“واشنطن بوست”: إستراتيجية السيسي لحقوق الإنسان تورط إدارة بايدن في مواجهة مع الكونجرس

- ‎فيأخبار

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا سلطت خلاله الضوء على الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري معتبرة أنها "تدفع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في مواجهة جامحة مع الكونجرس".

وقال التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة"، إن "هذه الإستراتيجية لا يمكن أن تمحي سخافة المشهد، بالنظر إلى عهد الإرهاب الذي أسسه على مدى السنوات الثماني الماضية، فالسيسي لم يستولِ على السلطة بالقوة فقط بل أنهى التحول الديمقراطي الهش في مصر، كما قام بسجن عشرات الآلاف من المعارضين، وفرض سيطرة الدولة الأورويلية على وسائل الإعلام، وأعاد كتابة الدستور لتمديد سلطاته وولاياته الرئاسية، ونزع أحشاء استقلال منظمات المجتمع المدني – وخاصة تلك التي تعمل في حماية حقوق الإنسان".

وأضاف أنه "كان يمكن للمرء أن يأمل في أن يكون النظام، الذي يشعر بقدر أكبر من الأمان في قبضته على السلطة، على استعداد لمعالجة التحديات المزمنة لحقوق الإنسان في مصر، حتى لو كان ذلك وفق شروطه وحسب وتيرته الخاصة، وتتطلب معالجة هذه القضايا العميقة الجذور تعاون النظام، وليس مجرد الضغط عليه، والرغبة في صياغة إستراتيجية للتعامل مع هذه التحديات – التدريجية والبطيئة كما يمكن أن تكون هذه العملية – كانت فعلا أخبارا سارة تستحق المشاركة والتحقيق".

وأوضح التقرير أن "دراسة إستراتيجيته لحقوق الإنسان تبدد هذه الآمال بسرعة، وكما تشير ميشيل دن من معهد كارنيجي للسلام الدولي، فإن الإستراتيجية لا تعترف بوجود مشكلة خطيرة تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان في مصر، بل على العكس من ذلك، يثني السيسي على ما يسمى بإنجازاته التنفيذية والتشريعية والمؤسسية في تحسين حقوق الإنسان، مضيفة أن الإستراتيجية مبنية بشكل عام على أساس الإنكار، متسائلة، من المسئول إذن عن أزمة حقوق الإنسان الفظيعة في مصر؟ ".

بدوره قال الحقوقي بهي الدين حسن، الذي يواجه حكما بالسجن لمدة 15 عاما، إن "الوثيقة تُحمّل المواطنين المصريين والأحزاب السياسية مسؤولية الأزمة الحادة لحقوق الإنسان، وتلقي الإستراتيجية باللائمة مرارا على الافتقار إلى ثقافة حقوق الإنسان وسوء التعليم والفشل في المشاركة في العملية السياسية، ولا تعترف مرة واحدة بمسؤولية أجهزتها الأمنية السيئة السمعة، وما ينم عن كثير أنه بعد أيام فقط من نشر هذه الإستراتيجية، أعلن السيسي خطة لافتتاح أكبر مجمع سجون في مصر".

وأشار التقرير إلى أنه "من الصعب أن نرى هذه الإستراتيجية كأي شيء آخر غير حيلة، تم تصميمها وتنسيقها من قبل دبلوماسيي النظام لإبعاد الانتقادات الأجنبية، وقبل كل شيء، إضفاء الشرعية على انخراط الرئيس بايدن مع الدكتاتور المفضل للرئيس السابق دونالد ترامب".

ولكن يبدو أن الحكومة الأمريكية مستمتعة بهذه التمثيلية، كما أشار إلى ذلك الاجتماع الأخير لوزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن مع نظيره المصري، والذي وضع فيه حدا لتوقعات حقوق الإنسان على أنه تنفيذ تدابير في الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقتها حكومة السيسي، والواقع أن هذه المغامرة ناجحة، لقد أصبح برنامج مصر الذي لم يكن متوافقا مع الواقع أساسا للمفاوضات الثنائية حول حماية حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية.

ولفت التقرير إلى أن "يأس إدارة بايدن من إشارة إيجابية من القاهرة أمر مفهوم، فمصر تساعد في القضايا الإقليمية، وخاصة في إدارة العلاقات بين إسرائيل وحماس في غزة، وتستمر وكالات الأمن القومي الأمريكية في تحقيق فوائد إستراتيجية من خلال التعاون مع نظيراتها المصرية، ومصر لها أصدقاء أقوياء لهم تأثير في واشنطن، الإماراتيون والسعوديون والإسرائيليون وصناعة الأسلحة في الولايات المتحدة، التي تقدر قيمة السوق التي أنشأها برنامجها الكبير لمساعدة الجيش المصري".

فضلا عن ذلك، يبدو أن لا أحد قادر على اقتراح بديل جدير بالثقة عن النظام الاستبدادي في القاهرة، أو على استعداد للتفكير في العودة إلى الاضطرابات التي اندلعت بين عامي 2011 و 2014، في سياق إستراتيجي حيث تحتل الصين المركز الرئيسي في قائمة الأولويات، لا يمكن تكريس قدر كبير من الاهتمام أو الطاقة لإقامة شراكة مستقرة، ولو كانت إشكالية، وبين وعوده الانتخابية وهذه الحقائق، فإن أفضل فرصة أمام بايدن تتمثل في أن تمنحه القاهرة حافة ليقف عليها بينما يدير انتقادات الديمقراطيين في الكونغرس لمشاركته مع النظام الوحشي في مصر.

ونوه التقرير إلى أن "إستراتيجية السيسي هي مطاردة جامحة لن تسفر إلا عن نتائج قليلة وستترك بايدن عرضة لانتقادات الكونغرس عندما يحدث الانتهاك الخطير التالي لحقوق الإنسان حتما، وقد ضخت الولايات المتحدة بالفعل أكثر من مليار دولار في هيئة مساعدات عسكرية لمصر وعرضت على قادتها 170 مليون دولار إضافية من أصل 300 مليون دولار التي اشترطها الكونغرس على معايير حقوق الإنسان، هذا يكفي أكثر لشراء التعاون الإستراتيجي المفترض لمصر، وفي نهاية المطاف، فإن معظم فوائد هذا التعاون هي السياسات التي يهتم النظام بالحفاظ عليها، بإمكان الإدارة الأمريكية العمل مع مصر بشأن هذه القضايا، في حين تربط الأموال التي حددها الكونجرس وفقا للمعايير، بإجراء تحسينات حقيقية في سلوكها في مجال حقوق الإنسان، وبتكلفة أقل من الطاقة والوقت".

واختتم التقرير "إذا لم يكن النظام مهتما ب 300 مليون دولار التي ترميها الولايات المتحدة على طغاتها بما يكفي للتفكير في تغيير المسار، يمكن للحكومة الأمريكية أن تجد استخداما أفضل لهذه الأموال، مثل منح الشباب المصريين فرصة لدراسة حقوق الإنسان والاقتصاد والإصلاح المؤسسي؛ تمويل أعمال منظمات حقوق الإنسان؛ ودعم الجهود المبذولة لإطلاق سراح السجناء السياسيين ومساعدة أسرهم من شأنه أن يقدم مساهمات أفضل لمستقبل مصر ولعلاقاتها مع الولايات المتحدة".

 

https://www.washingtonpost.com/opinions/2021/10/07/egypt-human-rights-strategy-sissi-biden-wild-goose-chase/