من هرتلة إلى حوارات ساذجة .. ب 5 أنماط مكررة: السيسي يهرب بتحميل المصريين خرابه

- ‎فيتقارير

 

يعد وصف خطاب السفيه عبد الفتاح السيسي بـ "الهرتلة" هو في الواقع تجميع للعديد من السمات ومنها؛ "الخطاب الأبوي المفرط"، و"فرط التبرير وتشتيت المسؤولية"، و"عدم الاتساق في الأرقام والرؤى" تراكمت فجعلت خطابه تكرار لما سبق وإنهاء لوعود قطعها على نفسها والانتقال في المجمل إلى حالة أشبه بمتعاطي الترامادول، كما فسر لنا ذلك رئيس المخابرات السابق ومدير مكتب السيسي عباس كامل.

ومن هذه الوعود وحوار الانتقالات رصد غسان ياسين  @ghassanyasin بعضها متدرجا من سنة 2013 وحتى 2025:

2013 لن أترشح للرئاسة

2014 لازم أغني الناس

2015 اصبرو سنتين وحاسبوني

2016 اصبرو عليّ 6 شهور بس

2017 اصبروا وهتشوفوا العجب العجاب

2018 هتشوفوا دولة تانية في 2020

2019 لم أعدكم بالسمن والعسل

2019 البلد كشفت ضهرها وأنا أسف عرت كتفها

2020 لا أبيع لكم الوهم

2021 كنت دائما صادق وأمين معكم

2022 إحنا فقرا أوي البلد دي مش لاقيه تأكل

2023 أنا هاسيب معاكم أكتر من الفلوس هاسيب معاكم البركة هاسيب معاكم البركة

 2023 بشريط ترمادول وألف جنيه وباكت بانجو  أهد الدولة

2024والله العظيم أنا ملقتش بلد أنا لاقيت أي حاجة قالوا لي خد دي.

2025  على المصريين تسديد ديون مصر

التناقض وتغيير الأرقام  (Lack of Consistency)

الهرتلة في هذا السياق تعني التضارب والخلط في المعلومات والأرقام بين خطاب وآخر، أو حتى ضمن الخطاب نفسه فتارة الثورة كلفت مصر 400 مليار جنيه ومرة أخرى 400 مليار دولار وثالثة 450 مليار دولار فضلا عن تباين الأرقام المطلوبة لإنعاش الاقتصاد (تارة 2 تريليون دولار، وتارة 1 تريليون دولار)، هذا التذبذب يُنظر إليه على أنه كلام غير دقيق أو غير مدروس وهو أيضا مثار اعتراف السيسي أنه لو أعتمد على دراسات الجدوى ما نفذ 25% من "الإنجازات" المبهرة.

ولدى الجمهور يحدث ذلك تأثيرا سلبيا حيث يقلل من مصداقية الأرقام الرسمية ويثير الشك في جدية أو دقة التخطيط الاقتصادي،  بسبب أرقامه ومعلوماته غير المتسقة وافتقار التركيز على موضوع واحد وإلقاء المسؤولية على الشعب "أنتوا يا مسريين" كما يلجأ للمبالغة العاطفية أو الدينية بدلاً من الحقائق والشفافية "أقول لربنا إيه لو أنا جوعت غزة"؟! واستعنا ب(AI) في توصيف علمي لذلك وكان كالتالي:

انعدام الشفافية والوضوح (Lack of Clarity and Specificity)

ومن النقد الأساسي ل"الهرتلة" هو غياب الوضوح في المعلومات الدقيقة واعتماد لغة عامة أو "ارتجالية"، وأشار خبراء إعلاميون (القدس العربي، 2015) إلى أن السيسي لطالما وبّخ إعلاميين انتقدوه وطالب الإعلام "بتثقيف الشعب وكشف الحقائق وليس مجرد التركيز على السلبيات فقط"، مما يعكس حساسية تجاه النقد المباشر ويجعل الخطاب الرسمي يميل إلى تسويق الإيجابيات والمشاريع دون الخوض في تفاصيل التحديات الاقتصادية الحرجة.

وقال "المرصد العربي لحرية الإعلام" في تقرير في 2023 : إن "الإعلام المصري قد تحول إلى إعلام دعائي غير قادر على تمثيل المجتمع ونقل وجهات النظر المتعددة، مما يجعل خطاب السيسي هو "الصوت الواحد" الذي لا يخضع للنقاش العام الحقيقي".

الابتعاد عن الموضوع الرئيسي (Rambling and Digression)

ويشير المصطلح إلى ميل الخطاب إلى الاستطراد والخروج عن النص في مواضيع متعددة دون ترابط منطقي واضح أو الوصول إلى حلول عملية ومحددة.

