من يشيع الفاحشة؟ ولماذا؟

- ‎فيمقالات

ما بين واقعة «الحلوى الجنسية» وعقد «زواج التجربة» هناك مئات الوقائع الشاذة التى تبثها المواقع والقنوات التابعة للجهات السيادية، وهى إما مدبرة من تلك الجهات، أو أنها جاءت عفوًا فلم تُعدم اهتمام ورعاية الإعلام الانقلابى بها. فى الحالتين هناك إستراتيجية لإشاعة الفاحشة، وإلهاء العامة بمثل هذه الموضوعات «الشائقة!» خصوصًا بالنسبة للشباب والمراهقين.

إن أول المواد التى تم إلغاؤها من دستور الثورة (2012م) هى المتعلقة بالآداب العامة؛ ما يعنى -ابتداء- عدم تجريم من يعتدى على تلك الآداب؛ من ثم السماح للشواذ بممارسة شذوذهم علانية دون خشية من لائحة أو قانون. من تلك المواد؛ (المادة 11): «ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية، والحقائق العلمية، والثقافة العربية والتراث التاريخى والحضارى للشعب، وذلك وفقًا لما ينظمه القانون». والهدف: ترسيخ نظام علمانى يستهدف الوعى الوطنى، ويمهد الطريق أمام ديكتاتورية مسفَّة لا تحيا إلا فى أجواء الفساد الأخلاقى وغياب قيم الإسلام، والسيطرة على الشباب، عماد الثورة، بتخديره وإلهائه عن الشأن السياسى.

وبالعودة إلى تصريحات بعض العلمانيين المساندين للعسكر خلال عام 2013 نجد ما يؤكد هذه الإستراتيجية، الساعية إلى التخلى عن ثوابت ديننا الحنيف وأخلاقنا الأصيلة، يقول محمد العدل: «لن نحذف المشاهد الإباحية من الأفلام، ولو أجبرونا فلا بديل عن حمل السلاح»، ويقول وحيد حامد: «مفيش حلال وحرام فى السياسة والفن والاقتصاد، حلال وحرام فى بيتك، واللى هنسمعه يقولها هنمسحه من على وش الأرض»، أما (المستشار!) أحمد ماهر فيقول: «اللى عاوز يقلد النبى يروح جبلاية القرود»، ولا يوارى عمرو حمزاوى عندما يقول: «لا بد أن نكافح من أجل ألا تكون هوية مصر إسلامية».

لمثل هذا تجد مواقع النظام ووسائل إعلامه تدعم الإباحية، وتروِّج للشذوذ، ولا تخلو وسيلة منها من الحديث عن الدعارة، حتى يظن من يتابعها أن «المحروسة» صارت سوقًا رائجة للرذيلة، وأن زنى المحارم صار ظاهرة، ففى كل يوم، من دون مبالغة، هناك قصص ملفقة عن ابنة تحمل من أبيها أو من أخيها أو من عمها، ناهيك عن الترويج للعلاقات الشاذة فى الجنس الواحد، أو العلاقات خارج الزواج. وفى أحيان كثيرة يعجزون عن اختلاق الروايات فيأتون بحوادث وقعت فى بلاد غربية ويصورونها فى العناوين على أنها جرت فى بلادنا.

إن إطلاق «ممثلة» لتتحدث يومًا عن جمال مؤخرتها، ويومًا عن تفضيلها «ممارسة الحب!» خارج مؤسسة الزواج، أو مشاركتها فى مهرجان سينمائى كاشفة عورتها -أمرٌ مقصود ومدبر، ومثله ما نراه فى المشاهد الإباحية التى لا تُحصى فى السينما والدراما، ومثله افتخار بعض المشاهير بجرائمهم الأخلاقية.. بهدف إشاعة الفاحشة فى المجتمع، ووأد النخوة والمروءة فى النفوس، والشاهد الآن: «دا هانى»، ومن لم يغرْ على عرضه لا يغرْ -بالطبع- على دينه أو وطنه.

إن النظام الذى أغلق نحو (600) موقع إخبارى يعمل بها آلاف الإعلاميين الوطنيين بإمكانه إغلاق المواقع الإباحية التى وضعت مصر على رأس قائمة العالم فى مرات البحث عن مواقع الجنس. لكنه لم يفعل كما لم يرد مكافحة مواقع القوادة والاتجار بالنساء وقد وصلت دعايتها القذرة إلى كل بيت وغزت كل حساب من حسابات التواصل.

الحقيقة المرة أن الاستبداد لا يحيا إلا فى أجواء العفونة والفساد، كما حرصه أن يكون أنصاره من ذوى الشبهة والإجرام؛ وما بقى هذا النظام ستبقى معه حوادث الفسق والفجور، وتعاطى وتجارة المخدرات، وسائر الحوادث الأخلاقية التى لم نكن نسمع بها من قبل؛ فلا شىء ألهى لجمهور من إغراقه فى قصص ومشاهد الجنس، ولا أنجع فى تغييب الشباب من إغراقه فى المخدرات والسُكر.. وهذا حالنا الذى لا يخفى على ذى عقل. نسأل الله اللطف.