دانت مؤسسة "جوار" جريمة تدوير المعتقلين، ووصفتها بأنها واحدة من أبشع الجرائم التي تتم بحق المعتقلين السياسيين في السجون المصرية. وأوضحت أن قوات نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي، رئيس الانقلاب، تقوم بعد انقضاء مدة حكم المعتقل أو إخلاء سبيله، بإخفائه قسريا لمدة من الزمن ليظهر بعدها في إحدى النيابات على ذمة قضية جديدة ملفقة لا يعلم عنها المعتقل شيئا، لتبدأ دورة معاناة جديدة للمعتقل وأهله بين النيابات والمحاكم والسجون. وطالبت المؤسسة منظمات حقوق الإنسان في العالم، باتخاذ خطوات تضمن سلامة المعتقلين السياسيين في مصر من قمع نظام السيسى المنقلب.
يأتي ذلك، ولا تزال مأساة المئات من الأسر المصرية تتواصل؛ لاستمرار جريمة إخفاء ذويهم، فلا يعلمون مصيرهم رغم مرور فترات كبيرة على اعتقالهم. ومن جانبها نددت حملة "أوقفوا الإخفاء القسري" بحق مئات المعتقلين؛ منهم من القليوبية، الحسيني جلال الدين الحسيني أمين عبد الغنى " 20 سنة – طالب بالثانوية العامة، منذ اعتقاله من أمام "سنتر تعليمي" بمنطقة فيصل قبل امتحانات الثانوية العامة بأسبوع في 25 مايو 2016م وهو بعمر السابعة عشر. وأوضحت أسرته أنه سبق اعتقاله مرتين وهو بعمر الـ15 والـ16، حيث ألقت قوات الانقلاب القبض عليه وهو في الصف الأول الثانوي من منزله في يوليو 2015 ووجهت له النيابة تهم حرق قسم شرطة، وتم احتجازه في معسكر قوات أمن بنها لمدة شهرين حتي إخلاء سبيله في سبتمبر 2015، وفي نفس العام، ألقت قوات الانقلاب القبض عليه مرة أخرى في 6 ديسمبر 2015م، وحصل على إخلاء سبيل في فبراير 2016.
ومن الجيزة "عمر محمد سيد أحمد أمين "25 سنة"، منذ اعتقاله يوم ٧ يونيو ٢٠١٩ من الشارع. وقد علمت الأسرة من مصادر غير رسمية بوجوده بأحد مقرات الأمن الوطني. وقامت الأسرة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة إلا أنه لم يتم الرد علي أي منها، ولم يستدل على مكانه حتى اليوم. أيضا الشاب "أحمد حسن مصطفى محمد مصطفى- 19 سنة" وهو طالب بالسنة الأولى كلية حقوق جامعة القاهرة. منذ اعتقاله غرة إبريل 2019 أثناء توجهه لحضور كورس، وفي طريقه من منطقة المقطم إلى مدينة نصر تم القبض عليه وانقطع التواصل معه بإغلاق هاتفه تماما في نهاية اليوم.
مختفون في كل المحافظات
ومن أسيوط، هناك عصام كمال عبد الجليل (39 سنة) ويعمل مهندس أول بالمصرية للاتصالات، وتم اعتقاله في 24 أغسطس 2016، أثناء ذهابه إلى عمله أمام جهاز 6 أكتوبر. وبحسب رئيسه في العمل، فإنه شوهد لحظة القبض عليه في سيارة سوداء بها 6 أشخاص بزي مدني، وقامت الأسرة بعمل تلغرافات لجهات عدة؛ ولم يستدل على مكانه حتى اليوم!
ومن المنصورة فى الدقهلية، تم اختطاف محمد بدر محمد عطية "23 سنة" طالب بكلية الهندسة جامعة الأزهر بالقاهرة يوم 17 فبراير 2018من ميدان رمسيس، أثناء عودته إلى بلده أمام زملائه والمارة بالشارع. ومنذ ذلك الحين لم تستدل أسرته على مكانه حتى الآن.
كما هو الحال مع" عمرو أحمد محمد فؤاد محمد "27سنة"، الذي كان يقيم بحي الهرم بالجيزة وجرى اختطافه يوم 12 يونيو 2018 في الساعة الثانية ظهرا من أمام باب نادي ٦ أكتوبر؛ حيث تلقي اتصالا من أفراد ادعوا أنهم عملاء بالشركة التي يعمل بها، وتوجه بالفعل لمقابلتهم، وعندما وصل إلى باب النادي، قاموا بالقبض عليه، وانتظروا وصول سيارة الشرطة ووضعوه بها. وحسب شهادة صديقه الذي شاهده وقت القبض عليه، فقد كانوا نحو أربعة أشخاص بملابس مدنية، ومعهم سيارة شرطة "بوكس" وسيارة ملاكي. في نفس اليوم مساءً، توجه أفراد من الأمن الوطني في سيارة شرطة إلى منزله؛ حيث قاموا بتفتيشه وبعثرة محتوياته ومصادرة الهواتف المحمولة بالمنزل ونهب مبلغ مالي (10 الاف جنية)، وقامت أسرته باتخاذ الإجراءات الرسمية اللازمة إلا أنها لم تستدل على مكانه حتى اليوم.
اختطاف منذ 3 سنوات
ورغم مرور 3 سنوات على جريمة إخفاء "محمد السيد العربي"، منذ إلقاء القبض عليه يوم 17 ديسمبر عام 2017، ترفض سلطات الانقلاب الكشف عن مكان احتجازه لتتواصل فصول المأساة التى يتعرض لها المئات من المختفين قسرا. كما لم يشفع مرور 5 سنين على جريمة إخفاء "مصطفي عبدالوهاب عبدالله "، للكشف عن مكان احتجازه منذ إلقاء القبض عليه عام 2015، وانقطاع أي تواصل مع أسرته منذ ذلك الحين.
وتعتبر جرائم الإخفاء القسري التي باتت نهجا للأمن الوطني وجميع أجهزة السيسي الأمنية انتهاكا لكافة الشرائع والأديان ولنص المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا". كما أنها انتهاك لنص المادة 54 الواردة بالدستور، كذا المادة 9 /1 من العهد الدولي للحقوق الخاصة المدنية والسياسية الموقعة عليها مصر على أن (لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد، أو اعتقاله تعسفا، ولا يجوز حرمان أحد "من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون، وطبقا للإجراء المقرر فيه. ولا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره).