في مسألة التعدد [3] «زواج الجبناء!!»

- ‎فيمقالات

بما أن التعدد قد صار محرّمًا فى نظر الزوجات، فقد لجأ الأزواج إلى طُرق وأساليب خفية للتعدد أسميناها «زواج الجبناء»، وهو لجوء الزوج إلى «الزواج العرفى»، أو «زواج المسيار»؛ كى لا تعلم زوجته الأولى شيئًا عن (عملته السودا) كما يسمينها!! ورغم صحة هذين النوعين من الزواج من حيث الشكل، فإن طريقة تنفيذهما هذه الأيام لا تستوفى الشروط التى تحدث عنها العلماء؛ وهذا ما يدخل إليهما الفساد، ويجعلهما مكروهين رغم إباحتهما. فالإرهاب المسلّط على الزوج من قِبل الزوجة الأولى، أدخل فى نفسه الجُبن، فامتنع عن إعلان زواجه الثانى، وهو ما يفقده ركنًا مهمًّا من أركان الزواج، فوق أنه مشين بحق المرأة (الزوجة الثانية) وكرامتها، فإنهما يختلسان الساعات النهارية، اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية، ويطلقان عليها خطأ زواجًا، والزواج الشرعى برىء مما يفعله مثل هذين الزوجين، فإن الزواج الحقيقى معلن، والزوجان معروفان للجيران، مقيمان بينهم، لهما بيتٌ وأولادٌ وقرابة، أما من يختلسان اللقاءات وحياتهما مغلَّفة بالخوف، فإنهما كمن يرتكبون حرامًا، يتخفون به عن أعين الآخرين.

إن الزوجة التى تغفر لزوجها الخطأ والفاحشة مع أخريات، ولا تسمح له بالزواج من أخرى، أخطأت مرتين: مرة عندما حلَّلت الحرام، والمرة الأخرى عندما هدمت الثقة التى بينها وبين زوجها، بملاحقته ومراقبته وتهديده إن أراد أن يتزوج بأخرى، فهو يلجأ إلى التحايل والخداع، ولِمَ لا يفعل ذلك والطرف الآخر قد فعل أكثر من ذلك؛ بامتناعها عن الاعتراف بشرع الله وتغليب مصلحتها على مصلحة المجتمع؟! «لا سرية ولا صورية فى الزواج» نعم؛ لكن ما الحلُّ إذا أحبَّ الرجلُ امرأةً أخرى؟! أو إذا كانت هناك ضرورة تفرض عليه التعدد؟! إنه يلجأ إلى أخفِّ الضررين وإن وُصم بالجبن! يلجأ إلى «الزواج العرفى» أو«زواج المسيار» بدلاً من لجوئه إلى الزنى.

إن تنازل الزوجة الثانية فى مثل هذه العقود عن بعض حقوقها، كالسكن أو النفقة أو المبيت، لا يعنى أنها راضية، إنها مضطرة لذلك، إما لـ«عنوسة»، أو «طلاق»، أو «ترمُّل» إلخ. لكنها تشعر بالظلم والإهانة بعد مدة من الزواج، بعدما تجد نفسها فى مواضع التُهم، هنا ينفد صبرها، فتبدأ بمطالبة الزوج بحقوقها، وأهم هذه الحقوق الاعتراف بشرعيتها فى حياة الزوج وفى واقع المجتمع، ولو أدى ذلك إلى بعث رسائل، ضمنية أو صريحة، إلى الزوجة الأولى؛ لإعلامها بأن لزوجها زوجة أخرى. وهناك من الأزواج فى هذه الحالة من يتخلص من هذه الزيجة على الفور؛ لجبنه الشديد، أو لأنه لا يحتمل طلبات هذه الزوجة (الثانية) التى يكون من بينها الإنجاب مثلاً، وهناك آخرون يذعنون لمطالبها، فيقع المحذور ويكون له ما بعده.

إن نظرة فاحصة تؤكد أن ما يخسره المجتمع يعادل أضعاف أضعاف ما تكسبه الزوجة الأولى من جراء إرغامها الزوج على التخفى بزواجه الثانى، والمؤكد أنها -أى الزوجة الأولى- أول الخاسرين؛ فلا تزال فى حلق الزوج غصَّة من هذه الزوجة (الإرهابية) التى زرعت فى قلبه الشك والخوف وانتقصت قوامته -على الأقل أمام نفسه وأمام زوجته الأخرى. ومن المؤكد أيضًا أن الزوج سوف يرد لها الصاع صاعين عندما تُتاح له الفرصة.. إن هذا يعنى أن حالة من الاحتقان بدأت داخل الزوج، سوف تُترجم إلى سلوك ناقم على تلك «المخلوقة المستبدة» التى لا ترحم ولا تسمح بفرصة لرحمة الله! ولو اعترفت الزوجةُ الأولى للزوج، بالزواج من أخرى -إذا كان ذلك ضرورة بالنسبة له تستطيع أن تقدرها هى بعقلها لا بعاطفتها- فإن ذلك يرفع من رصيدها عنده، ويُبْقِى على الود والمحبة بينهما. لكن أين العقل لديهنّ؟!