مع بدء المرحلة الثانية لانتخابات مجلس نواب السيسي وبدء تصويت المصريين فى الخارج أمس واليوم ومع تزايد الخروقات التى تشهدها هذه المرحلة طالب بعض المراقبين والسياسيين بإلغاء الانتخابات بالكامل ووضع قواعد واجراءات جديدة لضمان نزاهة اى انتخابات مقبلة مع تلاشى أعمال التزوير وتسويد بطاقات التصويت ومخالفات الفرز ومجاملة لجان الانتخابات مرشحى أحزاب الموالاة على حساب مرشحى المعارضة أو غير المرغوب فيهم من جانب حكومة الانقلاب .
وقال المراقبون إن الغاء الانتخابات فى 19 دائرة غير كافٍ تماما، مؤكدين أن أغلب اللجان شهدت أعمال تزوير بجانب انتشار أعمال الحشد والمال السياسي وكراتين المواد الغذائية وبالتالى لا بد من الغاء الانتخابات بالكامل .
كانت المرحلة الأولى من انتخابات مجلس نواب السيسي قد أثارت جدلا واسعا واتهامات بالتزوير، وتفاقمت الشكوك أكثر بعد تدخل قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي ومطالبته بإعادة النظر في العملية الانتخابية إضافة إلى بيانات حزبية تستنكر ما يحدث من عبث، ما وضع العملية الانتخابية في مرمى الإلغاء المحتمل.
تدخل السيسي دفع حازم بدوي، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، للاعتراف بحدوث مخالفات، زاعما أن الهيئة لن تتردد فى اتخاذ القرار الصحيح حتى لو وصل الأمر إلى إلغاء الانتخابات .
كما اعترف بدوي فى تصريحات صحفية بأن الهيئة ليست بعيدة عمّا دار من تجاوزات، بل إنها تعمل على مراجعة كل ما ورد من شكاوى وتظلمات .
وأشار إلى واقعة الإسكندرية، التي أثارت ضجة واسعة، حيث قام أحد رؤساء اللجان الفرعية بفتح الصندوق وبدء الفرز قبل الموعد القانوني، ما دفع اللجنة العامة إلى إبطال أصوات اللجنة بالكامل.
غضب شعبي
فى هذا السياق طالب عماد جاد نائب رئيس تحرير الأهرام الاستراتيجي السيسي بإلغاء الانتخابات برمتها وإعادتها من جديد، مؤكدًا أن هذا الإلغاء فى صالح أمن مصر واستقرارها.
وأكد جاد فى تصريحات صحفية أن الوضع الحالي يستلزم إلغاء الانتخابات برمتها وإفساح المجال لوضع بنية قانونية جديدة لتنظيم مختلف مكونات الحياة السياسية في البلاد.
وأوضح أن التجاوزات التي شهدتها العملية الانتخابية الأخيرة أدت إلى تراشق بين الأجهزة القضائية وغضب شعبي واسع، مشيرًا إلى تسريبات من المشرفين على اللجان تُظهر وصول تعليمات مخالفة للقانون.
وحذر جاد من أن أي حلول جزئية أو ترقيعية ستعيد البلاد إلى سيناريو ما بعد انتخابات 2010، حيث كانت الانتخابات مُهندسة لصالح بعض القوى، معتبرًا أن تكرار نفس الأساليب اليوم عبر وجوه سياسية مشابهة وبدون خبرة كافية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة.
وشدد على أن المخرج الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار وتجنب غضب شعبي جديد يكمن في إلغاء نتائج انتخابات مجلسى الشيوخ والنواب الأخيرة وإعادة البناء على أسس سليمة، لافتا إلى أن مجموعة الفساد وتعالي بعض الأطراف على الشعب وتزييف الانتخابات تهدف فقط إلى مصالحها الضيقة، وقد تتخلى عن البلاد في حال تدهور الوضع السياسي أو الاقتصادي.
قرار منقوص
واعتبر محمد الجارحي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بشأن المرحلة الأولى من الانتخابات قرار منقوص ويختزل ما جرى في الحياة السياسية خلال الأشهر الأخيرة في بنود محدودة ودوائر قليلة.
