ورقة بحثية: مؤشرات وأدلة تكشف حماية المنقلب لعصابة مبارك

- ‎فيتقارير

قالت ورقة بحثية بعنوان "رفع التحفظ على أموال مبارك وأسرته.. أبعاد القرار ورسائله ودلالاته" إن "السيسي يحمي عصابة مبارك".

وبرصد الإجراءات التي قام بها المجلس العسكري ثم عبدالفتاح السيسي في أعقاب انقلابه في يوليو 2013م تبرهن على أن المؤسسة العسكرية كانت حريصة كل الحرص على حماية مبارك وأركان شلته، وذلك التزاما بالاتفاق الذي جرى في فبراير 2011م، بين مبارك والمجلس العسكري، ويقضي بتنحي مبارك عن السلطة لتهدئة الرأي العام والشعب الثائر مقابل حمايته وأسرته من المساءلة وعدم المساس بأمواله وثرواته.

الكسب غير المشروع
ودللت الورقة، التي أصدرها موقع "الشارع السياسي"، على صحة ما ذهبت إليه من خلال عدة أسباب أولها في قضية الكسب غير المشروع التي اتُهم فيها مبارك ونجلاه تم فتحها في عهد المجلس العسكري، وتولى التحقيق فيها النائب العام الذي عينه مبارك نفسه “عبدالمجيد محمود” ورغم أن القضية واكبتها تحركات واسعة على محاور دبلوماسية لاستعادة أموال مبارك وأسرته من الخارج، لكن كل تلك الجهود باءت بالفشل؛  لأن جهات التحقيق تعمدت طمس الأدلة وإخفاء الحقائق وفق مخططات البراءة للجميع التي بدأت بمجرد الشروع في المحاكمات الشكلية لمبارك وأركان نظامه.
وأوضحت الورقة أنه "عندما وصل الرئيس الشهيد محمد مرسي إلى الحكم تم تكوين لجنة لهذا الغرض، لكن بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013، ثم انتهاء عهد المطالبة بمطالب وأهداف الثورة باغتصاب السيسي للسلطة، وجرى تجميد هذه الجهود، واكتفى نظام السيسي باستخدامها للضغط على علاء وجمال مبارك ومنعهما من العمل السياسي والظهور الإعلامي، كأداة تخويف ومنع من إعادة إنتاج نظام مبارك بشخوصه القديمة".

التصالح مع العصابة

وأضافت أن "السيسي أصدر في أغسطس 2015 قانونا يمكِّن رموز نظام مبارك من التصالح المالي في جرائم الكسب غير المشروع، لكن مبارك لم يستفد من ذلك، نظرا لعدم تقديم تقارير الخبراء بشأن ثروته هو ونجلاه حتى اليوم؛ ما يؤكد غياب الإرادة السياسية سواء للتصالح معهم أو حتى معاقبتهم، لينتج هذا الوضع الممسوخ، الذي كانت قضية “التلاعب بالبورصة” دليلا حيا عليه، بإبقاء أسرة مبارك تحت الحصار دونما عقاب أو تمكين بالعودة لآجال طويلة، ولم يُعرف عن نظام السيسي الهمة والنشاط في استرداد أموال مصر التي نهبها مبارك وحاشيته كما يفعل في السطو على أموال الشرفاء والمخلصين من رجال الأعمال والمعارضين؛ وهو ما أدى إلى قرار محكمة العدل الأوروبية في ديسمبر 2020 إلغاء العقوبات المفروضة على الرئيس الأسبق حسني مبارك وأفراد أسرته بشأن تجميد أموالهم، وهو ما يفتح الباب أمام آل مبارك لاسترداد 300 مليون دولار من البنوك السويسرية والتي تم تجميدها عقب ثورة 25 يناير 2011.

