هل ينتظر السيسي قرار “بايدن” للإفراج عن المعتقلين السياسيين؟

- ‎فيتقارير

عقب فوز المرشح الديمقراطى جو بايدن بالرئاسة الأمريكية أمام منافسه الجمهورى دونالد ترامب وضغوط البرلمانات الأوروبية والكونجرس الأمريكي طرح حقوقيون تساؤلات حول مصير المعتقلين السياسيين الذين تجاوزت أعدادهم الـ 60 ألف معتقل فى سجون العسكر بتهم ملفقة ومفبركة، وقالوا هل يطلق قائد الانقلاب الدموى عبد الفتاح السيسي سراحهم من أجل كسب تعاطف الرئيس الأمريكى الجديد الذى كان من ضمن برنامجه الذى طرحه خلال حملته الانتخابية فتح ملف انتهاكات حقوق الإنسان فى دولة العسكر والاعتقالات السياسية والتصفيات الجسدية والتعذيب والإخفاء القسرى؟ أم هل ينتظر السيسي قرارا اجباريا من بايدن بإنهاء مأساة الاعتقال السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان فى دولة العسكر؟

يشار إلى أنه رغم أن نظام الانقلاب الدموى كان قد أفرج عن أكثر من 600 معتقل سياسي قبل الإعلان عن فوز بايدن بالرئاسة إلا أنه توسع فى تنفيذ أحكام الإعدام فى القضايا الملفقة لرافصى الانقلاب

وفى هذا السياق قالت جريدة الأخبار اللبنانية فى تقرير نشرته إن نظام السيسي توسّع -بشكل غير مسبوق- في تنفيذ أحكام الإعدام خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، وثّقت تنفيذ 53 إعدامًا خلال شهر أكتوبر الماضي فقط.
وأشار التقرير الى أن دولة العسكر نفذت فى عام 2018 نحو  43 إعدامًا، وهو رقم قريب مما تمّ تنفيذه في 2019 مؤكدا أن شهر أكتوبر الماضي هو شهر الإعدامات بامتياز.

وأضاف: جرت العادة على أن تعلن وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب عن أحكام الإعدام التي تنفّذها في بيانات مقتضبة، لكن هذه العادة توقفت بصورة شبه كاملة منذ شهور، فيما يُتم تنفيذ نحو عشرة أحكام شهريًاً منذ بداية العام الجاري.

ضغوط أجنبية
من جانبه كشف موقع دويتش فيله الأمانى أن أكثر من 220 نائبا أوروبيًا انضموا إلى نظرائهم الأمريكيين في حث نظام السيسي على إطلاق سراح السجناء السياسيين. وطبقا للموقع وصفت جماعات حقوقية الحشد بأنه "غير مسبوق”.

كان 222 نائبا أوروبيا قد نشروا رسالة تطالب السيسي بالإفراج عن النشطاء والصحفيين والمحامين وغيرهم من سجناء الرأي المحتجزين ظلما في ظروف غير آمنة. وتأتي الرسالة بعد أن نشر 56 عضوا في الكونجرس الأمريكي غالبيتهم من الديمقراطيين رسالة مماثلة.

وأعرب النواب في رسالتهم عن انزعاجهم من تزايد أعداد السجناء المحتجزين لفترات طويلة دون تهمة، أو محاكمة، أو التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم والمحتجزين في ظروف سيئة رغم جائحة كورونا وهو ما يعرضهم لخطر متزايد.

خطوة ملحة
واعتبرت 8 منظمات ومبادرات حقوقية إرسال حوالي 278 برلمانيا أوروبيا وأمريكيا رسالتين إلى السيسي للإفراج عن السجناء والمعتقلين، خطوة ملحة لتسليط الضوء على أوضاع حقوق الإنسان في دولة العسكر  مؤكدة أن هذه الخطوة ستكون على أجندة بايدن.
وقالت المنظمات في بيان لها، إن الرسائل "جاءت في الوقت المناسب لتسليط الضوء على وضع حقوق الإنسان المتدهور في دولة العسكر، ودعوة نظام السيسي للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم".
وأضاف البيان لقد حان الوقت لأن تكفل سلطات العسكر الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وتكسر حلقة الإفلات من العقاب لمرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

ورقة المساعدات
وحول التأثير الذى قد يحدثه بايدن فى ملف المعتقلين استبعد الحقوقي والباحث السياسي أسعد هيكل أن يمارس بايدن ضعوطا على السيسي من أجل الإفراج عن المعتقلين مشيرا الى أن التلويح بورقة المساعدات وانتقادات وبيانات اعضاء الكونجرس أمر معتاد من أمريكا، ولكن استخدامها في الوقت الحالي ما هو إلا استراتيجية مستخدمة في الانتخابات الأمريكية

