تركيا تدافع عن المسلمين والإمارات تنحاز لماكرون ضد الإسلام.. الشواهد والدلائل

- ‎فيتقارير

بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على قناة الجزيرة مساء السبت 31 أكتوبر 2020م، وتبرير موقفه المشين من الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه دفاع عن حرية الرأي والتعبير وفق القانون العلماني الفرنسي وليس بالضرورة موافقة  على مضامين هذه الرسوم الساخرة؛  انتهز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الفرصة وطالب بمكافحة معاداة الإسلام على غرار مكافحة معاداة السامية في أعقاب المحرقة النازية "الهولوكوست". بينما دعا وزير الخارجية الإماراتي المسلمين في فرنسا والغرب عموما إلى مزيد من الاندماج في المجتمعات الأوروبية معلنا انحياز بلاده إلى المواقف الفرنسية وهو ما يمثل دعوة للمسلمين إلى التخلي عن دينهم تحت لافتة "الاندماج" وهي عبارة مطاطة توظفها الحكومات الأوربية المتطرفة لحصار الإسلام والمسلمين  في ظل التقارير التي تؤكد أن الإسلام هو الدين الأكثر انتشار في أوروبا في ظل تآكل النصرانية أمام تفشي الإلحاد بين رعايا الكنيسة في أوروبا.

وفي مؤتمر جرى عقده حول الإبادة الجماعية التي وقعت في مدينة "سربرنیتسا" البوسنوية والتي قتل فيها نحو 8 آلاف مسلم على يد القوات الصربية، دعا الرئيس التركي إلى مكافحة معاداة الإسلام على غرار مكافحة معاداة  السامية؛ وأبدى أردوغان أسفه لأن المسلمين يتعرضون لتمييز ممنهج، ويتم انتزاع حقوقهم وحرياتهم. داعيا إلى وقف هذا المسار الخاطئ نظرا لتهديده مستقبل البشرية وثقافة التعايش بين المعتقدات".

يشار  إلى أن هذه الإبادة الجماعية التي جرت في مدينة "سربرنیتسا" البوسنوية وقعت في يوليو 1995م، بعدما احتلت القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش المدينة، وذلك بعدما قامت القوات الهولندية، التي كانت مشاركة ضمن قوات أممية، بإعادة تسليمهم للقوات الصربية التي ارتكبت المذبحة الوحشية.

وأضاف الرئيس التركي أنه رغم مرور ربع قرن على هذه الإبادة الجماعية للمسلمين فإن مطالب العدالة لهؤلاء الضحايا لم تتحقق بشكل كامل، ولم ينل معظم مرتكبي الإبادة العقوبة التي يستحقونها". لكن الأسوأ ــ بحسب أردوغان ــ أن الإنسانية، وخاصة الشخصيات السياسية ووسائل الإعلام الأوربية، لم تستخلص الدروس اللازمة من الإبادة الجماعية في سربرنیتسا، مستشهدا بالمذابح التي تحدث حاليا للمسلمين في سوريا وحتى اليمن وأراكان ونيوزيلندا، ولا تزال المنظمات الدولية التي راقبت الإبادة الجماعية في سربرنیتسا بعجز، تكتفي أيضًا بمراقبة الظلم الممارس في السنوات الأخيرة بنفس العجز.

موقف مشين للحكومات العربية

ومن دواعي الأسف أن الحكومات العربية هي من تسعى إلى تهدئة الشعوب الإسلامية في غضبتها دفاعا عن الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم بدءا من قناة الجزيرة التي أجرت الحوار مع ماكرون دون أن تحاصره بالحقائق المرة والعنصرية الفرنسية البغيضة ضد الإسلام والمسلمين، ونهاية بمواقف الإمارات التي تطرفت حد التطابق مع أفكار وأطروحات ماكرون سواء حول العلمانية أو حتى اتهام حول  الإرهاب باعتباره مشكلة "إسلامية" رغم أن الإرهاب مورس ولايزال يمارس حتى اليوم على نطاق واسع من أتابع للنصرانية والبوذية واليهودية وغيرها؛ أليس ما تقوم به "إسرائيل" اليوم من احتلال لأرض الغير وسفك دمائهم أبشع صورة من صور الإرهاب؟!

