شارك جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي اليوم السبت 28 أبريل 2018، في الندوة التثقيفية الثامنة والعشرين للقوات المسلحة، التي نظمتها إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لتحرير سيناء.
وفي التقرير التالي نرصد أبرز الملاحظات على وقائع الندوة وما دار فيها من أحداث. أهما استبعاد الجنرال للخطر الصهيوني كتحدي خطير على مصر، ثم جلوس الجنرال بشكل دائم بين الجالسين دون تصدر المنصة عند الكلام. وكذلك صفقة القرن واستخدام توصيفات دينية لا علاقة لها بدولة القانون أو الدستور.
استبعاد الخطر الصهيوني
أولى الملاحظات هي استبعاد الجنرال خطر “الصهاينة” حيث صرح بأن «التحدى الأهم أمام مصر هو تحدى داخلى وليس خارجى ويتمثل فى الحفاظ على تماسك الدولة المصرية ووحدة شعبها». ورغم صحة هذا الكلام في محتواه واختلافنا مع الجنرالات في تفسيره< فمصر فعلا تتعرض لاخطر محنة داخلية في تاريخها الحديث من خلال سيطرة كبار الجنرالات الفسدة عملاء أمريكا على المؤسسة العسكرية ومصر كلها وتوجيه كل السياسات لضمان حماية أمن “إسرائيل” وحماية المصالح الأمريكية. ووأد أي تجربة ديمقراطية تفضي إلى حكم حقيقي للشعب كما جرى في انقلاب 3 يوليو 2013؛ لكن ذلك لا يمكن أن يؤدي إلى استبعاد خطر الكيان الصهيوني فمن أجله تضغط الإدارات الأمريكية المتعاقبة من أجل تكريس الحكم العسكري الموالي لإسرائيل.
يعزز من هذا إشادة الجنرال اليوم بموقف الرئيس الأسبق أنور السادات واتخاذه ما وصفه بقرار (السلام!) مع “إسرائيل”.
لغز إنهاء العمليات في سيناء
الملاحظة الثانية أن الجنرال أقر بصعوبة الأوضاع في سيناء، وبصعوبة ما يعانيه أهالي سيناء، لكنه تعهد بإنهاء العملية العسكرية التي تقوم بها قواته بالتعاون مع الشرطة في سيناء منذ فبراير الماضي “في أسرع وقت ممكن”.
ولم يحدد الجنرال وقتها محددا لانتهاء العمليات وفضل أن يجعل الأمر مفتوحا أمام تطورات المشهد للاستفادة سياسيا من هذه العمليات والتي جاءت تزامنا مع مسرحية الرئاسة لتحقيق عدة مكاسب منها إشغال الرأي العام، والتغطية على فضيحة المسرحية، وحماية خط الغاز بعد الاتفاق على استيراد كميات هائلة من الغاز من الصهاينة لمدة 15 عاما بقيمة “10” مليارات دولار، كما أن العمليات تحقق مكاسب لعصابات ومافيا داخل النظام تسترزق من هذه الأوضاع الفوضوية بما يحقق مصالح الصهاينة وإجبار المواطنين على الهجرة حتى تخلو سيناء من سكانها فتكون لقمة سائعة للاحتلال وتسهيل إقامة مشروعات البزس العسكري مع الصهاينة والسعوديين من جهة ثانية.
ويشن الجيش عملية عسكرية واسعة في سيناء بدأها في التاسع من فبراير الماضي أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من مئة من المسلحين والأهالي ونحو 30 عسكريا، بحسب إحصاءات الجيش.
جلسة الجنرال
الملاحظة الثالثة، وهي دائمة في لقاءات الجنرال؛ حيث يفضل الجلوس على كرسي يتوسط الحاضرين في الصف الأول دون الصعود إلى المنصة؛ وربما يعكس ذلك مخاوف الجنرال من القتل أو الاغتيال. وحرصه الشديد على أن يكون بين الجالسين وليس متفردا بالوقوف فوق منصة.
أهل الشر!
الملاحظة الرابعة، أن الجنرال كعادته استخدم عبارة “أهل الشر” كوصف للمسلحين في سيناء، وهو وصف «ديني» بحت يؤكد التوظيف السياسي للدين في تحقيق مصالح النظام. الأمر الثاني أن هذا التوصيف يخالف مفاهيم دولة القانون فالأدق مثلا استخدام عبارة “الخارجين عن القانون” مثلا كتعبير سياسي وقانوني دقيق بدلا من الوصف الفضفاض الذي لا يمكن تحديد معالمه وحدوده وضوابطه في أطر قانونية.
هذه اللاحظة تسحبنا إلى استخدام الأبواق الإعلامية وحتى بيانات المتحدث العسكري ووزارة الداخلية بحكومة العسكر توصيف “التكفيريين” باستمرار، وهو أيضا توصيف “ديني” غير قانوني أو دستوري ؛ ذلك أن القانون لو كان يعاقب على أساس التكفير؛ فالإسلام لا يرى أهل الكتاب مؤمنين، وكذلك لا ترى الكنيسة في المسلمين مؤمنين بالمفهوم الديني لمعنى الإيمان والكفر عند كليهما. فهل يعني ذلك ضرورة عقابهم على ذلك؟! تلك اختلافات اعتقادية قائمة يجب التعامل معها دون أن تكون حائلا على التعايش المشترك داخل الوطن الوحد بين أصحاب الديانات المختلفة.
إشارة إلى صفقة القرن
الملاحظة الخامسة، هي كلمة أحمد أبو الغيط الأمين العام لما يسمى بالجامعة العربية، حيث كشف عن مساعٍ خارجية سابقة تكررت على مدار أربع سنوات، لمبادلة أراضٍ مع بلاده (لم يحدد تفاصيلها، أو الجهات الطالبة)، مشدداً على أن “سيناء ستبقى أرضاً مصرية لكل أبناء مصر، ولن ينزل عنها العلم المصري إلى أبد الدهر”.
وقال أبو الغيط، في كلمة له على هامش الندوة إن هناك “بعض الأوهام التي صدرت ابتداءً من العام 2003 حتى العام 2009″، وحضرها بوصفه وزيراً للخارجية (2004- 2011)، عن “طلب تبادل الأراضي المصرية”، من دون أن يسمي الجهات الطالبة، أو يذكر تفاصيل أكثر.
وظهر مصطلح “صفقة القرن” في الثالث من إبريل 2017، أثناء لقاء السيسي نظيره الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، حين ذكر الجنرهال أنه سيكون داعماً وبشدة جهودَ الأخير في تحقيق “صفقة القرن”، من أجل إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية، وهي الصفقة التي تتضمن إنشاء وطن بديل للفلسطينيين يمتد من قطاع غزة إلى سيناء، مقابل حصول مصر على 200 كيلومتر مربع في صحراء النقب!.
