رغم التحديات الملاحية التي تواجهها قناة السويس كممر مائي، وسط تزايد البدائل والطرق الملاحية والتجارية المنافسة لها، تتعرض القناة لأكبر التحديات المتمثلة في الإدارة العسكرية للممر الملاحي الأهم في العالم، بتزايد الفساد الإداري والتخبط في تقديرات الرسوم وغيرها من السياسات العشوائية التخريبية، كإنفاق المليارات على مشاريع غير ذات جدوى بالنسبة للقناة.
وعلى شاكلة الفساد بقناة السويس ، جاء ميناء الإسكندرية، كثالث الموانئ فسادا في العالم، لتوصم مصر بالدولة الأكثر فسادا، وتتحول لبيئة طاردة للتجارة وخطوط الملاحة وخطوط الاتصالات والتكنولوجيا، والتي غادر كثير منها الأراضي والمياه المصرية إلى الأراضي المحتلة والأراضي السعودية والإماراتية بعيدا عن مصر، كما حصل مؤخرا مع كابل الإنترنت الدولي التابع لشركة جوجل العالمية ، الذي غادر الأراضي المصرية ليمر عبر إسرائيل والسعودية.
تلك الحالة، رصد جزءا منها تقرير دولي ملاحي، استعرض الفساد المالي والإداري الذي يتفشى في بعض الموانئ والممرات الملاحية ، ويسبب الكثير من الإشكالات للممرات، أقلها هو الانصراف التجاري بعيدا عن المرور بها، والبحث عن طرق بديلة.
حيث أصدرت شبكة مكافحة الفساد البحري (MACN) تقريرا مفصلا عن وقائع الفساد في قطاع النقل البحري، وقال التقرير إن "قناة السويس تصدرت قائمة أكثر الممرات الملاحية فسادا وطلبا للرشوة".
ويمر نحو 30% من حاويات الشحن في العالم ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا.
وأعلنت الشبكة أن قناة السويس في مصر “تصدرت قائمة أكثر الممرات الملاحية فسادا بواقع 1793 حادثة فساد”.
وأوضحت أن ميناء جاكرتا بإندونيسيا جاء في المرتبة الثانية بتسجيله 1462 حادثة فساد، وجاء ميناء الإسكندرية بمصر في المركز الثالث بالإبلاغ عن 993 واقعة فساد.
وبحسب التقرير، فقد تنوعت قائع الفساد والرشى بين طلب المسؤولين في الممرات الملاحية قباطنة وعاملين آخرين علب سجائر أو زجاجات كحول ونقودا على سبيل الرشوة.
والأخطر أنه بسبب هذا الفساد والرشى، قد يتأخر عبور السفن في حال عدم تلبية هذه الطلبات.
وقالت سيسيليا مولر توربراند الرئيس التنفيذي لشبكة MACN “إن تكلفة الرشى وطلبات الفساد وتداعيات رفضها عالية ولها عواقب وخيمة على الصناعة والتجارة".
وأضافت أنه “في الوقت الذي تتعرض فيه سلاسل التوريد والاقتصادات لضغوط متزايدة ، يكون للفساد تأثير حقيقي على التجارة وسبل العيش في البر والبحر”.
وتابعت “لا يُقصد من البيانات أن تكون بمثابة دليل أو أن تحل محل إنفاذ القانون، مشيرة إلى أن العديد من الدول أطلقت إجراءات وفتحت تحقيقات لاكتشاف الثغرات وتدريب مسؤولي الموانئ على النزاهة وتحسين الإدارة".
وأوضحت الشبكة أن هذه البيانات والمعلومات تم جمعها على مدار أكثر من 10 سنوات ، تلقت خلالها بلاغات تنطوي على رشى ووقائع فساد في موانئ العالم.
وذكرت الشبكة في تقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني، الثلاثاء، أنها تلقت ما يقارب 50 ألف واقعة فساد في أكثر من ألف ميناء في 149 دولة خلال الفترة الواقعة بين عامَي 2011 و2020.
وتعتبر شبكة مكافحة الفساد البحرية (MACN) شبكة أعمال عالمية ومبادرة جماعية تأسست عام 2011 بهدف القضاء على الفساد في الصناعة البحرية وتعزيز التجارة الشاملة.
وتوفر الشبكة منتدى فريدا للشركات للمساهمة في القضاء على الممارسات الفاسدة في الصناعة البحرية والنقل البحري.
وتتمتع بصوت قوي في مجال الصناعات البحرية وتلعب دورا رئيسيا في النقل البحري، حسبما جاء في موقعها الإلكتروني.
ونجحت الشبكة في معالجة مخاطر الفساد من خلال إجراءات خاصة بكل بلد في مواقع متنوعة مثل نيجيريا وإندونيسيا ومصر والهند وأوكرانيا والأرجنتين.
وعلى الرغم من سيطرة القوات المسلحة على قناة السويس والموانئ المصرية ، إلا أن مؤشرات الفساد تتزايد في تلك المؤسسات بصورة كبيرة، دفعت قناة السويس للاستدانة من البنوك لسداد قروض وديون مالية، على الرغم من تعهدات السيسي السابقة بأن تحقق قناة السويس طفرة مالية واقتصادية بعدما تكلفت عملية توسيع تفريعتها الثالثة نحو 100 مليار جنيه مصري، لم تجن منها مصر أي تأثير يذكر حاليا، بسبب تراجع حركة التجارة العالمية وتعدد الطرق البديلة لقناة السويس، كطريق الشمال بين روسيا والصين، وطريق الملاحة البرية المار من باكستان إلى الإمارات وإيران وتركيا، ناهيك عن الخط الملاحي الجديد لنقل النفط الخليجي عبر ميناء إيلات الصهيوني إلى عسقلان على البحر المتوسط بعيدا عن قناة السويس وغيرها من الطرق الأقل كلفة اقتصادية وأمنية ، بعيدا عن مصر التي تواجه تحديات جمة على صعيد التجارة العالمية ، إثر الفساد والمخاوف الأمنية والرشى المتحكمة في تسيير حياة المصريين في ظل الحكم العسكري.
