نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا سلط خلاله الضوء على المواجهات المستمرة بين أهالي قرية بيتا في الضفة الغربية وجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يريد تهجير الأهالي من أراضيهم لإقامة مستوطنة صهيونية عليها.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة"، يتظاهر فلسطينيو بيتا ضد التوسع الإسرائيلي بالطرق السلمية، وقد قُوبلوا بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، مما أسفر عن إصابة العشرات بجروح، وإصابة العديد بجروح في الساق، وقد شهدت الاعتقالات الجماعية اعتقال أكثر من 30 فلسطينيا من البلدة في السجون الإسرائيلية.
وأضاف التقرير أن "هذه القرية التي كانت في السابق نائمة في الضفة الغربية تحولت إلى بؤرة للمقاومة الفلسطينية".
سرقة جبل صبيح
وأوضح التقرير أن "تاريخ بيتا الحديث من العنف والمقاومة قد بدأ في 2 مايو، عندما رأى السكان بعض الأنوار المتلألئة على قمة جبل صبيح، وكان المستوطنون يرافقهم الجيش يبنون موقعا استيطانيا غير قانوني دون إخطار مسبق بمصادرة الأرض".
وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها سلطات الاحتلال السيطرة على التلة، وفي عام 1978، ومع فتح الطريق السريع للمستوطنين رقم 60، بنى جيش الاحتلال مخفرا عسكريا هناك، مما أرغم مُلاك الأراضي الفلسطينيين على اللجوء إلى المحاكم الإسرائيلية لاسترداد أراضيهم، وهو ما تمكنوا من تحقيقه في عام 1994.
وقد تمت إزالة الموقع العسكري، قبل إعادة بنائه خلال الانتفاضة الثانية في الفترة 2000-2005، ثم تمت إزالته مرة أخرى.
وقال حذيفة بودير، الذي يملك أرضا على التل إن "السكان بدأوا بملاحظة تقدم المستوطنين في المنطقة منذ أربع سنوات، بسبب موقعها الإستراتيجي، مضيفا أنه حصلت انتفاضة شعبية بمشاركة كل السكان، وتمكنوا من نقل المستوطنين إلى خارج المنطقة"، ولكن هذا العام عاد المستوطنون إلى بيتا، وفي غضون ستة أيام فقط نصبوا 40 كرفانا، ورصفوا شارعا يؤدي إلى التل، وأسموا الموقع الأمامي "غيفات إيفاتار".
وفي 9 يونية، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي في إزالة المخفر، مدعيا أنه بُني في ظل حالة أمنية متوترة ودون ترخيص مسبق، ولكن بعد فترة وجيزة، استولى الجيش على الموقع العسكري بنفسه، معلنا جبل صبيح منطقة عسكرية ومنعا للفلسطينيين من العودة إلى أراضيهم.
وقد تبين أن المستوطنين قد عقدوا صفقة مع الحكومة، التي ستجعلهم يتركون قوافلهم على التل إلى أن يهتم بها الجيش، إلى أن تُعلن الأرض ملكا للدولة الإسرائيلية، يمكنهم العودة إليها.
ويمتلك حذيفة وثائق ملكية على مساحة خمسة دونمات من الأرض في جبل صبيح، كما تمكنت خمس عائلات أخرى من بيتا من تقديم وثائق قانونية تثبت ملكيتها للأراضي، فضلا عن عائلات من قريتي قبلان ويطما المجاورتين.
وعلى الرغم من ذلك، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية في 15 أغسطس النظر في استئناف قدمه ملاك الأراضي ضد الموقع، وهو حكم أدانه مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بوصفه سابقا لأوانه، وقدم هذا الاستئناف نيابة عن الفلسطينيين.
وأرجأت المحكمة العليا أي حكم نهائي بشأن مشروعية المخفر واتفاق المستوطنين مع الحكومة إلى أن يتم مسح المنطقة واتخاذ قرار نهائي بشأن إعلانها "أراضي الدولة".
واحتجت بأن من حق ملاك الأراضي أن يستأنفوا على الفور إذا أُعلنت المنطقة أراضي دولة، ولكن وفقا للجنة الاستشارية لن يُنظر في الالتماس إلا بعد اتخاذ قرار بشأن المركز القانوني للإقليم.
