4 متغيرات بعد الانقلاب.. الضربة التي قوت ظهر الأتراك

- ‎فيعربي ودولي

كتب- أحمدي البنهاوي:

 

في تركيا اليوم استمع المواطنون إلى تكبيرات العيد تنطلق من مآذن المساجد قبل صلاة الجمعة؛ احتفاء بذكرى النصر على الانقلاب، وغطت أعلام تركيا الشوارع، وهو تعبير عن أحد متغيرات أربعة رآها "المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية" في دراسة للباحث الفلسطيني د.سعيد الحاج، عنوانها "تركيا: ماذا تغير بعد عام من الانقلاب؟".

 

حيث اعتبر "الحاج" أن المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تمت في 15 يوليو 2016، أحد المنعطفات التاريخية، التي لا تعود البلاد بعدها إلى ما كانت عليه قبلها.

وهو ما رآه موازيا للتغيرات التي كانت ستطرأ على تركيا إذا نجح الانقلاب في تغيير صورتها ومكانتها ومستقبلها لسنوات طويلة مقبلة، إلا أن فشل الانقلاب غير تركيا "بشكل شبه جذري على أربعة مستويات على الأقل".

 

الوعي الشعبي

 

واستعرض سعيد الحاج ما قاله البرلماني التركي البروفيسور ياسين أقطاي من أن أحد أهم أسباب فشل الانقلاب العام الفائت هو ارتفاع مستوى وعي الشعب التركي، الذي كان ضعيفاً وعاجزاً في الانقلابات السابقة"، وزاد على ذلك بقوله: إنها "رفعت من مستوى الوعي الشعبي أضعافاً مضاعفة".

 

وأضاف أن "الانقلابات ليست قدراً مقدوراً بل يمكن دفعها وإفشالها إن صدقت النوايا وحسن العمل"، مع التضحيات التي وصلت ل249 شهيدا من أبنائه الذين تمكنوا من حماية التجربة الديمقراطية والحكومة المنتخبة من الانقلابات.

 

القرار التركي 

أما المكسب الثاني فكان برأيه "تركيا المبادِرة"، التي حولت مسارها في السياسة الخارجية من التحفظ والبطء والبيروقراطية إلى تركيا جديدة ومبادِرة وسريعة في قراراتها ومواقفها.

 

موضحًا أنه رغم آثار الانقلاب الفاشل العميقة، شرعت في عملية "درع الفرات" في سوريا بعد شهر ونصف فقط من الانقلاب، كما تصرفت بسرعة ومبادرة في الأزمة الخليجية بتسريع تصويت البرلمان على إرسال جنود أتراك إلى قطر.

وتعد العدة حالياً لعملية محتملة في عفرين شمال سوريا تحت اسم "سيف الفرات".

 

استقرار نسبي

 

ورأى الحاج تحت عنوان "إغلاق باب الانقلابات" أنه مع فشل المحاولة وانتصار الشعب وازياد وعيه وفخره بما صنع، لا يمكن توقع حدوث انقلاب عسكري بسهولة في تركيا. سيكون على من يفكر بذلك أن يعيد التفكير ألف مرة، لأن أي انقلاب عسكري قادم -لا قدر الله -سيواجه الشعب قولاً واحداً، حتى ولو تم واستتب له الأمر كما سابقيه (فضلاً عن دور المؤسسات الأخرى أيضاً)، ذلك أن تاريخاً جديداً قد كـُتب وَجَبَّ ما قبله. لا أقول إن باب الانقلابات قد أوصد تماماً في تركيا، لكن الأمر بات أصعب بكثير، سيما على المدى القصير ووفق الظروف الحالية.

 

التمسك بالمؤسسات ورفض الانقلابات

 

وأشار د.سعيد الحاج إلى أن الاستقرار السياسي الذي عاشته تركيا في عهد العدالة والتنمية وكل ما تم من إنجازات سياسية واقتصادية وإنمائية وإصلاحية أضفت الكثير للوعي الجمعي للشعب التركي وتمسكه بتجربته الفتية.

وأضاف أن إفشال المحاولة الانقلابية لعله أفاد التجربة الديمقراطية من خلال التمسك بالمؤسسات المنتخبة ورفض الوصاية العسكرية من جهة، كما زاد أيضاً من خلال تبعاته وانعكاساته الكثيرة من تطويع مختلف المؤسسات -سيما العسكرية -للحكومة المدنية المنتخبة وهذا بحد ذاته مكسب كبير جداً.

 

ونبه إلى أن التجارب الديمقراطية الراسخة في الغرب هي نتاج فترة زمنية طويلة تخللتها أحداث مفصلية كثيرة من بينها حروب أهلية ودينية وصراعات بينية وثورات وثورات مضادة، واليوم يبدو أن الانقلاب الفاشل في تركيا أضحى محطة بارزة في تاريخها الحديث يفترض أن تضيف لمسيرتها الديمقراطية إذا ما اتخذت القرارات السليمة في الأوقات الصحيحة.