لماذا تضغط حكومة الاحتلال على واشنطن من أجل السيسي وابن سلمان؟

- ‎فيعربي ودولي

يضغط مسئولون بحكومة الاحتلال الإسرائيلي على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل الحد من مستوى الانتقادات الأميركية لكل من النظامين المصري (الانقلابي) والسعودي. وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" فإن مسئولين إسرائيلييين حذورا إدارة بايدن من المبالغة في توجيه انتقادات للنظامين في مصر والسعودية؛ خوفا من رد فعل قيادات النظامين بما يضر المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة.

وتوجه إدارة بايدن انتقادات لحكومة الدكتاتور عبدالفتاح السيسي خصوصا فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان والانتهاكات المستمرة التي يمارسها النظام بحق آلاف المصريين في السجون والمعتقلات وتأميم الفضاء العام وتكريس نسخة شمولية من الحكم العسكري الاستبدادي. كما حمّل بايدن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المسئولية المباشرة عن قتل الصحفي جمال خاشقجي في مقر القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية في أكتوبر 2018م.

وتخشى حكومة الاحتلال ــ بحسب تايمز أوف إسرائيل ــ  من أن تفضي الانتقادات الأميركية لكلا النظامين في مصر والسعودية إلى إبعاد النظامين عن المعسكر الأميركي والبحث عن دعم في مكان آخر والتقارب مع خصوم كبار لكل من واشنطن وتل أبيب مثل إيران والصين وروسيا.

المخاوف الإسرائيلية تم نقلها إلى مسئولي الإدارة الأميركية في مناسبات مختلفة، لكنها لم تناقش خلال  الاجتماع الذي جرى مؤخرا بين بايدن ورئيس وزراء حكومة الاحتلال نفتالي بينيت في واشنطن الأسبوع الماضي بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

ويبدو أن ردود الفعل الأميركية مرضية للمسئولين بحكومة الاحتلال الذين يقدرون مواقف واشنطن التي امتعنت عن التصعيد ضد النظامين المصري والسعودي.

ومن أهم الأسباب التي تدفع تل أبيب  للدفاع عن النظامين المصري والسعودي هو أن إسرائيل تنظر إلى كلال النظامين باعتبارهما أضلاع رئيسية في محور الاعتدال العربي الذي تستهدف تل أبيب التحالف معه ضد إيران، ولذلك تؤكد الصحيفة الإسرائيلية أن تل أبيب مارست  أيضا ضغوط على واشنطن من أجل دعم اقتصاد  القاهرة والرياض.

كما ترى إسرائيل في النظام المصري حليفا أمنيا وثيقا منذ اتفاقية كامب ديفيد في مارس 1979م، وحاليا تشهد مستويات التعاون الأمني صعودا كبيرا بشأن قطاع غزة وسيناء. كما تعتبر الرياض حليفا سريا مهما لتل أبيب في مواجهة الأطماع الإيرانية ونفوذ طهران في المنطقة.

 

دور إسرائيل في انقلاب السيسي

وكان رئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو قد أقر بالدور الكبير الذي لعبته حكومته وجهاز الموساد التابع لها في الانقلاب الذي نفذه السيسي في 30 يونيو 2013م، وكيف وضعت حكومة الاحتلال إسقاط حكم الرئيس محمد مرسي والمسار الديمقراطي كله ونسف جميع مكتسبات ثورة يناير كأولوية قصوى على رأس أجندة الحكومة الإسرائيلية، يقول نتنياهو في مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي: «لقد حاولنا مرارا أن نتواصل مع السلطة الحاكمة في مصر عام 2012، ولكننا فوجئنا أن هذه السلطة ترانا كأعداء لها، وأن (إسرائيل) احتل بلد عربي شقيق؛ ولذلك كان لا بد لنا من التخلص من هذه السلطة التي لا تريد سلاما، خصوصا بعدما أعلنه الرئيس مرسي وأوضح لنا نيته في أنه يريد أن يتخلص من دولة (إسرائيل)».

وعبرت الأوساط الإسرائيلية عن فرحتها العارمة بنجاح الانقلاب الذي قاده السيسي ضد الرئيس مرسي في 3 يوليو 2013م، وعدته انقلابا على ثورة يناير والمسار الديمقرطي كله؛ وأبدت حفاوة منقطعة النظير بإجهاض المسار الديمقراطي  وعودة مصر مجددا إلى الحكم العسكري الشمولي. وبات الجنرال عبدالفتاح السيسي ينظر إليه في (إسرائيل) باعتباره بطلا قوميا وعبقريا وزعيما يتمتع برباطة جأش منقطعة النظير؛ بحسب وصف "عمير روبوبورت" المحلل العسكري الإسرائيلي والباحث في معهد "بيجن ــ السادات" للأبحاث الإستراتيجية. والمثير للدهشة في مقال "روبوبورت" في اليوم التالي للانقلاب مباشرة أنه أكد أن ثورة 25يناير مثلت مفاجأة مدوية للأوساط المخابراتية الإسرائيلية على عكس 30 يونيو. في إشارة واضحة إلى أن "تل أبيب" كانت على علم مسبق بكل خطوات الانقلاب قبل تنفيذه. بما يفتح الباب أمام طبيعة هذا الدور ومستواه.

واعتبر معظم قادة الاحتلال أن انقلاب السيسي مثَّل معجزة لإسرائيل وعلى رأسهم عاموس جلعاد الذي ظل على مدى عشر سنوات مسؤولاً عن إدارة ملف العلاقات الإسرائيلية مع مصر، وقاد "لواء الأبحاث" في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" ورأس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الأمن، حيث بالغ بشدة في الإشادة بانقلاب السيسي ووصفه بأكبر معجزة حدثت لإسرائيل في العقود الأخيرة. هذه الإشادة الواسعة من جلعاد انطلقت من تقدير موقف مفاده أن أن ثورة 25 يناير 2011، كانت تحمل في طياتها مصادر تهديد وجودي واستراتيجي على إسرائيل. فقد أظهرت الأدبيات الإسرائيلية التي تناولت ثورة 25 يناير، والتي صدرت عن مراكز التفكير ودور النشر ووسائل الإعلام، بوضوح أن تل أبيب خشيت خصوصاً أن تفضي ثورة 25 يناير إلى تكريس واقع سياسي واجتماعي في مصر يصبح من المستحيل معه الحفاظ على اتفاقية "كامب ديفيد"، التي تعد أحد ركائز الأمن القومي الإسرائيلي.

وفي 30 يونيو 2019 نشرت صحيفة "معاريف" العبرية، تقريرا  احتفت فيه بذكرى الانقلاب السادسة والتي جاءت بعد أيام قليلة من اغتيال الرئيس محمد مرسي أمام إحدى جلسات المحاكمات الهزلية التي تعرض لها، حيث تعرض لوعكة صحية مفاجئة ولم يتم إسعافه على  الفور ما أدى في النهاية إلى وفاته بالإهمال الطبي، وهناك شكوك أن النظام قد حقنه بإحدى المواد القاتلة وقد أفصح الرئيس  مرسي مرارا  أن حياته في  خطر وأنه يتعرض للقتل البطيء لكن ما تسمى بالمحكمة تجاهلت كل استغاثاته.