ورقة تحليلية: إغلاق قنوات تركيا ليس مستبعدا ولابد من البحث عن بديل

- ‎فيأخبار

لم تستبعد ورقة تحليلية إغلاق القنوات المصرية التي تبث من تركيا في ظل محاولات التقارب بين القاهرة وأنقرة حاليا، لكنها توقعت أن لا يكون هذا الإغلاق الآن، مشيرا إلى أنه يتوقف على مستوى التقدم في العلاقات بين النظامين التركي والمصري.
وتحت عنوان "مستقبل المعارضة المصرية في ظل التقارب التركي المصري" قالت الورقة التي نشرها موقع "الشارع السياسي" إنه حتى إذا أغلقت هذه الفضائيات فلا يمثل هذا ضمانة لاستقرار نظام السيسي، فنظام مبارك وهو أكثر منه قوة سقط بدون قنوات تلفزيونية تبث من الخارج، لكن وقفها لا يعني أنها لن تجد بديلا لها في لندن أو إسبانيا، حيث الإجراءات غير المعقدة لإطلاق قنوات تلفزيونية تخاطب الخارج، على نحو كاشف بأن الملف كله بحاجة إلى حل جذري، والنظام السياسي لا يمكنه دفع فاتورة هذا الحل إلا من لحم الحي، فلا يمكنه القبول بعودة المعارضين وفق ضوابط معينة، وأن يكون البديل حالة سماح ديمقراطي، لأن أي اتجاه من هذا النحو سيمثل عصفاً به.
وخلصت الورقة البحثية إلى أن الطلب التركي من الفضائيات المصرية التي تبث من أنقرة بضررة ضبط خطابها الإعلامي وتخفيف حدة الانتقادات الموجهة لنظام السيسي هي رسالة مبطنة تحمل كثيرا من الدلالات والرسائل أكبر من مجرد ضبط الخطاب الإعلامي لتكون مؤشرا على احتمال الإغلاق الكامل لهذه الفضائيات. وأضافت أن على القائمين عليها ضرورة البحث عن بدائل خارج تركيا، وعدم الرهان على احتمالات عدم نجاح هذا التقارب بين أنقرة والقاهرة؛ لا سيما وأن صناعة القرار في مصر يخضع لاعتبارات كثيرة ولبعص العواصم الإقليمية والدولية كواشنطن وتل أبيب وأبو ظبي والرياض نفوذ واسع قادر على التأثير فيه وتغيير دفته بشكل كامل.

سيناريوهات متوقعة
وأشارت إلى أن موقف المعارضين والإعلاميين المصريين المقيمين في تركيا، ومستقبل فضائيات الثورة مرهون بمدى نجاح التقارب بين أنقرة والقاهرة.
وألمحت إلى أن السيناريو الأول هو "الإغلاق التام لهذه الفضائيات وتسليم قادة المعارضة وخصوصا المتهمين في قضايا كبرى والذين صدرت بحقهم أحكام قضائية من جانب نظام السيسي". واستدركت أن ذلك، "سيناريو مستبعد لاعتبارات كثيرة أهمها أن القانون التركي يمنع تسليم اللاجئين السياسيين إذا كانت حريتهم وحياتهم معرضة للخطر إذا جرى تسليمهم". وتابعت: نظام الرئيس التركي احتضن المعارضة المصرية رغم الضغوط الهائلة التي تعرض لها خلال السنوات الماضية كمبدأ وتقدير لكل دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان ضد النظم القمعية أو تلك التي اغتصب السلطة عبر انقلاب عسكري.
وأردفت أن القاعدة الجماهيرية المؤيدة للرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية جلهم من الإسلاميين الذين يرفضون تماما خذلان المعارضين المصريين؛ وبالتالي فإن إقدام نظام الرئيس أردوغان على مثل هذه الخطوة سوف يخصم من رصيده كثيرا محليا وإقليميا ودوليا، وقد يتعرض لخسارة نسبة هائلة من مؤيديه وأنصاره قبل الانتخابات الحاسمة المقرر إجراؤها في 2023م.

سيناريو الحصار الجزئي
وأضافت أن سيناريو الحصار الجزئي لهذه الفضائيات في أنقرة، وهو ما جرى بالفعل نتيجة الخطوة الأولى من محطات التقارب بين أنقرة والقاهرة والتي تضمنت تدشين مرحلة من الحوار والتواصل وفتح القنوات الدبلوماسية والمخابراتية بين الجانبين، وهو مسار قائم وأُنجز فيه الكثير.
وقالت إن القرار التركي فرض على هذه القنوات أن تُدخل تعديلات جوهرية على خطابها الإعلامي، على النحو الذي يعرّض هذا الانفتاح للخطر، وخصوصًا في هذه المرحلة الدقيقة من عمره، إذ لا يزال أشبه بعجينةٍ طريةٍ لم تشتد ولم تأخذ شكلها النهائي بعد، وإن كان الجزء الظاهر من الصورة يقول إنها تفاهمات سياسية حتمية تتعلق بضرورات اقتصادية ملحّة في شرق المتوسط، حيث يفرض الغاز نفسه حاكمًا للشرق الأوسط، كما كان النفط هو الحاكم الأول في القرن الماضي.
وقالت الورقة إن العلاقات بين أنقرة والقاهرة إذا انتقلت إلى المحطة الثانية وهي توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين؛ وتذليل كافة العقبات الأخرى أمام مثل هذا الاتفاق حول ترسيم الحدود البحرية فإن أنقرة قد تضطر إلى إجراءات أكثر تضيقا بما يفرغ هذه الفضائيات من محتواها ويفقدها ميزتها باعتبارها صوتا للثورة المصرية والمنصة الوحيدة لكشف الكوارث التي يقوم بها نظام السيسي بحق مصر وشعبها. وبناء على هذه المؤشرات أعلن الإعلاميان معتز مطر (قناة الشرق) ومحمد ناصر (قناة مكملين)، استمرارهما في نقد نظام السيسي، واستعدادهما لمغادرة تركيا لاستكمال هذه الرسالة في أماكن أخرى، لرفع الحرج عن الحكومة التركية، وذلك إذا اقتضت الضرورة.