جرائم “التوك توك” تفضح الانفلات الأمني في عهد الانقلاب

- ‎فيتقارير

انتشرت جرائم التوك توك في شوارع مصر المحروسة بصورة لم يسبق لها مثيل فكل يوم نسمع عن جرائم قتل وسرقة ونهب وخطف أطفال واغتصاب فتيات وتكون الوسيلة المستخدمة هي التوك توك الذي يستغله البعض في تنفيذ تلك الجرائم ما تسبب في حالة من الانفلات الأمني يعاني منها المصريون منذ الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي في العام 2013 بسبب تجاهل داخلية الانقلاب وقوات الأمن دورها في تأمين المواطنين، وتفرغها لمطاردة وملاحقة معارضي السيسي ورافضي انقلابه لاعتقالهم أو تصفيتهم.

كانت محافظات الجمهورية قد شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية مئات الجرائم من قتل واختطاف واغتصاب كان بطلها الرئيسي «التوك توك» بل وتم قتل بعض السائقين خاصة من صغار السن لخطف التوك توك وبيعه.

من أهم جرائم التوك توك التي شهدتها مصر :

في 17 أغسطس الماضي، أبلغ الأهالي قسم شرطة الانقلاب بالمقطم بالعثور على جثة أحد الأشخاص بأحد الطرق الداعمة للطريق الدائري بدائرة القسم، وتبين أن الجثة لسائق "توك توك" مُصاب بجرح في الرقبة ومقيم بدائرة القسم.

كما كشف أهالي قرية سمنود في الغربية عن ملابسات واقعة العثور على جثة سائق «توك توك» بأحد المجاري المائية، وبها كدمات متفرقة بالجسم، ما أدى إلى تحديد وضبط مرتكبي الواقعة وهم 3 أشخاص سائق توكتوك وزوجته وكهربائي سيارات، جميعهم يقيمون بدائرة مركز شرطة المحلة، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكاب الواقعة، إذ أقر الأول بأنه "نظرا لمروره بضائقة مالية هو وزوجته- المتهمة الثالثة- عقدا العزم على سرقة التوك توك الخاص بالمجني عليه وقتله واتفقا مع المتهم الآخر على شراء المركبة محل السرقة مقابل مبلغ مالي، وفـي سبيل تنفيذ مخططهما قاما باستدراج المجني عليه بالمركبة قيادته لمحل الواقعة وألقياه بالمجرى المائي واستوليا على التوك توك الخاص به".

في 14 أغسطس الماضي، أقدم مجهولون علي استدراج سائق «توك توك» في العقد السادس من عمره، وسط الزراعات وقاموا بذبحه بغرض سرقة المركبة التي يعمل عليها، ثم قاموا بالتمثيل بجثته قبل إلقائها في ترعة «عمير»، بقرية «محلة أبو علي»، دائرة مركز المحلة بمحافظة الغربية وتم انتشال الجثة والتحفظ على جثمان السائق لحين تحديد هويته.

وفي 12 أغسطس الماضي، أبلغ الأهالي شرطة الانقلاب بمقتل "هشام" 21 عاما ويعمل سائق توك توك طعنا بسلاح أبيض بمنطقة المقطم، وكشفت التحريات اﻷولية أن المجني عليه كان يعمل سائقا على توك توك، وأثناء فترة عمله استوقفه مجهولون وطلبوا منه الذهاب لمكان خالٍ من المارة، وحاولوا سرقته لكنه منعهم فقاموا بطعنه بسلاح أبيض 3 طعنات في الصدر ما تسبب في مقتله وفروا هاربين.

وفي 8 أغسطس الماضي، عُثر على جثة طفل ملقاة وسط المقابر في أطفيح بمحافظة الجيزة، وأشارت التحريات إلى أن الضحية البالغ من العمر ما يقرب من 11 سنة، يعمل سائق توك توك، وخرج للعمل ثم انقطع الاتصال به، وعقب مرور ما يقرب من 5 ساعات على اختفائه جرى العثور على جثته واختفاء التوك توك الخاص به، حيث كان يعمل لمساعدة أسرته في الإنفاق بعد تعرض والده لإصابة منذ سنوات خلال حادث.

