السودان يتخلى عن 63 عاما من “المقاطعة” ويهرول نحو التطبيع مع الصهاينة.. هل هذا رأي الشعب أيضا؟

- ‎فيعربي ودولي

بعد أكثر من 60 عاما من صدوره أعلن مجلس الوزراء السوداني أنه وافق على مشروع قانون بإلغاء قانون مقاطعة "إسرائيل" وسيقدم القانون إلى الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء للإجازة النهائية باعتبار أن المجلسين معا يشكلان السلطة التشريعية في غياب المجلس التشريعي.

وجاء في بيان مجلس الوزراء أنه أجاز مشروع قانون بإلغاء قانون مقاطعة "إسرائيل" لعام  1958، وفي نفس الوقت أكد موقف السودان الثابت تجاه إقامة دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين.

وكان السودان قد أعلن في أكتوبر من العام الماضي موافقته على تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" وإنهاء حالة العداء معها، كما أعلن السودان حينها بدء علاقات اقتصادية وتجارية مع الكيان الصهيوني.

وكانت الحكومة الانتقالية في السودان وقعت على اتفاق "إبراهام" لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني في 6 يناير الماضي وأعقبت ذلك زيارة قام بها وزير الاستخبارات الصهيوني إلى الخرطوم في نهاية الشهر ذاته.

يذكر أن قانون مقاطعة "إسرائيل" كان قد سن عام 1958 ويقضي بالمقاطعة الشاملة لدولة الاحتلال وحظر البضائع وجميع أنواع التعاون التجاري معها وينص على عقوبات رادعة للمخالفين.

ترحيب صهيوني

في السياق ذاته رحب وزير الاستخبارات "الإسرائيلي" ايلي كوهين بقرار مجلس الوزراء السوداني إلغاء مقاطعة دولة الاحتلال. وقال "كوهين" معلقا على القرار السوداني إن هذه خطوة مهمة وضرورية نحو توقيع اتفاقية السلام بين البلدين.

وزعم الوزير الصهيوني أن التعاون مع السودان أحد أهم الدول في إفريقيا سيساهم في استقرار الأمن الإقليمي الضروري للتنمية الاقتصادية في المنطقة.

وفي نفس الإطار زعم نور الدين صلاح الدين، القيادي بقوى الحرية والتغيير، إن هذه الخطوة جاءت في إطار التطور الطبيعي للأحداث في السودان فيما يتعلق بملف العلاقات الخارجية، مضيفا أن رئيس مجلس السيادة التقى العام الماضي رئيس الوزراء "الإسرائيلي" في أوغندا وأعقب ذلك حدوث تفاهمات خارج السودان في الإمارات العربية المتحدة ثم بعد ذلك تم التوقيع على اتفاق "إبراهام".

وادعى، في حواره مع برنامج المسائية على قناة الجزيرة مباشر، أن كل هذه الأحداث توضح أن السودان بدأ يتعامل مع "إسرائيل" كأي دولة في المنطقة، ووجود تشريع ضمن منظومة القوانين السودانية يجرم التعامل مع "إسرائيل" أصبح غير مقبول ويتناقض مع السياسية الخارجية للخرطوم خلال هذه المرحلة.

وتابع: القانون صدر منذ 63 عاما ، وهناك مياه كثيرة جرت تحت الجسر، والسودان كان له موقف محدد من "إسرائيل" لكن ما جرى في المحيط الإقليمي والدولي كان له تأثيره على الداخل السوداني، مشددا على ضرورة أن يبني السودان سياسات خارجية تغلب المصلحة الوطنية خلال الفترة الحالية.  

حكومة لا تعبر عن الشعب

بدوره قال تاج الين بن قاه، القيادي بحزب المؤتمر الشعبي، إن القرار يعبر بجلاء عن الحكومة اليوم وقانون 1958 يعبر عن حكومة تلك المرحلة، مضيفا أن حكومة 1958 كانت تعبر عن إرادة الشعب وهي أول حكومة منتخبة ديمقراطيا جاءت بعد الاستقلال وكانت تعبر عن وجدان الشعب لمنع التطبيع مع دولة محتلة، لكن اليوم الحكومة لا تعبر عن إرادة الشعب.

وأضاف أن القرار بمثابة الإعلان الشكلي لإلغاء القانون الذي تم فعليا في أكتوبر 2020 عندما قابل عبدالفتاح البرهان رئيس الوزراء "الإسرائيلي" ينيامين نتنياهو، وأيضا ألغي القانون في يناير 2021 عندما استقبل السودان وزير الاستخبارات "الإسرائيلي"، وقانون 1958 يمنع التعامل والتعاقد مع كل ما هو منسوب للكيان الصهيوني، كما انتهك القانون خلال توقيع اتفاق إبراهام في يناير 2021.

وأوضح أن السلطة الانتقالية ألغت قانون التطبيع مع "إسرائيل" دون الرجوع للشعب، وعندما قابل رئيس مجلس السيادة نتنياهو أصدرت الحكومة الحالية بيانا زعمت فيه أن تنفيذ العلاقة مع "إسرائيل" موقوف بقيام المجلس التشريعي وليس هذا المجلس غير المنتخب، مؤكدا أن الحكومة تنفذ أولويات وتسارع خطواتها نحو التطبيع دون الرجوع للشعب.