وقال هيكل فى تصريحات صحفية ان سلطات العسكر لديها قانون يبيح الإفراج عن السجناء وكذا تسليم المحكوم عليهم خاصة الذين يحملون الجنسية الأمريكية، مثل آية حجازي ومحمد سلطان.
وتوقع أن يميز بايدن بين حاملي الجنسية الأمريكية من المعتقلين عن غيرهم من المصريين وهذا بالنسبة له لا يعد إجحافا، لأن الأمر يعود إلى تقديرات السلطات الأمريكية فيما يتعلق بالمصلحة العليا للدولة.
واستبعد هيكل أن يدافع بايدن عن جماعة الإخوان المسلمين او معتقليها أو أن يقدم لها مساعدات في ظل الظروف السياسية التي تعيشها دولة العسكر.

تغيير طفيف
وتوقع الحقوقي هيثم أبو خليل، أن يساهم فوز بايدن بالرئاسة وصعود الديمقراطيين، فى احداث تغيير طفيف، لكن لن يصل الأمر إلى تغيير جذري كما يتخيل البعض.
واعتبر أبو خليل فى تصريحات صحفية، أن اختزال المشرعين الديمقراطيين خلال رسالتهم للسيسي مطالبهم في الإفراج عن عدد محدود، وإن تنوعت انتماءاتهم، "توجه غير جيد"، مشيرا الى أن هناك نحو 60 ألف معتقل، بينهم قيادات التيار الإسلامي، الذين يقبعون في سجون العسكر منذ 7 سنوات.

وشدد على أنه لا يتوقع حدوث انفراجة حقيقية في أوضاع حقوق الإنسان وغيرها من الحقوق بمصر، طالما استمر نظام السيسي، مؤكدا أن مصر تعيش أسوأ عهد لحقوق الإنسان على الإطلاق.
واستبعد أبو خليل أن تحدث رسائل البرلمانيين الأمريكان والآروروبيين أي تأثير في الحالة الحقوقية بمصر، لافتا إلى أنه طوال المرحلة الماضية، لم تؤثر أي أصوات مشابهة، واستمر الاعتقال وتنفيذ أحكام الإعدام وغيرها من الانتهاكات، في ظل دعم لا محدود من إدارة ترامب للسيسي إرضاء للكيان الصهيوني.

غضب الشعوب
وقال الناشط السياسي عمرو عبد الهادي، إن من يتوقع تغييرا في السياسة الأمريكية بعد فوز بايدن بالرئاسة واهم، لافتا إلى أن خطاب الحزب الديمقراطي ربما يكون أهدأ من الحزب الجمهوري، لكنه سيستمر في السياسة المعتادة تجاه السيسي وعصابة العسكر.

وأكد عبد الهادي فى تصريحات صحفية أن جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تفرط في أي مصالح متحققة للاحتلال الإسرائيلي، لكن لا بأس ببعض الإجراءات بين الحين والآخر لامتصاص غضب الشعوب العربية حتى لا يحدث انفجار تلوح بوادره في الأفق
وأشار إلى أن رسائل نواب الكونجرس والبرلمان الأوروبى تأتي في إطار "الحق الذي يراد به باطل"، مؤكدا أن سجون العسكر بها عشرات الآلاف من المظلومين المجهولين.

واعتبر أن محاولة دغدغة المشاعر من جانب من صاغوا هذه الرسلئل بتنويع انتماءات االمعتقلين لمذكورين فيها  "محاولة للالتفاف على الحقوق" منتقدا حصر الرسائل في عدد قليل جدا من المعتقلين.

الواقع المصري
وتوقعت سلمى أشرف، مديرة منظمة "هيومن رايتس مونيتور" أن تختلف سياسة الرئيس جو بايدن عن ترامب الذى كان ينتهج العنف والإرهاب ودعم الدكتاتوريات في العالم مشيرة إلى أن انعكاس هذا الاختلاف على الواقع المصري غير مضمون.

ورحبت سلمى أشرف فى تصريحات صحفية ببيان المنظمات الحقوقية الداعم لرسالتي المشرعين الأوروبيين والأمريكيين، مؤكدة أن ذلك يعكس اتساع دائرة النقد للحالة الحقوقية فى دولة العسكر، وربما يمهد لتغيير نظرة الغرب تجاه هذه الحالة، بعد أن أصبح يرى حجم الانتهاكات التي طالت الجميع، ما يمكن معه التأثير على ما يسعى إليه نظام الانقلاب من مصالح.

وقالت إن رسائل المشرعين الاوربيين والأمريكان تفضح الانتهاكات المستمرة لنظام السيسي، الذي يدّعي حماية الحريات، وهي وسيلة ضغط عليه؛ محذرة من أن استمرار الدعم المادي والعسكري الأمريكي للسيسي، يحد من هذه المكاسب.