القصور الرئاسية
وأشارت إلى أن "سلطات 3 يوليو لم تكلف نفسها تقديم ما يثبت إدانة مبارك في قضايا فساد مالي للمحكمة الأوروبية، منها حكم بات ونهائي من محكمة النقض، أعلى محكمة في مصر، يدينه في قضية القصور الرئاسية الشهيرة، وبالتالي ضيعت على البلاد استرداد 300 مليون دولار للخزانة العامة للدولة التي تعاني من عجز ضخم، ولم تبذل اللجنة المكلفة باسترداد أموال مصر المنهوبة في الخارج جهدا لإثبات أن الأموال المودعة في البنوك السويسرية والبريطانية وغيرها من البنوك الأوروبية هي نتاج أعمال غير مشروعة.
ولفتت الورقة إلى قضية "القصور الرئاسية" هي البرهان الساطع على حماية المجلس العسكري ومن بعده السيسي لمبارك وعصابته؛ فهي القضية الوحيدة التي حكم فيها على الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك؛ وكانت محكمة النقض قضت في (يناير 2016) بتأييد حكم الجنايات الصادر(في مايو 2015) بالسجن المشدد 3 سنوات لمبارك ونجليه وتغريمهم متضامنين مبلغ 125 مليون و779 ألف جنيه، وإلزامهم متضامنين برد 21 مليون و197 ألف، وذلك إثر إدانتهم بالاستيلاء على 125 مليون جنيه من ميزانية مؤسسة رئاسة الجمهورية والتزوير في محررات رسمية، فلماذا  أُدين مبارك في هذه القضية دون غيرها  من القضايا الأخرى التي كان متهما فيها؟  لذلك قصة عجيبة تحمل الكثير من الدلالات والمعاني.

وفي 13 يونيو 2011، أصدرت اللجنة  القضائية التي تشكلت  بالقرار رقم 5841 لسنة 2011 من المستشار محمد عبدالعزيز الجندي، وزير العدل الأسبق والتي كلفها بحصر كافة أموال ومحتويات ومقتنيات القصور الرئاسية، وقد انتهى تقرير اللجنة إلى عدم  وجود عجز سواء في الأموال أو المقتنيات أو العهدة الخاصة بالقصور الرئاسية، لكن النائب العام طلعت عبد الله الذي تم تعيينه بقرار من الرئيس محمد مرسي، لم يطمئن إلى عمل هذه اللجنة، وكلف فريقا من أعضاء النيابة للتحقيق في المخالفات المالية التي تمت في أموال القصور الرئاسية خلال فترة حكم مبارك، وانتهت التحقيقات إلى أنه يوجد عجز في أموال القصور الرئاسية بلغ 126 مليون جنيه استولى عليها مبارك ونجلاه؛ حيث جاء الحكم في القضية موافقا ومؤيدا لما انتهى إليه النائب العام المستشار طلعت عبد الله ورفاقه".

نهب أموال الإخوان
واستعرضت الورقة كيف أن "السيسي مقابل التراخي في هذا جانب مبارك وأسرته والعصابة كان مُصرا على سرقة أموال قيادات بالإخوان المسلمين ضاربا عرض الحائط بالضمانات الدستورية والقانونية التي تمنع مصادرة أموال المواطنين إلا بناء على أحكام  قضائية نهائية وباتة، وكانت البداية بقرار ماتسمى بمحكمة القاهرة للأمور المستعجلة في 23 سبتمبر 2013 بحظر جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها؛ وهو القرار  الذي وُصف بغير القانوني لأنه صدر من جهة  غير مختصة؛  فمسألة حظر الجماعة ومصادرة أموالها، أو حل حزب الحرية والعدالة من صلاحيات القضاء الإداري ولجنة شئون الأحزاب وليس من صلاحيات محكمة الأمور المستعجلة،
ولفتت إلى أنه رغم أن المصادرة مخالفة دستورية ويمنع القانون الخاص بها المتضررين من الطعن على قرار ضم الأموال بأي صورة، حتى أمام محكمة النقض، ما يعبر عن بلوغ التنكيل بجماعة الإخوان ومؤيديها ذروته، فالمادة 40 من الدستور  تنص على أن "المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي".

الاستيلاء على الأموال

واسترشدت الورقة بما حدث مع صفوان ثابت دليلا على نهب السيسي "أموال رجال أعمال شرفاء والسطو على شركاتهم العملاقة التي بنوها من كدهم وعرقهم ولم يُعرف عنهم أي تهرب ضريبي أو تكوين ثرواتهم عبر أنشطة مشبوهة و غير مشروعة أو سوء استخدام السلطة، وقد دانت منظمة العفو الدولة احتجاز صفوان ثابت ونجله في ظروف ترقى إلى التعذيب والضغط عليهما من أجل التنازل عن شركة جهينة كبرى شركات الألبان في مصر والعالم العربي".
واستولى نظام السيسي على جميع فروع شركة “التوحيد والنور” المملوكة لرجل الأعمال سيد السويركي المعتقل أيضا منذ ديسمبر 2020م.