خرج وزير  الخارجية الإماراتي أنور قرقاش ليلعن انحياز بلاده إلى رؤى وتصورات ماكرون ومدافعا عن المواقف الفرنسية ضد الإسلام والمسلمين، وفي مقابلة مع صحيفة "دي فيلت الألمانيّة" الإثنين، يقول قرقاش: «يجب الاستماع إلى ما قاله ماكرون فعلاً في خطابه. هو لا يريد عزل المسلمين في الغرب، وهو محقّ تماماً». وطالب قرقاش المسلمين  بالاندماج بشكل أفضل (وهي عبارة منمقة تساوي عبارة "الردة"،  مدعيا أنّه من حقّ الدولة الفرنسية البحث عن طرق لتحقيق ذلك بالتوازي مع مكافحة التطرّف والانغلاق المجتمعي".

أكذوبة الدفاع عن الحرية

وفي حوار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع قناة الجزيرة مساء السبت 31 أكتوبر 2020م برر موقفه ومواقف حكومته المشينة ضد المسلمين بأن القانون الفرنسي "العلماني" يمنح حرية الرأي والتعبير قداسة كبيرة مدعيا أن هذا القانون يكفل  حرية المعتقد والضمير وحرية التعبير. وأن أي صحفي يمكن أن يعبر عن رأيه بحرية عن أي كان حتى رئيس الجمهورية، وأن حرية التعبير تعني الرسم والرسم الساخر أو الكاريكاتير، ومن بينها صحيفة "شارك إيبدو" التي سخرت من المسيحيين واليهود والحاخامات.. واليوم هم يرسمون عن الإسلام ونبيه". وأنه يدافع عن هذه الحقوق والحريات وليس بالضرورة عما تتضمنه هذه الصحف والرسوم من أفكار ومواقف.

الحقائق على الأرض تؤكد أن الرئيس الفرنسي يمارس الكذب والتدليس من أجل تبرير حربهم القذرة على  الإسلام والمسلمين وعلى حرية الرأي والاعتقاد؛ فلماذا يمنع الحجاب في فرنسا على المسلمات وهو من فرائض الإسلام؟ ولماذا تحرم المحجبة من العمل في المصالح الحكومية الفرنسية حتى لو كانت فرنسية الأصل؟  ولماذا يتجه ماكرون إلى سن قانون جديد تحت مسمى "الانعزالية الإسلامية" والذي يستهدف حصار المسلمين في عقيدتهم وعبادتهم وطقوسهم الدينية دون غيرهم من الديانات الأخرى؟ وهل يمكن لصحيفة "شارك إيبدو" التي نشرت الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أن تنشر رسوما مسيئة ضد السامية أو تشكك في محرقة اليهود على يد الألمان إبان الحرب العالمية الثانية؟ ولماذا تبقى معاداة السامية  (تابو) لا تجرؤ الصحافة الفرنسية على المس به حتى اليوم؟  أليس ذلك برهانا على أكاذيب الرئيس الفرنسي؟

ويكفي أن نعلم أنه جرى  عزل صحافيين ورساميين من ذات الصحيفة "شارل إيبدو" لأنهم عبروا عن آرائهم برسوم ساخرة ضد نجل الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي عندما تزوج من نجلة رجل أعمال، كما جرى فصل آخر عبر عن رأي صادم في زوجة ماكرون نفسه؛ فعن أي حرية يتحدث الرئيس الفرنسي؟ إنها حرية الإساءة للإسلام والمسلمين فقط، أما المس بالدولة الفرنسية أو إسرائيل فإن ذلك كفيل بعزل الصحفي وانتهاك قداسة هذه الحريات التي يتحصن بها الرئيس الفرنسي في حربه على الإسلام والمسلمين.