كما عثر الأهالي على جثة سائق توك توك في 13 يونيو الماضي في مركز طهطا بمحافظة سوهاج مصابا بطلق ناري، وكشف الجناة أنهم ارتكبوا الجريمة بهدف سرقة مركبته، واعترف المتهمان أنهما استدرجا المجني عليه وطلبا منه توصيلهما للقرية محل سكنهما، ولدى وصولهم لمكان الواقعة أطلق أحدهما عيارا ناريا من السلاح المضبوط تجاه المجني عليه فأودى بحياته، واستوليا على التوك توك الخاص به.

وفي اليوم ذاته، تم الكشف عن ملابسات العثور على جثة سائق «توك توك» 17 عاما، مقيم دائرة مركز القنطرة غرب بالإسماعيلية بالقرب من مفارق الخمسات دائرة المركز، حيث ارتكب الواقعة عاطل لسرقة التوك توك الخاص بالقتيل، وتعدى عليه بعدة طعنات بالصدر والظهر وإلقائه على جانب الطريق وتخلص من الأداة المستخدمة بإلقائها بالطريق العام.

 

بدون تراخيص

حول أسباب هذه الظاهرة قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي إنه "منذ ظهور التوكتوك في مصر انتشرت الحوادث والجرائم التي تكون هذه المركبة عنصرا أساسيا فيها، منتقدا ‘صرار حكومة الانقلاب على عدم إصدار تراخيص لمركبات التوك توك".

وأكد فرويز في تصريحات صحفية أن "غياب التراخيص يجعل من السهل جدا استخدامه بعد سرقته أو بيعه والتخلص منه بمنتهى السهولة".

وأشار إلى أن "بعض سائقي التوكتوك من الأطفال صغار السن وهذا يدفع المجرمين والبلطجية إلى سرقة التكاتك الخاصة بهم، حيث يطلب السارق من سائق التوك توك إلى الذهاب لأماكن صعب الوصول إليها بالسيارات أو خالية من المواطنين، ويكون من السهل ارتكاب جرائمهم فيها".

واعتبر أن وجود التوك توك في شوارع مصر خطأ جسيم لأنه "لا يحمل أي تراخيص مرورية مشيرا إلى أنه منذ أكثر من 12 عاما على تواجده ارتبط اسمه بالجرائم التي يتم ارتكابها بالشوارع، سواء كان السائقون هم الضحايا أو الجناة، لكن خلال الفترة الأخيرة انقلبت الآية وأصبحوا هم الضحايا بعد أن كانت الجرائم ترتكب بمعرفتهم".

ووجه فرويز سؤالا إلى حكومة الانقلاب لماذا ترفضون ترخيص التوك توك محذرا من الاستمرار في هذه السياسة التي تتسبب في حالة من الفوضى في الشوارع المصرية".

 

غياب التقنين

وقال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية إن "أي سيارة أجرة سواء التاكسي الأبيض أو سائقي أوبر أو التوك توك يتعرض سائقوها لحوادث القتل كما قد تكون هذه السيارات هي العامل المساعد على ارتكاب الجرائم للعصابات والمجرمين، مشيرا إلى أن سائقي هذه المركبات يتعاملون مع أشخاص مجهولة بالنسبة لهم ويجهلون نواياهم".

وأضاف صادق في تصريحات صحفية أن "التوك توك يعمل في الأماكن الشعبية فقط وتستخدمه طبقات معينة من المجتمع، لكن المناطق الراقية والشوارع الرئيسية لا يتواجد بها التوك توك، إلا في حالة السير الممنوع حيث يخترق التوك توك في بعض الأحيان الشوارع الرئيسية في مخالفة للقواعد المرورية".

وشدد على ضرورة تقنين أوضاع التوك توك مؤكدا أن "التقنين سيحد من هذه الجرائم التي تُرتكب وتستغل التوك توك لتنفيذها".

وأشار صادق إلى أن "الجناة يدفعون سائقي التوك توك إلى الدخول في أماكن بعيدة خالية من المواطنين لارتكاب جرائمهم بسهولة، مشددا على ضرورة العمل من أجل القضاء على الظواهر السلبية سريعا وأن تقوم الأجهزة المعنية بدورها في هذا الصدد".