ثروة مبارك
واهتمت الورقة بتوضيح "حجم وقيمة أموال مبارك،  لكن بعض التقارير التي صدرت في فبراير 2011، بعد أيام من تنحي مبارك عن السلطة التي قضى فيها 30 عاما، دارت حول الرقم 14 مليار دولار، بينما وصلت تقارير أخرى بالرقم إلى 40 مليار دولار، وفق ما نقله موقع دويتش فيله الألماني، نقلا عن دانييل تيليسكلاف مدير معهد بازل السويسري للحوكمة، وعضو مجلس إدارة منظمة الشفافية الدولية".

وذهبت صحيفة الجارديان البريطانية، إلى أبعد من ذلك وقالت في تقرير نشرته في 4 فبراير 2011، بالقول إن "ثروة عائلة مبارك يمكن أن تصل إلى ما نحو 70 مليار دولار".
وفي 20 يونيو 2013 أوضح محمود الحفناوي المحامي بمكتب النائب العام أن التحقيقات أظهرت أن “الأموال السائلة الخاصة بحسني مبارك وزوجته ونجليه وزوجتيهما داخل مصر بخلاف الأموال المهربة،  تبلغ 3 مليارات جنيه نقدا، كما تبلغ قيمة ممتلكاتهم من الأسهم في العديد من الشركات نحو 5 مليارات جنيه، بينما تقدر ثرواتهم العقارية بنحو مليار جنيه”، معنى ذلك أن ثروة آل مبارك داخل مصر فقط كانت تبلغ نحو 9 مليارات جنيه بخلاف الأموال المهربة التي لا يعلم أحد على وجه اليقين كم حجمها.

وجمّدت سويسرا أموالا وأصولا مملوكة لأسرة مبارك وبعض المقربين قيمتها 570 مليون فرنك سويسري (529 مليون يورو) منذ عام 2011، لكن في عام 2017 قالت وزارة الخارجية السويسرية إنها "ألغت تجميد تلك الأموال، مستدركة أن القرار لا يعني الإفراج عن هذه الأموال، حيث لا تزال محتجزة في إطار إجراءات جنائية سويسرية يجريها النائب العام السويسري لتحديد ما إذا كانت تلك الأموال ذات أصل مشروع أم لا، حتى جرى الإفراج عنها مؤخرا من جانب الاتحاد الأوروبي بسبب فشل نظام السيسي في تقديم الأدلة التي تدين مبارك وعصابته وتؤكد أن هذه الأموال من مصادر غير مشروعة".

مسلسل البراءة
وأشارت الورقة إلى أن "مسلسل البراءة لمبارك وجميع رجال عهده إنما كانت خطة ممنهجة أشرفت عليها المؤسسة العسكرية ونفذتها الدولة العميقة في الجهاز القضائي وباقي أجهزة الدولية الرقابية والأمنية، والتي فضلت طمس الأدلة وإخفاء الحقائق لحماية رجال عهد مبارك باعتبارهم أعضاء بارزين في كيان الدولة العميقة التي كانت ـ ولا تزال ـ تحكم مصر فعليا وتهيمن على جميع مفاصل الدولة حتى بعد  الإطاحة بمبارك، في ضوء  هذه الحقائق يمكن فهم أبعاد قرار منع الحظر والتصرف في أموال مبارك وأسرته فهم جزء من العصابة التي تستظل بحماية المؤسسة العسكرية وأركان الدولة العميقة."

وأكدت تعمد السيسي حماية مبارك ونجليه وعصابته؛ وضيَّع على مصر استراداد مليارات الدولارات، والاستفادة من هذا المبلغ الضخم في بناء مئات المدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه. فلم يستجب النظام لمطالب الحكومة السويسرية البسيطة والمتكررة والتي اشترطت ما يثبت تقديم أن هذه الأموال ليست ملكا لمبارك، وأنها ناتجة عن أنشطة غير مشروعة، أو تم الحصول عليها بطريقة غير قانونية، وأنها تخص الشعب المصري وليس غيره".

https://politicalstreet.org/4461/?fbclid=IwAR0cl5rZCK2Yd45aUtKR2BKC1mcX6kiT-7jM_ItinzsHS0DjPDxet6APZJ8