كشف الانفلات الأمني.. التحرش بالنساء في الأعياد يتحول إلى ظاهرة

- ‎فيتقارير

كشفت أيام عيد الأضحى المبارك عن فوضى وانفلات أمني في الشارع المصري حيث انتشرت حوادث التحرش بالفتيات بصورة غير مسبوقة في ظل تجاهل وإهمال أجهزة أمن الانقلاب وعدم قيامها بدورها في حماية وتأمين المواطنين وانشغالها بملاحقة المعارضين لنظام الانقلاب. 

كان رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» قد تداولوا عشرات الحوادث التي وقعت خلال أيام العيد والتي كان من بينها،مقطع فيديو يظهر تحرش سائق «توكتوك» بفتاة، أمام نادي شهير بمنطقة القطامية، وملامسة مناطق من جسدها، وفي محاولة منها لتوثيق الواقعة بواسطة تصوير المتهم بهاتفها، حاول السائق أخذ الهاتف منها، وعندما فشل، ألقى الحجارة عليها وتعقبها.

كما تداول رواد «فيسبوك»، فيديو لواقعة تحرش، داخل أحد قطارات الصعيد، حيث ظهر في الفيديو المتهم مرتديا جلبابا، يجلس على أحد مقاعد القطار، وبجواره طفل صغير متسول، ارتكب معه فعلا فاضحا، وتمكن أحد الركاب من تصويره ونشره على مواقع التواصل.

ونشرت فتاة مقطع فيديو على صفحتها الشخصية، على موقع التواصل الاجتماعي «إنستجرام»، تروي تفاصيل واقعة تعرضت لها، أثناء عودتها من السفر، وأثناء انتظار تسلمها جواز السفر الخاص بها وحقائبها، رفقة أصدقائها، قالت الفتاة، إنها "تعرضت للتحرش، من أحد موظفي مطار القاهرة، إذ أخبرتها إحدى صديقاتها، أن الموظف التقط لها عدة صورا من الخلف وتبين التقاطه واحتفاظه بعدد كبير من صور فتيات من الخلف".

 

ظاهرة التحرش

حول أسباب انتشار التحرش قال الدكتور على عبد الراضي، استشاري العلاج والتأهيل النفسي، إن "مصر والبرازيل والهند وأمريكا، تعد  من أكثر الدول التي تعاني من  ظاهرة التحرش سواء بالأطفال أو الكبار أو السيدات".

وأضاف «عبدالراضي» في تصريحات صحفية "هذه الظاهرة بدأت تطفو على السطح، نتيجة وجود تسجيلات وكاميرات، ساعدت في رصد هذه الوقائع، مشيرا إلى أن هناك سلوكيات وأفعالا تحتاج إلى ردع".

وأشار إلى أن "المتحرش شخص يعاني من اضطرابات نفسية نتيجة سوء التربية والوعي الجنسي، مؤكدا أنه مع انتشار أغاني المهرجانات، التى تحمل إسفافا كبيرا، انتشرت الكثير من الظواهر السلبية ومن بينها التحرش".

وأكد عبدالراضي أن "ما يحدث يدل على وجود أخطاء في التفكير والوعي والثقافة، وأن هناك غيابا للتربية السلمية".

وطالب بأن "تكون هناك حملات لمواجهة التحرش وأن يتوجه كل من يعاني من اضطرابات نفسية، إلى متخصص نفسي للعلاج الآلام بجانب التعامل القانوني مع هذه الوقائع حتى يكون أصحابها عبرة للآخرين".

 

المتحرش مريض نفسيا 

وقال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة، إن "كل مرحلة عمرية لها اضطرابات نفسية معينة، وأن المتحرش ما بين شخصية سيكوباتية أو حدية، فالشخصية السيكوباتية تعاني من السلبية واللامبالاة وعدم الاهتمام لتوابع أفعاله أو تصرفاته، وليس لديه أي مشاعر أو أحاسيس تجاه الآخرين، أما الشخصية الحدية فتعاني من الصفات السابق ذكرها، فضلا عن تغير المزاج الحاد سريعا".