وقال الجارحى فى تصريحات صحفية : القرار لم يُعالج الجوهر، مشيرًا إلى أن إعادة الانتخابات بالكامل ستكون الحل الأمثل لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية.
وكشف أن النظام الانتخابي الحالي يؤدي إلى تعيين نصف مقاعد البرلمان تقريبًا من خلال القوائم، مشيرًا إلى أن القائمة الوحيدة المتاحة في مصر لا توفر أي منافسة حقيقية، ما يحرم الناخبين من الاختيار الحر ويحد من تمثيل إرادتهم. في المقابل واجه مرشحي الفردي تجاوزات قبل بدء التصويت، منها حجز أرقامهم ورموزهم الانتخابية للأحزاب أو المرشحين المرتبطين بدولة العسكر وأجهزة أمن الانقلاب، ومنع غيرهم من المنافسة، إضافة إلى استبعاد عدد من المرشحين دون وجود ضمانات واضحة وعلنية لنزاهة الانتخابات.
وأشار الجارحى إلى أن فقدان الثقة في نزاهة العملية الانتخابية تسبب في عزوف مرشحين حقيقيين عن الترشح، منتقدا انتشار ظاهرة شراء المقاعد أو الكراسي الانتخابية، حيث يدخل المرشحون القوائم دون القيام بأي دعاية حقيقية، ويستفيد رجال الأعمال وأبناؤهم من حصص القوائم المخصصة للنساء والأقباط وذوي الإعاقة اضافة إلى نقل مرشحين إلى دوائر لا تربطهم بها أي علاقة، لمجرد تسكينهم، وهو ما يعد إخلالًا بحق أهالى هذه الدوائر في تمثيل أنفسهم.
مسكنات
وأكد أن هذه الخروقات لم تقتصر على انتخابات نواب السيسي، بل شملت أيضًا انتخابات مجلس "البهاليل" أو الشيوخ دون أي معالجة أو مساءلة، معتبرا أن ما صدر عن هيئة الانتخابات كان مجرد مسكنات، وأن العملية الانتخابية بحاجة إلى إعادة نظر شاملة.
وشدد الجارحي على أن غياب انتخابات المحليات منذ عام 2013 أثر سلبًا على بناء قيادات حقيقية، مشيرًا إلى أنها كانت وما زالت الطريق لتكوين نواب حقيقيين يمثلون المواطنين، بعيدًا عن تمثيل صوت واحد فقط، لافتا إلى ان ضعف أداء برلمان الانقلاب خلال السنوات العشر الماضية يعكس هذه الثغرات في العملية الديمقراطية.
غياب الحياد
وقالت المحامية والحقوقية سوزان ندى إن الهيئة الوطنية للانتخابات أظهرت افتقادًا واضحًا للحياد في عدد كبير من اللجان الانتخابية.
وكشفت سوزان ندى فى تصريحات صحفية أن أبرز مظاهر الخلل بدأت من إلغاء ترشح عدد من المرشحين لأسباب غير واضحة أو غريبة، مثل عدم الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية أو استمرار الاحتياطيين في قوائم التجنيد، وأحيانًا استهداف بعض النواب باتهامات غير دقيقة بتعاطي مواد مخدرة.
ولفتت إلى أن توجيهات السيسي بشأن ضرورة الحياد والشفافية، الصادرة عن رأس السلطة التنفيذية، أثارت تساؤلات حول استقلالية اللجنة القضائية وقدرتها على إدارة العملية الانتخابية بحرية وحياد.
واعتبرت سوزان ندى أن إعادة الانتخابات سيعطى أملا في تعزيز الشفافية، واتخاذ إجراءات حقيقية لضمان نزاهة العملية الانتخابية، ومنع تكرار التجاوزات السابقة، مثل مراقبة حجم الإنفاق الانتخابي ومنع استغلال احتياجات المواطنين لشراء أصواتهم، وهو ما وصل في بعض الدوائر إلى تسعيرة صوت تتراوح بين 200 و500 جنيه أو سلع أساسية، مؤكدة أنه أمر مشين للمواطن ولدولة العسكر على حد سواء، ويجب محاسبة المسئولين عن هذه الأفعال لضمان عدم تكرارها .
