق والتوزيع، وربط هذه المصانع بالأسواق الإلكترونية .

 

الأمن الغذائي

 

وأشار إلى ضرورة التفاعل بين غرفة الصناعات الغذائية والمصانع الصغيرة ، موضحا أن غرفة الصناعات الغذائية لها دور كبير جداً في تطوير وتقديم الدعم للمصانع الصغيرة، وهناك شعبة داخل الغرفة، منتخبة من المُصنّعين دورها الأساسي الحفاظ على هذه الصناعة ، ويجب إلقاء الضوء على مسئوليتها تجاه المصانع الصغيرة، وتفعيل دورها في ذلك . 

وأكد صالح أن المصانع الصغيرة التقليدية لصناعة الألبان، تعتبر جزءاً أصيلاً من النسيج الاقتصادي والغذائي في كثير من الدول ، ولنجاح هذه الصناعات يتطلب الأمر وضع سياسات واضحة لدعمها وحلولاً عملية لمواجهة تقلبات السوق وتفادي أعطال الإنتاج، والمنافسة غير المتكافئة مع المصانع الكبرى .

وقال: إن "دعم هذه المنشآت الصغيرة يعني دعم الأمن الغذائي الوطني والحفاظ على صناعة ذات تراث صناعي وغذائي محلي ، مع أهمية فتح الأسواق الخارجية للمنتجات الخاصة بالمصانع الصغيرة ، ما يساهم في توافر العملة الصعبة واستمرارية نشاط المصانع التقليدية باعتبارها هامة وضرورية لانتشارها في محافظات البحيرة وكفرالشيخ ".