وأكد فرويز في تصريحات صحفية أن "المتحرشين من الشباب، أغلبهم من أصحاب الشخصية السيكوباتية؛ مشيرا إلى أن هناك تحرشا بالأطفال، وينقسم إلى نوعين؛ هما:  ملامسة الأطفال، ونوع آخر وهو ممارسة الجنس بشكل كامل مع طفل أو طفلة صغيرة، مما يدمر أعضائهم التناسلية".

واشار إلى أن هذا اضطراب نفسي، ترجع أسبابه إلى أن المتحرش يشعر بالدونية أمام الفتيات، وأنهم يتجاهلونه مما يدفعه إلى اللجوء إلى الأطفال لملامسة أعضائهم، مما يعطيه شعورا بالنشوة وإثبات الذات، وهناك متحرش آخر تعرض لحادث تحرش منذ الصغر، فيسعى لتكرار المشهد الذي حدث معه، مع الأطفال.

 

سلوك عدواني

واعتبرت الدكتورة رحاب العوضي، أستاذ علم النفس السلوكي، إن "التحرش أحد أشكال العدوان السلبي أو البدني على الآخر، وفرض فعل شائن ومؤذٍ للآخرين، للحصول على لذة مؤقتة؛ مؤكدة أن التحرش سلوك عدواني ممنهج، يستلزم أشد العقوبة، لما يترتب عليه من إيذاء للآخرين، والتسبب لهم في عُقد نفسية، تصل لاحتقار الذات، والفشل، وأحيانا الانتحار، وأن الضحية تدفع من حياتها ثمن انحراف الجاني وبحثه عن لذة وقتية".

وقالت رحاب العوضي في تصريحات صحفية إن "المتحرش إنسان عاجز جنسيا وعاطفيا، يبحث عن لذة وقتية، للشعور بذاته ورجولته الضائعة، وكذلك فإن لديه خلل في القيم المجتمعية المكتسبة، ولأن المتحرش ضعيف يبحث عن ضحية أضعف".

وطالبت بضرورة وجود توعية، في وسائل الإعلام والمدارس والمواصلات العامة، لتوضيح الحدود الشخصية والمادية والأفعال التي تسيء للآخرين حتى يتم القضاء على هذه الظاهرة، مشيرة الى أن المتحرش إنسان ضعيف الشخصية والإدراك، وليس شخصا مرغوبا به وبأفعاله، مجتمعيا وإنسانيا وقانونيا".

 

غياب التوعية والقيم 

وقالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن "هناك غيابا لعمليات التوعية ونشر القيم والثقافة المصرية الحقيقية؛ لأن ارتكاب جريمة التحرش قد يأتي كنوع من التسالي بالنسبة للمتحرش، أو عملية بها نظرة متدنية للأنثى، أو قد يكون المتحرش واقعا تحت تأثير المواد المخدرة".

وأشارت سامية خضر في تصريحات صحفية إلى نشر فيديوهات وأفلام ومسلسلات، تتضمن محتوى جنسيا، سواء بالأفعال أو الكلمات، مؤكدة أن هناك غيابا لمعالجة العملية الفكرية الإنسانية القيمية الثقافية".

وأوضحت أن "الإعلانات على التليفزيون، في الوقت الراهن، أصبحت لا تمت بصلة للقيم والأخلاق، حيث تتناول الحديث عن العلاقات الجنسية، وقدرة الرجال، وغيرها بشكل صريح ومعلن، دون مراعاة أي اعتبارات أخلاقية، وأن هذا المحتوى المقدم، يُعرض على كل الشرائح العمرية، خاصة الأطفال، الذين أصبحوا على دراية كاملة، باستخدام الهواتف المحمولة، وشبكة الإنترنت، ومتابعة التليفزيون باستمرار".

وأكدت سامية خضر أن "هناك حاجة لعملية تثقيفية، ترفع الشباب للقيم، بدلا من النزول للمستوى الأدنى، باعتبار الإنسان حيوان اجتماعي، لكنه يمتلك الفكر والوعي، فلا بد من رفع هذا المستوى الفكري، دون النزول به إلى أدنى مستوى، وهذا يتحقق من خلال البرامج الوسطية، التي تشجع على الوعي، ونشر القيم والثقافة والتفكير الإيجابي، لكل عناصر الأسرة المصرية".