ومن أمثلة ذلك؛ الانتقال المفاجئ من الحديث عن الديون إلى انتقاد دراما الثراء، ثم إلى الحديث عن الإنجاب، ثم العودة للحديث عن مشاريع عملاقة (كالمدينة الإعلامية).

أما التأثير السلبي فهو يُفقد الخطاب تركيزه، ويصعب على المستمع استخلاص رؤية واضحة أو استراتيجية عمل محددة، مما يجعله يبدو كـ "ثرثرة" أو "كلام غير مفيد".

تبرير الفشل وتحميل المسؤولية (Blame-Shifting)

تُستخدم "الهرتلة" لوصف محاولات إلقاء اللوم على عوامل خارجية أو على المواطن نفسه (تحميله مسؤولية الفقر أو الإنجاب)، بدلاً من الاعتراف الصريح بوجود فشل إداري أو سياسي.

ومن أمثلة ذلك؛ التركيز على أن إلغاء الدعم هو الحل الوحيد للديون، وربط الفقر بنقص "الوعي المجتمعي" أو كثرة الإنجاب، بدلاً من مناقشة آليات زيادة الإنتاج أو مكافحة الفساد.

أما التأثير السلبي ففيه يرى المواطن أن الخطاب لا يقدم حلولًا حكومية، بل يطلب منه المزيد من التضحية والصبر مقابل كلام غير متماسك.

 

يعتبر كثير من المحللين أن الخطاب يركز بشكل كبير على تبرير المواقف والقرارات (خاصة الاقتصادية والسياسية) التي قد تبدو صعبة أو غير شعبية.

وقال المحلل السياسي سامح راشد: إن "السيسي في خطاباته المبكرة بدا كأنه يشعر أنه متهم بإزاحة رئيس سابق، ويسعى إلى تبرير ما قام به وكأنه يريد إثبات براءته، وهو ما يجعله يفرط في التوضيح والتكرار".

ولاحظ بعض المعلقين تطور مراحل خطاب السيسي في تبرير الأزمات الاقتصادية: "الإرهاب هو السبب… الإعلام هو السبب… الشعب هو السبب… الحروب هي السبب… السبب هو أي حاجة وأي حد ما عدا أنا." هذا النمط هو جوهر ما يُطلق عليه "تحميل المسؤولية" أو "الهرتلة"، بحسب تقرير لقناة "العالم" الإيرانية.

 

توظيف الجانب العاطفي والديني (Emotional and Religious Appeal)

يشمل المصطلح أيضاً الانتقاد اللاذع لاستخدام الحديث العاطفي المفرط أو الربط بالتأييد الإلهي لتبرير الإنجازات أو القرارات وهو ما وصفه الشيخ حازم صلام إبو إسماعيل مبكرا ب"الممثل العاطفي".
 

ومن أمثلة ذلك أخيرا "والله العظيم أنا الوحيد اللي عارف إن إيد ربنا معايا" و"أنا معايا البركة..أنا هديك البركة" و….

ويُنظر إلى هذا النوع من الخطاب على أنه محاولة لتفادي النقد أو المساءلة المنطقية والمهنية، واللجوء إلى الترهيب العاطفي أو الديني.

وتتفق العديد من التحليلات على أن الخطاب الذي يوظفه  السيسي يميل إلى استخدام لغة "الأب" الذي يعاتب ويحفز ويوجه أبناءه (الشعب).

وأشار خبير نفسي (في تحليل مبكر للجزيرة نت عام 2013) إلى أن الخطاب يميل إلى الخطاب الأبوي بامتياز، وغالباً ما يكون خاليًا من طرح رؤية مستقبلية واضحة، ويعتمد على استرجاع الأحداث الماضية للتبرير.

 

كما أشار إلى أن السيسي يلجأ الخطاب إلى الإيماءات العاطفية المباشرة لكسب القلوب، والحديث عن التضحية والقسوة الضرورية لعبور الأزمة، مما يضع المسؤولية المعنوية على المتلقي.

 

لغة الجسد والتعبير غير اللفظي

وتناولت بعض التحليلات على الجانب غير اللفظي الذي يعزز الانطباع بأن الخطاب غير مريح أو مرتبك أحيانًا إضافة لامتلائه بالتعابير العسكرية: لاحظ محللو لغة الجسد (قناة ممكن، 2014) استخدام حركات يدين "عسكرية" (ضم الأصابع، الحركة للداخل)، وطلب من الجمهور "اصبر واسمعني"، مما يرسل رسالة قيادة وتوجيه صارمة بدلاً من المشاركة والحوار المفتوح.