نشر موقع "المونيتور" تقريرا سلط خلاله الضوء على الدوافع الحقيقية وراء إعلان سلطات الانقلاب توقف مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية لمدة عامين.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "الحرية والعدالة"، أعلنت سلطات الانقلاب "تأجيل استكمال مشروع محطة الضبعة النووية إلى عام 2030 بدلا من عام 2028".
وأكد الناطق باسم الهيئة التنظيمية النووية والإشعاعية المصرية كريم الأدهم في تصريحات لصحيفة "إنتربرايز الاقتصادية" المصرية في 14 يوليو، أن "محطة الضبعة النووية لن تكتمل قبل العام 2030؛ بسبب التعطيل الناجم عن جائحة كورونا".
وأشار أدهم إلى أن "أعمال إنشاء المحطة النووية لن تبدأ قبل عام، حيث من المُرجح أن تصدر الجهات التنظيمية تراخيص؛ لإنشاء المحطة بحلول منتصف عام 2022، ومن المقرر إصدار هذه التراخيص في النصف الثاني من عام 2021".
وقالت الصحيفة إن "أدهم رفض تقديم المزيد من المعلومات حول أسباب التأخير، وقد اكتفى بإلقاء اللوم على الجائحة لتأخيرها في بعض الإجراءات، ونفى أي معوقات مالية".
وكانت مصر قد أبرمت عقدا مع شركة روساتوم الروسية العملاقة للطاقة النووية في عام 2015 لبناء محطة الطاقة النووية التي يبلغ حجمها 4.8 جيجاوات، وتبلغ تكلفة الاستثمار في المشروع 30 مليار دولار، يتم تمويل 85٪ منها من خلال قرض روسي بقيمة 25 مليار دولار".
ويتزامن الإعلان عن تأجيل إنجاز مشروع محطة الضبعة النووية مع توتر العلاقات بين مصر وروسيا في الخطاب الذي ألقاه في يوليو 8 أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول أزمة سد النهضة الأثيوبي الكبير، أعرب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، عن قلق بلاده من تنامي خطاب التهديد في الأزمة، وقد أدت تصريحاته إلى ردود فعل عكسية وأثارت جدلا في وسائل الإعلام المصرية المؤيدة للسلطة الحاكمة، وعلاوة على ذلك، شكرت إثيوبيا روسيا رسميا على دعمها في أزمة سد النهضة".
في 9 يوليو، انتقد الصحافي عمرو أديب، المعروف بتأييده للمنقلب عبد الفتاح السيسي، موسكو خلال برنامج على قناة إم بي سي، وانتقد تصريحات المندوب الروسي بشأن أزمة سد النهضة واعتبرها غير مقبولة، وأشار أديب إلى أن "روسيا رفضت لغة التهديد، مما يعني أنها رفضت الحل العسكري وطالبت بالمفاوضات".
تأجيل سلطات الانقلاب للانتهاء من مشروع محطة الضبعة النووية بالكامل أجلّ بناء المفاعل الأول في المحطة إلى 2028 بدلا من 2026، وتتكون محطة الضبعة من أربعة مفاعلات نووية تبلغ طاقتها الإجمالية 4,800 ميجا واط، أي 1,200 ميجا واط لكل مفاعل.
يعود الحلم المصري بإنشاء محطة للطاقة النووية إلى عام 1955، عندما طرق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر باب المستقبل النووي، ووقع اتفاق الذرة من أجل السلام للتعاون في المجال النووي السلمي مع الاتحاد السوفيتي وفي العام التالي، وقعت مصر على عقد لبناء أول مفاعل نووي مع الاتحاد السوفيتي.
ولكن عندما تولى الرئيس أنور السادات السلطة في عام 1974، تضاءلت احتمالات تحقيق مشروع الحلم هذا وسط التوترات مع الاتحاد السوفيتي السابق، وتوجه السادات نحو الولايات المتحدة لبناء المحطة النووية، كما تم توقيع اتفاقية تعاون مع الولايات المتحدة عام 1976، غير أنه لم تُتخذ أي خطوات لتنفيذ هذا المشروع.
وفي عام 2002، أعلن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك عن نية مصر بناء محطة للطاقة النووية السلمية في غضون ثماني سنوات بالتعاون مع كوريا الجنوبية والصين، كما تعطل المشروع في ظل خلاف حول ملائمة منطقة الضبعة، وفي عام 2009، استُؤنفت المفاوضات بشأن محطة الطاقة النووية مع شركة ورلي بارسونز الأسترالية، وتوقفت هذه الحملات مع اندلاع ثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك.
إلا أن هذا الحلم عاد ليظهر من جديد عندما أعلن الرئيس المعين عدلي منصور أن بلاده تتخذ خطوات نحو إطلاق أول محطة نووية لتوليد الطاقة في الضبعة.
وتعليقا على التوتر الأخير بين مصر وروسيا، قال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، في حديث للمونيتور إن "التوتر كان دائما غير مستقر بسبب عدة عوامل، وقال هذا انعكس على استقرار المشاريع الاقتصادية والاستثمارية المشتركة بين البلدين".
وأشار فهمي إلى أن "تأجيل استكمال مشروع الضبعة النووي يرتبط بالتأكيد بالتوتر بين مصر وروسيا، ولقد تجلى هذا التوتر بوضوح بعد الموقف الروسي في جلسة مجلس الأمن بشأن ألمانيا الديمقراطية وبعد إعلان أثيوبيا عن التوقيع على اتفاقية عسكرية مع روسيا".
وفي 12 يوليو وقعت إثيوبيا وروسيا اتفاقية تعاون عسكري في ختام الدورة ال 11 لمنتدى التعاون التقني الإثيوبي الروسي.
ولكن فهمي زعم أن روسيا ربما وقّعت على اتفاقها العسكري مع أثيوبيا؛ لأن موسكو تشعر بأن مصر تضعها في المرتبة الثانية بعد واشنطن، كما شاركت مصر في تدريبات "سي بريز" في منطقة البحر الأسود، على الرغم من تهديدات روسيا بإطلاق النار على السفن المتسللة".
وفي 28 يونيو بدأت المناورات البحرية المشتركة، واستضافتهم القوات البحرية الأمريكية والأوكرانية في البحر الأسود قبالة شبه جزيرة القرم المتنازع عليها بين روسيا وأوكرانيا.
وكان هشام حجازي، رئيس قطاع الوقود النووي بهيئة محطات الطاقة النووية المصرية، قد أكد في تصريحات له في 12 يوليو أن "البرنامج النووي المصري لن يقتصر على بناء مشروع محطة الضبعة، وقال إن عددا من المشروعات النووية في خط الأنابيب في منطقة الساحل الشمالى".
إلا أن فهمي يرى أن "روسيا ومصر ستتوصلان في نهاية المطاف إلى اتفاق بشأن إكمال مشروع الطاقة النووية"، واختتم حديثه قائلا "إن القاهرة تريد استكمالها في أقرب وقت ممكن، وموسكو تدرك أيضا أهمية علاقاتها مع مصر".
https://www.al-monitor.com/originals/2021/07/egypt-postpones-nuclear-power-plant-amid-tensions-russia-over-nile-dam