والواقع أن المحكمة العليا ردت بالفعل على الطعون بالإهمال التام، وتجاهلت التجاوزات الصارخة التي يرتكبها المستوطنون على الأراضي التي ليس لهم حق فيها، مما يشير إلى أن المحاكم لا ترى أي مسألة قانونية مع إبطالها حرفيا للقانون".
مقاومة إبداعية
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، طور الشباب في بيتا وسائل إبداعية لمقاومة المستوطنين ورصاص الجيش الإسرائيلي في حملة أطلقوا عليها "حالة الارتباك".
وهي مزيج من أساليب المقاومة التقليدية، مثل رمي الحجارة وحرق الإطارات، والتكتيكات الجديدة مثل استخدام الليزر ومكبرات الصوت وأجهزة الإنذار والأصوات الكاذبة من الانفجارات.
فقد نظم المحتجون وغيرهم من المشاركين في حماية الأرض من توسع المستوطنات أنفسهم في مجموعات تعمل في نوبات يومية وليلية، وكل منهم له مهمة خاصة فالمنطقة مكتظة بالسكان باستمرار، ويقوم سكان بيتا برحلات منتظمة إلى هناك.
وقال أحد المتظاهرين لـميدل إيست آي، بشرط عدم الكشف عن هويته "في أيام الجمعة نخرج نحن الشباب ومعنا راميات المقلاع، بينما يخرج المسنون حاملين الأعلام الفلسطينية، ونحن نستخدم أيضا الإطارات المحترقة، والألعاب النارية والبالونات".
وأضاف "نراقب الصحف الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي ونرى ردود فعل المستوطنين، ووجدنا أننا نجحنا في الضغط عليهم وإجبارهم على مغادرة المستوطنة كما شعروا بعدم الأمان في خضم الرفض الشعبي المستمر لوجودهم.
وأوضح "نريد أن نحافظ على بيتا وأراضيها تمكنا من إنزالهم من الجبل عدة مرات، هذه المرة ستكون الأخيرة لن يعودوا أبدا، وبمجرد أن تسترد الأسر أراضيها، ستحتفل المدينة بأكملها وسيكون الأمر أشبه بعرس وطني."
وأخبر ناشط آخر، تحدث أيضا لـميدل إيست آي، بشرط عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام الإسرائيلي "نحن هنا في كل الأوقات للحفاظ على نهج أجدادنا في الحفاظ على أراضينا ومنع الاعتداءات أو المصادرة بأي ثمن، حتى ولو كلفنا ذلك حياتنا وحرياتنا".
وبيتا معروفة بمقاومتها، وقد أجبرت على مواجهة الجيش الإسرائيلي عدة مرات على مر السنين بسبب موقعها الجغرافي، المطلة على الطريق بين نابلس وأريحا.
وأضاف "إن بيتا تقاتل دائما من أجل غزة والأسرى الفلسطينيين، وتقف ضد أي إجراء تتخذه إسرائيل في الضفة الغربية، فنحن نضحي بشهداء وجرحى وأسرى، وهذا لا يخيفنا ولا يمنعنا من الاستمرار".
وتابع "لا تعرف بيتا أي هدوء، فهي تشتعل دوما ويمتنع الجيش الإسرائيلي عن الإغارة عليها لأنه يعلم أنها سوف تدفع ثمنا باهظا في مقابل كل غارة عسكرية".
ورغم مغادرة المستوطنين جبل صبيح، لا تزال المواجهات مستمرة، لكن بوتيرة أبطأ، ويتعهد السكان بعدم التراجع حتى يتم استعادة التل بالكامل.
وقال الناشط "حتى لو تمت إزالة الموقع العسكري واستردينا جبل صبيح، فإن بيتا لن توقف كفاحها حتى تسترد فلسطين كلها. نأمل أن تنتقل تجربة بيتا إلى كل القرى الفلسطينية التي تواجه يوميا بناء المستوطنات".
https://www.middleeasteye.net/news/israel-palestine-beita-became-model-resistance
